بقلم : شرين عرفة

اليوم، واليوم فقط ..اتضحت الحقيقة وظهرت آيات الله،
وحكم قضائنا الشامخ : ببراءة "محمد السيد حسني مبارك" رئيس مصر المخلوع ووزير داخليته حبيب العادلي وجميع مساعديه، من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة الخامس والعشرين من يناير.

و"مبارك" لشعبنا المصري ،الذي أثبت للعالم كله أن مشكلة مصر الأذلية لم تكن ابدا في فراعينها، أو حكامها الفاسدين، بل هي كما ذكرها الله تعالى في كتابه الحكيم ،متحدثا عن فرعون وبطشه{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}(سورة الزخرف54) 
هكذا ببساطة، يتحدث جل وعلا في أول الآية عن فرعون ،ويصف حكمه بأنه إستخفاف بالشعب المصري، وبدلا من أن يستكمل الآية كما بدأها بالكلام عن الفرعون، يكملها بالكلام عن شعبه ،ويصفهم بأنهم قوم فاسقين ..

وحين يقول تعالى متحدثا عن لسان موسى قائلا لأتباعه(سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ )(145) سورة الأعراف
يختلف المفسرون في تأويلها ،
فمنهم من يقول : أنها جهنم ، ومنهم من يقول : أنها منازل من هلك من الجبابرة والعمالقة ومصارعهم،
ثم يذهب آخرون إلى القول بأن دار الفاسقين هي دار فرعون وقومه ألا وهي مصر،
وقد بين ذلك في تفسيره "الطبري"،وذكرها أيضا "الألوسي".

نعم : ليست المشكلة في فرعون وإحتقاره للشعب المصري وإستخفافه بهم، بل المشكلة في الشعب ذاته الذي رضي بالإحتقار و قبل بالذل والإستخفاف ،بل وغنى للمجرم تسلم الأيادي.

وإن كان للإنقلاب العسكري على ثورة يناير من نعم ؛فأكبر نعمة له أنه فرق وميز في مصر بين شعبين : شعب ثائر حر شريف ، وشعب فاسد جاهل مغيب، رضي أن يكون من جند فرعون أو سحرته أو أبواقه الإعلامية أو قضاته أو أعوانه أو خدمه المخلصين.

فعلا ..أجرم مبارك في حق شعبه ثلاثون عاما : فبعد أن سرق أموالهم ونهب ثرواتهم : قمعهم وبطش بهم  وأفقرهم وأذلهم وشردهم وجهلهم وهمشهم وقتل واعتقل وسحل و عذب من أعترض منهم وتكلم.

ولكن هل تعلمون من هو المجرم الحقيقي ؟؟

ليس مبارك أو حاشيته الفاسدين ولا صنيعته وتلاميذه الذين يحكمون مصر الآن ،

إنما المجرم الحقيقي : هو الشعب الفاسد الجاهل المغيب المضلل الفقير المذلول المهمش الذي هتف اليوم أمام قاعة المحكمة قائلا : يحيا العدل ،وآسفين يا مبارك.

إن هؤلاء هم المجرمون حقا ..

مبارك و العادلي وجنودهما لم يقتلوا المتظاهرين وحدهم، بل اشترك معهم وتفوق على إجرامهم من تركهم يموتوا وجلس هو في بيته بدون عذر يشاهدهم على الشاشات وهم يقتلون.

وقتلهم من نزل في شارع "مصطفى محمود" متظاهرا إبان ثورة يناير دفاعا عن مبارك مطالبا ببقائه في الحكم.

وقتلهم من كان يصرخ في الشوارع في وجه المتظاهرين في كل حين قائلا لهم :كفاية بقى خربتوا البلد.

وقتلهم من خرج على الحاكم العادل الذي أراد إصلاح ما أفسده طغاة مصر وأجتهد فأصاب وأخطأ، فخرجوا عليه في نكسة الثلاثين من يونيو؛ رافضين لحكمه،محملين إياه كل خطايا من سبقوه، ومازالوا بغبائهم وجهلهم يعاندون ويستكبرون.

قتلهم من خرجوا لتفويض السفاح "عبد الفتاح السيسي" في قتل وحرق كل من يعارضه ويطالب بعودة المسار الديمقراطي للبلاد، بحجة القضاء على إرهاب محتمل -لم يكن قد حدث بعد ؛وصنعه السيسي لاحقا-، مهللين له بكل فجور وإجرام :"افرم يا سيسي".

قتلهم وقتل آلافا بعدهم من الثوار الأحرار الشرفاء كل مؤيد بالقول أو الفعل لحكم السيسي وقادة العسكر للبلاد، ومعهم كل متواطيء وكل مهادن وكل متخاذل،بل وكل ساكت عن الحق في زمن الطغاة والفراعين في أي وقت وفي كل حين.

و"مبارك" عليكم دار قوم فاسقين.

●نقطة ومن أول السطر ، ثورة تاني من جديد
،يا شعب مصر الحر الشريف.

 

[email protected]