رضا حمودة : 

 

صار من الواضح بما لا يدع مجالاً لأى شك حقيقة ونوايا ما يسمى ب"حزب النور" المنتسب للدعوة السلفية اسماً فقط بأنه لا يمثل الدين ولا الشريعة فى شىء اللهم إلا (اللحية) التى باعها أيضاً فى أول اختبار حقيقى بعد انقلاب 3 يوليو، وما هو إلا مجرد أداة تحركها الجنرالات أو بالأحرى ذراع أمن دولة العسكر الذى دفع باتجاه تأسيسه بعد ثورة 25 يناير وساهم فى تمويله لاستكمال مخطط إفشال الثورة والانقضاض عليها ليكون مناوئاً لجماعة الإخوان المسلمين (الجماعة الأكثر جاهزية وتنظيما فى البلاد رغم الأخطاء ) تحت عناوين الشريعة والمصطلحات الإسلامية  لدغدغة مشاعر الجماهير المتدينة البسيطة التى من السهل أن تثق بسرعة فى المظهر الاسلامى( اللحية والجلباب) حتى انكشفت الخديعة الكبرى والتى مفادها باختصار أن حزب النور ما هو إلا (الحزب الوطنى بزيادة اللحية).

يكفيك نظرة سريعة على مواقف حزب النور بعد 25 يناير ومنذ تأسيسه وتناقضاته بعد الثلاثين من يونيو وانقلاب 3 يوليو 2013 كى تتعرف على دور الحزب الرئيسى على الساحة السياسية ومن يديره ويقف وراءه ، فالحزب كما يدعى دائماً ينادى بالحفاظ على الثوابت الدينية وحامى حمى الشريعة الإسلامية التى لن يقبل المساس بها بحالٍ من الأحوال ، وإذا بالثوابت تتحول بقدرة قادر (وكله بالكتاب والسنة!!) إلى متغيرات خدمةً لطبيعة المرحلة ومراعاة أخف الضررين كما يدعى .. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن جلّ تركيز الحزب كان على قضيتين لطالما صدّع بها الرؤوس وألهب بها المشاعر والنفوس وهما وجوب وفرضية " اللحية " وقضية " التشيّع" فضلاً عن التشبث والإصرار على المادة 219 المفسرة للمادة الثانية والخاصة بالهوية والشريعة الإسلامية فى دستور 2012 المشارك فيه الحزب بشكل رئيسى، ثم تنازل عنها بكل بساطة وخفة وانتهازية مقيتة مراعاة للمصلحة العليا للبلاد وحرصاً على التوافق الوطنى على حد زعمه فى وثيقة الانقلاب 2014!! ..فلم يكن الهدف أبداً نبيلاً وما كان الغرض شريفاً ، بل على العكس تماماً كانت شعارات ووسائل للابتزاز والنصب باسم الدين لمناكفة وتعويق وإفشال الرئيس محمد مرسى من ناحية وإظهاره على أنه لا يبالى بقضايا الشريعة من ناحيةٍ أخرى رغم أنه ابن التيار الإسلامى والحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين) التى تمثل الخصم والعدو اللدود لقطاع صغير ينتمى للتيار السلفى فرع أمن الدولة ولا يعبر بالطبع عن التيار السلفى العريض.

حزب النور اعترض بشدة على وصول فوج من السياحة الإيرانية فى ابريل من عام 2013 قبل انقلاب 3 يوليو خوفاً من فتنة التشيع وتذرعاً بالحفاظ على الدين والشريعة من الاختراق من نشر المذهب الشيعى حتى وصل الحد إلى التهديد بمحاصرة المطارات التى تستقبل هؤلاء الكفرة وإجبارهم على العودة إلى بلادهم على متن الطائرات التى  تقلهم إلى مصر ، وحذر الحزب آنذاك من أن إيران تسعى لاستغلال هذا التقارب لنشر المذهب الشيعى ، وإذا بالموقف يتبدل ويتحول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بعد 30 يونيو وتعود السياحة الإيرانية إلى مصر أواخر مارس المنصرم بسلام ولا تسمع صوتاً على الإطلاق لهؤلاء الذين حملوا راية الدفاع عن الدين والشريعة واعتبروا أنفسهم أصحاب الحق الحصرى فى التحدث باسم الدين كما كان الحال أيام الرئيس المغدور محمد مرسى .

أما قضية اللحية والتعامل معها على أنها أم الأولويات وأساس التدين ومعلوم من الدين بالضرورة كان واضحاً وجلياً فى قضية (الضباط الملتحين) فكانت بحق قضية عادلة لكنه الحق الذى أريد به باطل حيث تاجر حزب النور بالقضية فى الفضاء الإعلامى والسياسى فى الشهور الأخيرة من عهد الرئيس مرسى وكأنها قضية الساعة رغم تأكيدى دوماً على مشروعية المطلب شرعياً وقانونياً ومن منطلق الحرية الشخصية أيضاً ، ثم تبخر موقف الحزب القاطع من القضية بكل مرونة وتخاذل فباع القضية فى أول اختبار بعد 30 يونيو ، ففى شهر فبراير الماضى تم فصل عشرة من الضباط الملتحين بوزارة الداخلية ولم نسمع تعليقاً يتيما لأحد قيادات الحزب يستنكر ما حدث بل على العكس تماماً فقد علق (على نجم) القيادى بحزب النور أن الناس تحتاج إلى الأكل والشرب والمدارس والأمان وبعدها يمكن التفكير فى المشاكل الأخرى (لاحظ هنا تسفيه المطلب عن عمد وجعله فى ذيل الاهتمام على عكس ما كان منذ شهور إبان حكم الرئيس مرسى حيث كان فى قمة الأولويات ويحتل حيزاً أكبر من حجمه لدى الذهنية الحاكمة للحزب) ويضيف (نجم) القيادى بالحزب فى تصريحاته لجريدة" الوطن" الداعمة للانقلاب بتاريخ 8 فبراير الماضى أن مصر بها مشاكل أكبر من اللحية والضباط الملتحين وأهم من إطلاق اللحية(حسب قوله) وعلينا عدم الالتفات لتلك الأمور والتركيز فى المشاكل التى ينبغى حلها للنهوض بالمجتمع والخروج به من المأزق ، وتابع قائلاً : على الإنسان الالتزام بالعمل وبالقوانين التى ينتمى لها العمل . انتهى تعليق القيادى بحزب النور(السلفى) والكلام لا يحتاج لمزيد من البيان والإيضاح عن نوايا الحزب وطريقة تعاطيه للأحداث والمواقف والأساس الذى يمارس عليه سياساته ومدى انتماءه للمشروع الإسلامى من عدمه والخلل الواضح فى فهم فقه الأولويات  ، وكيف أنه يطوّع النصوص الدينية بكل خبث لخدمة الأسياد ولتحقيق مآرب أخرى بعيدة تماماً عن خدمة الدين وصلاح الدنيا ، فالحزب يخلع ملابسه قطعةً قطعة (على طريقة الإستربتيز السياسى) حتى لم يبق ما يوارى به سوءاته كاشفاً عن عوراته بكل قبح يوماً بعد يوم مهما ساق من مبررات واهية ودفوعٍ ضعيفة عاجزة لا تنطلى سوى على المرضى والمغفلين لندرك بكل ثقة أنه بحق حزب الزور التلفى.