م. أحمد المحمدي المغاوري :

كتب شوقي وهو ينعي سقوط الخلافة العثمانية. قصيدة كان منها
وَأَتَت لَكِ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَمًا *** فَقَعَدنَ فيهِ مَقاعِدَ الأَنواحِ
يا لَلرِجالِ لَحُرَّةٍ *** مَوؤودَةٍ *** قُتِلَت بِغَيرِ جَريرَةٍ وَجُناحِ
إِنَّ الَّذينَ أَسَتْ جِراحَكِ حَربُهُمْ *** قَتَلَتكِ سَلمُهُمُ بِغَيرِ جِراحِ
قرأت هذه الأبيات فأحببت أن ابعثها إلى مصر الحبيبة المحروسة المقتولة المسروقة .
 فما يمارس فيها الآن من انتهاكات في مصر لا تكاد توصف. بعد الانقلاب الفاشي من استباحة للدماء والأموال والأعراض ومن تعذيب وانتهاك للحرمات في السجون ومن مطاردة واستباحة للبيوت بل لقد أصبح ﺧﺑرا ﻋﺎدﯾﺎ وﻣﺄﻟوﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺣف والتلفاز وحتى بين الناس.
 فنقرا ونرى ونسمع  كل يوم ما يحدث للحرائر وللشباب والأطفال وغيرهم من الآلاف في سجون مصر. فلم نكد تصدق أن من يفعل ذلك بشرا من بني الأنس، فقد تجاوزت قلوب الانقلابيين كل حدود القسوة فلا تلين ولا تندى،ولا تنبض بخشية ولا تقوى من الله.فهل نسمي هؤلاء بشر؟ لقد سماهم الله بالبهائم بل هم أضل.وصدق الله إذ يقول{وَلَقَد ْذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179]، ووصفهم سبحانه بأن لهم قلوب قاسيه كالحجارة وربما ظلمنا الحجارة فالحجارة يصيبها اللين والرحمة فقد خُلقت قاسيه لوظيفتها وهي أن تحافظ على ثبات الأرض واستقرارها ولكن في باطن الحجارة الرحمة فإن منها ما يتفجر منه الماء ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء ومنها ما يهبط من خشيه الله، قال الله وهو يصف قلوب بني إسرائيل"ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" فيا ليت من يحكم مصر لهم قلوب كالحجارة في ظاهرها تحافظ على ثباتها واستقرارها وفي باطنها تحمل لشعبها الخير وهي مليئة بالخيرات، بل تخشى الله،قال تعالى { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله}[الحشر:21] فلا تظلموا الحجارة،إن قلوب الانقلابيين المجرمين الذين سرقوا مصر منذ عقود لم تكن كالحجارة في قسوتها الظاهرة.بل تجاوزتها فكانت أشد قسوة على مصر والمصريين.حين أحس العسكري الانقلابي أن جبال الذهب القابع عليها في مصر ستؤخذ من، فهاج وماج كالبغل وتنمر كالتمساح وتلون كالحرباء وتسلل كالثعبان .فكان الانقلاب الفاشي!
نعم لقد وصل الانقلابين إلى حد أن نصفهم بالنازية،ففعلوا ما فعلوه في هلوكوست"محرقة رابعة" فأي قلوب هذه التي  تفجر الرؤوس وتخرق البطون والعيون وتسحل الأجساد وتنتهك الأعراض في السجون ، وتصعق بالكهرباء في أماكن العفة وتغط الرؤوس في الماء في الظلمة وتجلد بالسياط وتحرق بالنار ولا يعذب بالنار إلا رب النار، قلوب تعذب الحرائر البنات!! إلى درجة أن تلد الفتاة وهي مكبلة بالقيود وأن تخرج إحداهن مشلولة على الكرسي من شدة التكييل والتعذيب ،أتساءل أيُ قلوب هذه؟!! التي تجاوزت كل معاني القسوة فلم تصبح في شدة الحجارة وقسوتها بل هي أشد وأشد. قلوب قاسية جاسية مجدبة يقتلون أناس بغير حق جريرتهم أنهم مارسوا الديمقراطية وذاقوا الحرية وتنسموا عبيرها، فأبوا أن يعيشوا عبيد للفرعون لا يقبلون الضيم ولا ينزلون على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية من دينهم ووطنهم وشرعيتهم،جريرتهم أن قلوبهم تلين لذكر الله، فشتان شتان بين قلب وقلب وشعب وشعب ، شعب ذاق طعم الحرية والكرامة ينظر إلى المعالي،وشعب يحن إلى الذل والخنوع والركوع لغير الله وينظر إلى الدنايا.
والأدهى والأﻣَر أن نرى ترحيبا لهذا التعذيب والتنكيل وتبريرا ﻣن سفاحي إعلام الانقلاب ومن فوضهم من الأسافل والأصفار. إن اللسان يعجز عن وصف ما يرتكبه الانقلابيين من مجازر ووحشيه وبذريعة أﻧﮭﺎ ﻣن قبيل اﻟﺿرورات اﻟﺗﻲ ﺗﺑﯾﺢ اﻟﻣﺣظورات، ويا ليت من يتفيهق ويلبس لباس التقوى من مشايخ الانقلاب وهو يتحدث عن مقاصد الشريعة أن يكون من أهل الاجتهاد والحل والعقد بل نجدهم لا يعرفون لغة الكلام أو الحوار، فالذي يعرفونه فقط  لغة الدم والنازية الفاشية والإقصاء للآخر،وهذا ما جعل الأستاذ فهمي هويدي  يكتب مقالات تلو الأخرى بعنوان "ﺻﺎﻓرات اﻟﺣزن اﻟﯾوﻣﻲ" و" أصداء نازيه" و"مؤامرة" وغيرة كتبوا عما يحدث للشباب في السجون.أمثال محمد وﺟﯾﮫ أﻣﯾن ﻣﺣﺎﻓظﺔ اﻟﺟيزة ﻟﺣزب ﻣﺻر القوية،وﻋﻣر ﺟﻣﺎل اﻟﺷوﯾﺦ الطالب ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزھر،وأماني حسن وهي من الحرائر خرجت مشلولة على كرسي متحرك من جراء التنكيل بها وهي بنت لا حول لها ولا قوة!! فما بالنا بالشباب والرجال وما يجري لهم داخل غوانتاناموا"سجون مصر".
إن تاريخ العسكر عبر الانقلابات  لحافل بالتنكيل والتعذيب والقتل لمن يقف لهم كما هو حافل بالالتواء واللجاجة والكيد والدس،والقسوة والجدب،والتمرد والانقلاب.
- فمن حق من؟ أن يعطي الفرصة لأن يحكم هؤلاء الغوغاء مصر ثانية!! كيف؟؟ وصدق القائل "إن البعض لا يستحق أن تعطيه فرصة أخرى فكأنك عندئذ تعطيه رصاصة ثانيه ليقتلك بها ذلك لأن الأولى لم تصبك". روي في الأثر عن أبي ذر:"كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا شوك لا ورق فيه " وهكذا السفاحين الانقلابيين سكين في ظهر مصر فلم يرحموا مصر بل يريدون قتلها وخرابها وان ظل السادة سادة والعبيد عبيد البيادة.
لك الله يا مصر
-------------
 كاتب وباحث في الشئون الإسلامية