طارق أمين

لا تستطيع أي أمة أن تتحدث عن الاستقلال أو حرية اتخاذ القرار دون تحديد دقيق لأدوات القوة المتاحه لها والأهم أن تفصل ما بين أدوات القوة الناعمه وأدوات القوة الخشنه في صراعها مع المحتل أو المستبد – فكلاهما واحد الأن- فقد استعاض المحتل بالمستبدين لتنفيذ أجندته بدون تعريض قواته لخطر؛ فالآن يقوم المستبدون بتلك المهمه. وتبقي أدوات القوة الناعمة هي صاحبة اليد الأعلي في الوصول إلي الاستقلال ولكنها ليست بالضرورة أن تكون هي اليد الوحيده.

القوة الخشنه تبدأ من الرجم بالحجارة حتي القنابل النوويه وهي احد اختيارت المقاومة لا جدال في ذلك؛ فكل أدوات القوة الناعمة بداية من القدرة علي الحشد وحتي جماعات الضغط السياسي لم ولن تحقق انتصارا علي الاستبداد او الاحتلال.

وتستطيع القوي التي تدير الحراك المقاوم أن تبقي متصدرة للمشهد ما دامت تحسن اختيار أدوات المقاومة وتتحرك بوعي وإدراك طبقا لأهداف محدده ليس بالضرورة إعلانها و لكن دائما التحرك المخطط يخلق ثقة في نفوس الشارع والثوار. وبالتأكيد اختيار توقيتات تغيير أدوات وتكتيكات المقاومه هي أحد أهم القرارات التي يتخذها رأس الكيان المقاوم.

ويعتبر التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب هو رأس الحراك المقاوم قبيل الانقلاب العسكري حتي الأن وقد استطاعت قياداته الحفاظ  علي استمرار الحراك المناهض للانقلاب – لا نستطيع القول المقاوم للانقلاب – حتي الآن.

كانت الكلمة الشهيرة علي منصة رابعة بالخامس من يوليو 2013 " سلميتنا أقوي من الرصاص" أحد محددات الثورة المصرية حتي الآن ليس فقط من 3 يوليو ولكن من 25 يناير 2011  واستطاع تحالف دعم الشرعية بصموده الحفاظ علي التوجه العام مع تحمل الضربات العنيفة المتتالية وربما كان اعتماده علي تغيير موازين القوي لصالحه مع مرور الوقت. ربما حدث ذلك ولكن المؤكد أن معيار الحسم في هذه المعركة المفصلية لن يكون فقط بآليات القوة الناعمة ولكن ستدخل أدوات القوة الخشنة إلي معادلة الصدام؛ وعلينا أن نوقن أولا أن السؤال لم يعد هل نستخدم أدوات القوة الخشنة بل سيكون السؤال ما هو سقف استخدامها و كيف نرسخ للفكر الجديد في عقول الثوار.

لا جدال حدثت بعض الاستخدامات للقوة الخشنة أثناء الاحتجاجات السابقة ولكن المؤكد أنها كانت تحت ضغط العنف الأمني ولم تكن كإطار فكري أو تنظيمي لذلك فهو يظهر كومضات علي الطريق وليس كخط ثابت واضح للجميع. ولا جدال أيضا أن التحالف الوطني لا يسيطر علي كافة الشارع وأفعاله ولكن المؤكد أن له دور مهم في الحفاظ علي التوجه العام.

وعند مرور سريع علي العام المنصرم نجد أن أستخدام القوة الناعمة قد حقق أقصي سقف ممكن منه سواء باستخدام امكاناتنا وادواتنا او بسبب أخطاء الانقلاب.

فقد  تمددت الثورة أفقيا وتجذرت داخل المجتمع المصري وأصبح تكرار سينارير 11 فبراير غير ممكن لأننا تجاوزنا مرحلة الثورة القشرية. كما كان من حصاد السنوات الاربع السابقة في عمر الثورة أن ارتفع جبل جليد الفساد المدفون تحت الماء الي السطح؛ كما وصلت الثورة لحاضنة شعبية مقبولة تستطيع حماية الثوار؛ أود أن أوضح أنه دائما يمكنك زيادة حاضنة الثورة الشعبية ولكن هناك محددات حتي تأخذ قرارك بالتوقف عن تبني هذا الهدف وهي؛ ما هي معدلات ازدياد الحاضنة الشعبية وما هي المضار التي ستنتج عن استمرار الكتلة الفاسده في السلطة وهل وصلت الكتلة الصلبة للثورة إلي النقطة المخططة لبدئ تطوير الحراك؟

لقد أدي التحالف الوطني دوره خلال العام المنصرم واستطاع تجاوز الضربات العنيفة له واستطاع كبح جماح الغضب والحفاظ علي استخدام أدوات القوة الناعمة فقط

ولكن عليه إن أراد أن يستمر كرأس للحراك أن يتجاوز القوة الناعمة ويتحرك في اتجاه أدوات القوة الخشنة وعليه تحديد سقفها لأن الاستمرار بنفس الأدوات الحالية هو تبريد للثورة المصرية وعليه أن يتحمل نتائج قراراته الخاطئه في توقيتات مفصلية عندما فضل عدم الاصطدام مع الدولة العميقة بعد 11 فبراير فابتلعته في 3-7 

صحيح لم تستطع القضاء عليه ولكنها وضعته في مربع ضغير تحت السيطرة  وكما أعتقد أن الدولة الفاسدة بأدواتها المتعددة تعلم جيدا سقف قيادات التحالف وتضع خططها بناء علي ذلك ولكي يستطيع التحالف الاستمرار كرأس للثورة لابد أن يفكر خارج الصندوق بعقول مختلفة حتي يستطيع التفاعل والالتحام بالشارع.

وعليه أولا حسم قراره الاستراتيجي الذي يبدو حتي الآن أنه متردد فيه

هل يعد لثورة حقيقية أم أنه لا يزال يريد إصلاح النظام السياسي باستخدام أدوات النظام الحالي

سؤال يبدو متأخرا ولكنني أري أنه لم يحسم بعد

ربما لا زال الوقت متاحا لحسم الاجابة الان قبل المضي في تطوير الحراك المقاوم ليبدأ في استخدام أدوات القوة الخشنة. أما إذا تأخرت عن ذلك فلابد أن نقدم خالص الشكر للتحالف الوطني علي حفاظه العام الماضي علي استمرار الحراك الثوري ولكن يبدو أنه غير مستعد لتطوير حراكه ومن أجل نجاح الثورة أو علي الأقل محاولة  إنجاحها فعلي الثوار إعادة تكوين رأس ثوري آخر قادر علي تطوير الحراك.

------------
باحث سياسي