بقلم - شرين عرفة :

تبكي الأم الثكلى ابنها المجند الذي قتل في سيناء ، تذرف الدمع على فلذة كبدها الذي راح، تبكي على من فقدته، بعد أن كانت ترتجي أن يكون سندها في الحياة، 
تلك المرأة الساذجة المغيبة هي النموذج المثالي لواحدة من قوم فرعون في كل العصور، المرأة التي تحمل من الجهل والغباء في عقلها ما ينوء بحمله الجبال، 
المواطنة التي أنبتها عبد الناصر، وترعرعت في عهد مبارك ، إلى أن صارت شجرة خبيثة تسلق عليها السفاح ،قاتل المصريين، ووصل بها إلى حكم  البلاد.

تبكي المرأة وليدها وأغلى ما لديها، فتستعيد أمجاده وبطولاته من وجهة نظرها الأعمى وعقلها المغلق ؛ فتقول مفتخرة : "أنا ابني بطل ، أنا ابني عمل البدع ،وقتل وحرق الناس ، وكان بيأخذ أشلائهم ليعرف إذا كانوا من حماس أم لا ،أنا ابني كان بطل في "النشان" وأنا قلت له احتفظ بالسر، البلد مليانة بالإخوان ، لكن طالما مات ،فأنا سأعلن هذا الكلام "

هكذا أفهموها المسكينة ، وأفهموا من قبلها الذي هلك في سيناء ، أن  الذي يقتل ويحرق ابناء وطنه هو البطل، وأن حماس هي العدو، وان إسرائيل هي الجارة والصديقة، والقائد الذي خان ،ويخشى على رقبته من القصاص ،أوامره أهم وأغلى من أوامر الله ،وها هو الآن القاتل بشهادة أمه، الذي باع دينه بدنيا غيره؛ أصبح بين يدي الإله، وأفضى إلى ما قدم، وحسابه على الله،
الذي يمهل ولا يهمل.

ثم العجب العجاب ، في رد المذيعة السفيهة ، واحدة من سحرة الفرعون في الإعلام ،حين تقول للأم : "اصبري يا "حجة" فابنك شهيد ، وطالما مصر لم ترجع ، سيسقط مزيد من الشهداء"
ولم تشرح الحمقاء ، أي شهادة تلك التي ينالها قاتل الأبرياء ، وأين ذهبت مصر ؟!! ومن أين سترجع؟!!، وقد عادت بالفعل تحت حكم الطواغيت الأغبياء.

الأم المكلومة، التي طعنت في صدرها بوفاة ولدها ، نسيت بجهلها وقلة عقلها ان من قتلهم الغالي لهم أمهات، قد فجعوا في مقتل فلذاتهن ،وأحترقت قلوبهن برؤية جثامينهم متفحمة،

وأنهن -قطعا- قد رفعوا أكفهن للعليم الخبير، يشكون إليه ظلم الفرعون وجنوده ،وفجورهم وطغيانهم على الناس،وقد قال تعالى في محكم آياته: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(سورة النساء93)

*ومن قتل يقتل ولو بعد حين

وأن القدير الذي أغرق فرعون الأول والأشد بأسا هو وجنده؛ قادر على أن يهلك فرعون الأخير ويهلك جنده، والجزاء من جنس العمل، {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَ جُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}(القصص8) ، فالطاغية وجنوده متساوون في الإثم ،مشتركون في الحكم ؛ فجميعهم خاطئون،وقد عاقبهم الله في الدنيا بنفس العقوبة {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ}(القصص28)
ثم توعدهم بعذاب في القبر قبل عذاب يوم القيامة ،قال الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب}ِ (غافر:46)

لا عذر لجاهل رضي بقتل إخوانه من شعب مصر تأييدا للفرعون المأفون، ولا عذر لحاقد فوض السفاح في ذبح من يكرههم ،بحجة أنهم إرهابيون، ولا عذر لقاتل سفك قطرة دم واحدة، من دماء أطهر ما أنجب هذا الوطن ،فجميعهم عند الله مجرمون.

وانظر قوله تعالى :{وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ} إلى أن قال :{ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ }(17، 22سورة الدخان) فلولا إجرام قوم فرعون في حق أنفسهم؛ لما رضوا بالظلم وسكتوا على الطغيان، ولم يجد الطاغية منهم سوى الرضوخ والإذعان،
كما أنهم فاسقون ،قال تعالى متحدثا عن الفرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}(سورة الزخرف54)

وسنقتص منهم جميعا عند الملك الديان، وسترد الحقوق لأصحابها ،إن لم يكن في الدنيا ،سيكن في يوم الدين،{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } (17_19سورة الإنفطار)
صدق الله العظيم.

رابط الفيديو :

والدة الشهيد تامر تقول : ابني عمل البدع وموت ناس …: http://youtu.be/BusjTfu9PXY

[email protected]