شيرين عرفة :

مسأله :

"سمعتُ حضرتك تستدل بقصة إبراهيم -عليه السلام- المشهورة مع الملك الظالم على عدم وجوب الدفاع عن العرض إذا كان الإنسان يغلب على ظنه أنه سيُقتل وتؤخذ زوجته أو ابنته؛ لأن في هذا مفسدتين، وفي فتوى سابقة قرأتُ لحضرتك أنك قلتَ في الدفاع عن المال: إنه إذا علم أنه سيقتل إن لم يعطِ اللصوص ماله فلا يجوز له أن يقاتلهم أو يقاومهم، بل يجب أن يسلم لهم المال حتى لا يُقتَل... والسؤال: هل كذلك تقول حضرتك في العرض أن مَن علِم أنه يقتل وتغتصب زوجته أيضًا فيجب عليه ألا يقاتلهم أو يقاوم المجرمين؟

جاء هذا السؤال الموجه لـ ”ياسر برهامي"  (نائب رئيس الدعوة السلفية وعضو الهيئة العليا لحزب النور)  عبر موقع ( أنا السلفي)

فكان رد  برهامي على السائل كالتالي:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فالنقل الذي اعتمدتُه في الإجابة المذكورة هو كلام الإمام العز بن عبدالسلام -رحمه الله- في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، وهو إنما ذكر وجوب تقديم المال لحفظ النفس، ولم يتعرض لمسألة العرض، ولكن مقتضى كلامه ذلك أيضًا؛ ولكن انتبه أن هذا الأمر إنما هو في حالة واحدة، وهي العلم بقتله وأن تغتصب، وأما مع احتمال الدفع؛ فقد وجب الدفع بلا خلاف".

وتابع قائلاً: "هو في هذه الحالة مكره، وسقط عنه الوجوب على مقتضى كلام العز بن عبدالسلام -رحمه الله- وغيره، ولكن نعيد التنبيه أنه مع احتمال الدفع يجب الدفع، مع أن صورتك في السؤال صورة ذهنية مجردة؛ إذ كيف يكون غرضهم اغتصابها ثم إذا قتلوه لم يغتصبوها؟".( انتهت الفتوى)


*وهنا  الداعية السلفي ( ياسر برهامي)  أباح في فتواه للزوج عدم الدفاع عن عرض زوجته وإنقاذها  إذا ظن الزوج أنه سيقتل على يد المغتصب، وأنه لا حرج عليه أن يتركها تغتصب حفاظًا على حياته.

ففي هذه الحالة ليس واجبا عليه  الدفاع عنها،  كما أنه معذور إذا فر هاربا وتركها كي ينجو بنفسه .

*قد يقول قائل أن هذا القياس الذي بنى عليه برهامي فتواه هو قياس فاسد،  لأن المال ليس كالعرض،  كما أن الفتوى هي مخالفة صريحة للحديث الصحيح
( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) (مسند الإمام أحمد)

فهذا الحديث الصحيح يدعو صراحة للدفاع عن الأعراض والأوطان والدماء ويحض على ذلك،  ويعد من يفعل ذلك بأنه إذا مات فهو شهيد، 

*وقد يقول آخر أن الاستشهاد بقصة نبي الله إبراهيم مع الملك الظالم الذي أراد أن يأخذ منه زوجته السيدة سارة فادعى سيدنا إبراهيم أنها أخته وتركها له ودعا الله أن ينجيها منه،

والتي ذكرت في العهد القديم ( سفر التكوين)   و لم يثبتها ابدا ولم يقرها لا القرآن الكريم ولا صحيح السنة ، إنما هو استشهاد مغلوط.


*وقد يتهم البعض برهامي بأن فتواه تلك تروج لـ"الدياثة" وبيع الشرف، وتجعل من المسلم إنسان دنيئ النفس وخسيس يفر هاربا من الدفاع عن زوجته ويتركها لمن يريدون أن يغتصبوها كي ينجو بحياته .

*كما قد يقول قائل أن هذا الكلام لا يمكن أن يصدر عن "مسلم" يعرف القليل عن دينه، فلا يتصور ابدا أن يفرط إنسان في عرضه من أجل الحفاظ على ماله أو حياته.

فحماية الأعراض والنفس هي أحد مقاصد الشريعة الإسلامية، وبالتالي فالفتوى خاطئة وفاسدة ولا تستند على دليل صحيح.

** وأنا هنا لا أنفي كل ما ذكر.. بل أقره وأؤيده .

ولكني أريد فقط أن أنبه بأن المسألة ليست مجرد فتوى فاسدة.. أو قياس خاطئ..

بل الأمر من وجهة نظري أكبر من ذلك،
فتلك الفتوى العجيبة والتي لا يقرها عاقل،  إنما هي جزء من دور  حزب ( الزور )  في الحياة ،  الحزب الذي تم صنعه بأيد رجال الأمن والمخابرات للقضاء على الثورة المصرية،  و المسمى خطأ  ب( حزب النور) 

- حزب ضرار تأسس من أجل تشويه التجربة الإسلامية وتفجيرها من الداخل.. ثم تم استخدامه بعد ذلك كممسحة قاذورات يطهر بها الإنقلاب الغاشم وجهه، 

*** حيث يقوم بدور المحلل الشرعي للطاغية الذي يريد أن يغتصب حكم البلاد والعباد.

*في البداية...  كانت مهمته فقط أن يقف على باب الغرفة  ك( محجوب عبد الدايم)  في فيلم القاهرة 30، ويظهر بلحيته في الصورة  بجانب الطاغية المنقلب وهو يعلن بيان اغتصابه للحكم .

 

*ثم جاء الدور له بعد ذلك  أن يتكلم بلسان شيخ القرية في فيلم (الزوجة الثانية) و الذي لا يعرف من القرآن سوى قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء:59]

يدعو الزوج للرضا بتطليق زوجته ليتزوجها العمدة صاحب القوة والنفوذ  ،

* فحزب الزور الذي دعا المصريين من قبل للتصويت على الدستور  تحت حكم جواز أكل الميتة،
ثم رأينا قادته بعد ذلك ( برهامي وبكار)  يتحدثون عن الفوائد الصحية لأكل الميتة وطعمها اللذيذ وعن مدى استمتاعهم بها،  حيث تباروا في تعديد مزايا هذا الدستور،  و وصفوه بأنه أفضل من دستور 2012، وطالبوا المواطنين بضرورة التصويت بنعم.

*ها هو الآن برهامي تحت شعار ( الدياثة منهج حياة )  جاءت فتواه لتبرر للزوج هروبه وتركه زوجته في أيدي الغاصبين،  وتعطيه العذر في ذلك،


كما أنها في ذات الوقت  دعوة للمجتمع و المواطنين للرضا والقبول بالإنقلاب العسكري وإغتصاب الجيش لحكم البلاد،   والتبرير لهم عدم الدفاع عن الوطن إذا سرق حكمه ونهبت مقدراته ( حفاظا على حياتهم) ، طالما أن السارق يمتلك أسلحة ومدرعات ودبابات تمكنه من قتلهم....

فمن يهرب لينجو بحياته تاركا زوجته وشرفه وعرضه فريسة للمجرمين الغاصبين،  أولى له أن يفر بنفسه تاركا الوطن لمن يريد أن يسرق حكمه أو ينهب ثرواته.

هي إذن.... ليست مجرد فتوى...
بل هي جزء من دور _محدد سلفا_ لحزب ( الزور ) في مصر.

----------

شرين عرفة
[email protected]