بقلم : صادق أمين
أخي .. يا مٓنْ أذكره عند الغروب و أفتقده بين الصفوف و لا يخفى عليه أن جراح دعوتنا تنبض بالدم في كل مكان : ( إن مٓنْ يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً ، و لكنه يعيش صغيراً و يموت صغيراً ، فأما الكبير الذي يحمل عبء الدعوة الكبير ، فما له و النوم ، و ما له و الراحة ، و ما له و الفراش الدافئ و العيش الهادئ و المتاع المريح ؟! ) . سيد قطب
فلا تتوار و لا تنسحب و سر مع الهمم العالية ؛ إذ الضعف _ أياً كانت أسبابه _ جريمة .. جريمة لا يغتفرها شيء إلا أن يكون في حدوده المأمونة التي لا تسقط في مهاوي الخطأ ولا تُضيع من قدمي صاحبه الطريق.
( ففي القرآن لا توجد سورة باسم " الهزائم " و لا سورة " خسائر الأرض و الأوطان " و " دخول العدو في قلب البلاد " ، و لكن توجد سورة " النصر " و سورة " الأنفال " ، و سورة الأنفال اسمها يدل عليها ؛ إنها سورة القادة الذين لا يعرفون من المعارك الانهزام و تولية الأدبار ، و لكن يعرفون من المعارك النصر و الغنائم ، و لا يعرفون هزيمة و لا فشلاً و لا إخفاقاً بل يعرفون الأنفال التي تتبع الفوز ) . شوقي أبو خليل
هذي هي دعوتنا التي علمتنا كيف نتهجى حروف أبجدية العزة ، و أن يغمض الشهيد منا عينيه و هو يوقن أن من ورائه رجالاً صادقين ، لا و لن تسترخي قبضتهم على درر الحق التي معهم .
أصرخ فيك _ أخي _ صرخة العباس يوم حنين بأمر رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : يا معشر الأنصار .. يا أصحاب السمرة ، هلموا إليّ أيها الناس .. فأجابوا : لبيك لبيك ، و جعل الرجل منهم يريد أن يثني بعيره فلا يقدر على ذلك ؛ فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه و يأخذ سيفه و ترسه ثم يقتحم عن بعيره فيخلي سبيله في الناس ، ثم يؤم الصفوف ، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة رجل استقبلوا الناس فاقتتلوا، " ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و أنزل جنوداً لم تروها ) .. و عقّب جابر بن عبد الله قائلا : " و اجتلد الناس ، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين ".
فعلى هؤلاء - و الكلام لسيد قطب _ " قامت العقيدة لا بالزّبد الذي يذهب جفاء و لا بالهشيم الذي تذروه الرياح " ، و من قبله قال خالد بن الوليد : " إن أمة يتزاحم أبناؤها من أجل الشهادة لا تعرف الهزيمة "...إنه الفقه النظيف الطاهر .
فيا أخي .. اركب معنا و لا تكن مع الغارقين ؛ و قل لي _ بالله عليك _ : إذا لم يُسمع صوتك الآن فمتى يُسمع؟! .. و إذا لم تُطلقك الآن دعوتك سهماً إلى صدور الطغاة فلمن تُعدك إذن ؟!
فالحر من راعى وداد لحظة و انتمى لمن أفاده لفظة ، و صدق الشاعر :
إني إذا نزل البلاء بصاحبي *** دافعت عنه بناجذي و بمخلبي
و شددت ساعده الضعيف بساعدي *** و سترت منكبه العريّ بمنكبي
و أين هو الآن ؟؟؟ ... إنه ما بين شهيد و معتقل و مطارد و مجاهد صابر في الميدان ، فقل لي يا أخي : أين أنت الآن ؟؟؟