بصدور الحكم بالسجن أربع سنوات لنحو 37 طالبا أزهريا وغرامة 30 ألف جنيه ، بتهمة الاشتراك فى أحداث الشغب والعنف والتظاهر دون الحصول على تصريح مسبق من الجهات المختصة .
ينضم هؤلاء الى غيرهم من مئات الطلاب القابعين بالسجون منذ شهور ، بسبب تظاهرهم الرافض للانقلاب العسكري الذى يهمن على البلاد منذ الثالث من يوليو الماضى .
ولم يعد غريبا أن تتجاهل تلك الأحكام القاسية قيادات الأزهر ، بداية من شيخ الأزهر الذى اختار من البداية الوقوف فى صف الانقلاب ، أو رئيس جامعة الأزهر المستمر فى منصبه بعد سن الستين كمكافأة ، على قيامه بفصل عددا من الطلاب والطالبات ، ومنعهم من دخول المدن الجامعية ومن دخول الامتحانات الى جانب فصل عددا من أساتذة الجامعة .
كما يعد أمرا غريبا أن يتجاهل تلك الأحكام من يسمون بالنخبة من السياسيين ، وقيادات الأحزاب وكتاب الأعمدة بالصحف الحكومية والخاصة ، حيث الهدف الواحد للجميع وهو ارضاء قائد الانقلاب ، سواء طمعا فى عطائه أو خشية بطشه ، أو خوفا من فتح ملفاتهم الشخصية واذاعة مكالماتهم الشخصية فى حالة عدم انصياعهم لرغباته .
وليت الأمر يقتصر على الصمت والتوارى خجلا عن عدم استطاعة الجهر بالحق ، لكنه اتساقا مع التردى الأخلاقى والمجتمعى ، تطوع كثير من أفراد تلك النخبة المعروف فسادها للكافة ، باطلاق سيل من الاتهامات الكاذبة لهؤلاء الطلاب الشرفاء ، بل مطالبة بعضهم بالمزيد من القسوة معهم ، وكأن ما حدث معهم غير كاف !.
- ونسى الجميع أن حق التظاهر حق دستوى فى كل بلاد العالم المتحضر ، حتى فى دستور الانقلاب نفسه ، ونسوا أن قائد الانقلاب قد استند الى المتظاهرين فى الثلاثين من يونيو فى قيامه بانقلابه على الرئيس الشرعى المنتخب ، ونسى هؤلاء أن قائد الانقلاب طلب من المواطنين النزول للتظاهر لتفويضه .
كما ينسى الجميع أن حق التظاهر مكفول وبحماية من الجيش والشرطة والبلطجية لمؤيدى الانقلاب فقط ، سواء فى ميدان التحرير أو بميدان القائد ابراهيم بالاسكندرية ، أو فى غيرها من الميادين بالمحافظات ، مع قيام الطائرات بإلقاء الهدايا عليهم ، بينما يتم إلقاء الغاز والخرطوش والرصاص الحى على الآخرين .
- هل نسى قادة التنظيمات السياسية تباهى كل منهم بما قام به من تظاهر ومعارضة للأنظمة خلال حياتهم الطلابية أو الشبابية ، ألم يقل هذا دائما المرشح الرئاسى الكومبارس وقادة التحالف الاشتراكى مرات عديدة ؟
ويبدو أننى كنت حالما وأنا أنتظر الانصاف من هذه النخبة المجرمة ، التى تواصل حصد المال والنفوذ على حساب الحقيقة ، وعلى حساب المصالح القومية للبلاد ، حين أطلب منهم موقفا تجاه اعتقال وحبس وسجن الطلاب .
بينما هم قد صمتوا مع مقتل الطلاب الذى تكرر مرات عديدة بجامعة الأزهر والقاهرة وعين شمس وغيرها من الجامعات ، فمن سكت عن الدم فقد مات ضميره ، وتحول الى كائن آخر لاصلة له ببنى الإنسان .
- أسئلة عديدة تثور مع توالى عقاب الثوار من الطلاب بهذا القسوة ، أين علماء السياسة والاجتماع ؟ الذين يدركون أن الشباب هم طليعة التغيير فى كل المجتمعات ، وأن المجتمعات التى تنهض هى التى تتيح الحرية لشبابها للتعبير عن آرائهم وابتكاراتهم ، وأنه بدون رفض الواقع فلا تقدم لأى مجتمع ، أليس هؤلاء الشباب هم قادة المستقبل ؟ وماذا نتوقع لحال بلادنا عندما يتولون أمورنا وقد ذاقوا طعم الظلم والافتراء ؟
- من كل ما سبق ، أعتذر نيابة عن كل اعلامى شريف وعن كل مصرى حر رافض لممارسات الانقلاب الدموية ، لهؤلاء الطلاب والطالبات الأبطال ، ولأسرهم التى تحملت عناء الانفاق عليهم فى مدرجات الجامعة وفى زنازين السجون ، وأحيى ثباتهم وصمودهم وعطاءهم رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة .
ونحن على ثقة من تعويض الخالق لهم عاجلا أو آجلا ، فلن يضيع الله أجر من أحسن عملا ، ونحن شهود على طهارتهم ونقائهم ، وأنهم لم يتلفوا شيئا كما يدْعُون عليهم ، وسيأتى اليوم الذى يظهر الله فيه الحقيقة ، وما يتم من زج بعناصر للتخريب خلال المظاهرات لتشويه صورة الطلاب الشرفاء ، والاستعانة باعلاميين فاقدين للمهنية يكتفون بنشر بلاغات الداخلية الكاذبة دون تدقيق وتمحيص لإجلاء الحقائق .
- ويظل السؤال هل هذا البلد هو الذى قام بثورة فى الخامس والعشرين من يناير ؟ وذاق طعم الحرية والكرامة وكسر حاجز الخوف ؟ ، وهل يمكن أن ينساق كل هؤلاء السياسيين والاعلاميين والحكوميين ، وراء نزوات ورغبات قائد الانقلاب فيوافقونه على ما يقوله ، مهما كان شاذا وغريبا ، ومهما كان مدمرا للسلام الاجتماعى ومحدثا للمزيد من الانقسام المجتمعى ومُريقا للدماء .
كيف يتحول تيار سياسى له جذوره الضاربة بالمجتمع وينتشر أفراده فى كل قطاعات المجتمع ، وحاز على الغالبية فى انتخابات ديموقراطية عديدة ، الى تنظيم ارهابى غير مسموح له بالوجود بالمرة ، لمجرد رغبة فى ذلك من قبل قائد الانقلاب كى يغطى على مجازره التى ارتكبها ، ورغم اعلان الداخلية نفسها عن ارتكاب تنظيم معين للحوادث التى استندوا اليها فى اتهاماتهم .
وكيف يتحول تنظيم شبابى من تيار رافض للدكتاتورية الى تنظيم محظور ، لأنه تجرأ ورفض ممارسات قائد الانقلاب ، رغم أنه كان شريكا لهم فى مظاهرات الثلاثين من يونيو .
أليس منكم رجل رشيد يواجه قائد الانقلاب بجرائمه ومجازره ؟ ، وما تسبب فيه من كوارث طوال الشهو الماضية التالية للانقلاب الدموى ، وما لحق بأرزاق الناس من ضرر نتيجة تراجع الاستثمارات والسياحة والتحويلات وارتفاع معدلات الفقر والتضخم والبطالة .
- أين الضمير ؟ وأين النخوة ؟ ألا تخجلون من أنفسكم ؟ وكيف تواجهون أسركم وأقاربكم بأفعالكم ؟ وماذا سيكون موقفكم أمام الناس عندما يندحر الانقلاب الدموى ؟ والذى نراه قريبابإن الله ، وفوق كل ذلك ماذا ستقولون لربكم عن صمتكم وتخاذلكم وخنوعكم وافتراءاتكم ؟