قلم : حسن القباني :
 
يذكرنا ارتقاء الشهيد الدكتور طارق الغندور بعد قتله عمدا وتركه ينزف بحور من الدماء الطاهرة بأحد سجون العسكر ، بارتقاء الشهيد خالد سعيد قبيل ثورة 25 يناير ، فاستشهاده جاء في ظروف شبيهة ، وسط لامبالاة ومكابرة من عصابة الدم الحاكمة بالنازية والفاشية ، وانتشار مناخ قمعي اقصائي واجراءات ارهاب دولة تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء ، ليكون ايقونة ثورة قائمة وحسم قادم ولاريب.
لقد ارتقى 89 معتقلا في سجون السيسي حتى الآن ، بحسب احصائيات حقوقية نقلتها صحفة " طارق الغندور ..دمك ثورة "، والتي دشنها أصدقاء الشهيد طارق الغندور علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ، وهو رقم يشكل بمفرده مذبحة تنضم لمذابح كثيرة وقعت للتمهيد للانقلاب العسكري وبعده ، خاصة أن بعد ساعات من ارتقاء الغندور لحق به المعتقل أبو بكر القاضي مريض السرطان  الذي استشهد في سجنه بذات السبب: القتل العمدي بعد اهمال طبي متعمد، ومن المفترض أن يزعج ذلك الرقم كل من في قلبه ذرة انسانية وفي عقله ذرة تفكر ، ولكن غاب العقلاء تماما في معسكر الانقلاب ، وإلا لما كان المرضى والنساء جزء من رهائن عصابة السيسي للضغط علي الثورة المتواصلة ضد انقلابه.
كانت - ولازالت - تقتضي الفروسية وشرف الخصومة ، أن يخرج من الصراع أوراق تشين الممسك بها ، كالمرضى والنساء ، لإن استمرار استخدامهم وكثرة الجرائم بحقهم يحول الانقلاب الي احتلال ، ويحمله قياداته الغبية تبعات ذلك التحول على الأرض والفكر ، وهو اتجاه يدفع اليه الكثيرون من الغاضبين ، وهو ما يمهد لانفلات الأمور وتعقيد الموقف في ذلك استيلاء جمعية أولاد المورستان علي السلطة بالبنادق والدبابات  واصرارها على اللعب بالنار .
ولعل انتفاضة السجون والميادين التي تبنها  التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب بداية من 18 نوفمبر الجاري ، خطوة جديدة نحو وضع جرائم السجون تحديدا علي طاولة المشهد الملتهب شرقا وغربا وداخليا ، ليدق جرس انذار وتحذير ، ويحذر أولاد المورستان من مغبة الاقدام علي توسيع دائرة الجنون ، فالقرارات الطائشة والاجراءات المختل عقل مصدرها  من المحتمل جدا في ظل الواقع الحالي أن يقابلها تحركات طائشة واجراءات هوجاء من أي غاضب ، ويمكن لأي مراقب أن يجد صدى ذلك في أي عينة عشوائية لرواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في جيل الشباب الذين اقترب صبرهم على النفاذ وقد يكون غضبهم الكاسح بين لحظة وأخرى، وهي لحظة لا يستطيع أحد مهما كان وقفها.
إن الشهيد الدكتور طارق الغندور ، بات أيقونة واضحة لانتفاضة السجون والميادين وما بعدها من انتفاضات وموجات ، فكل ملامح المظلومية وكل معالم البطولة تجسدت فيه ، وترشحه كايقونة ثورية جمعت بين التميز العلمي والأخلاقي والسمو الانساني والثبات الثوري والصمود القوي والوعي الثوري والاخلاص والتواجد في كل مواطن الثورة برداء المهنة والفكرة ، فمنذ موقعة الجمل مرورا بمجزرة محمد محمود وصولا الي محرقة رابعة لم يتخلف ولم يرى الدم ألوانا !.
ليكن طارق الغندور قدوة ثورية للثوار  ، وليكن استشهاده وقودا للغضب ، ولتكن دمائه ثورة ، ولنتقدم جميعا نحو اسقاط كل من خان وغدر : عسكر ، فلول ، منصر ، ولتكن بوصلتنا منضبطة بشرع الله عزوجل ووعي ثوري متكامل ، ولنشحذ همتنا بقراءة سير شهداء ثورتنا المجيدة ففيها مداد الأمل والفخر ، وفي مقدمتهم سيرة بطلنا القائد الشهيد طارق الغندور ، ولنعيش في رحاب القرآن دوما ، ولنقرأ اذا شئنا قوله تعالى : (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ( 42 ) مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 ) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب).
------------------------------
*منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح