اسماعيل حامد
أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الاندونيسية التي أجريت الاربعاء 9-4 أن الأحزاب الإسلامية استطاعت أن تتفوق على نفسها وأن تحافظ على حجمها في الشارع السياسي الاندونيسي وكذبت كل استطلاعات الراي التي أشارت إلى أن تلك الأحزاب ستفقد الكثير من شعبيتها وأنها ستهبط من 25% في انتخابات 2009 إلى 20% في الانتخابات الحالية، فقد أجرى أكثر من 40 مركزاً بحثياً استطلاعات رأي وكلها أشارات إلى تدني أصوات الأحزاب الإسلامية، فجاءت الانتخابات الأخيرة وأثبتت أن الأحزاب الإسلامية أقوى مما ظن الكثير من المحليين ومراكز الأبحاث، وذلك رغم حملات التشويه التي أثيرت حول تلك الأحزاب من قبل وسائل الإعلام المختلفة التي هاجمت تيار الإسلامي السياسي ممثلا في حزب العدالة والرفاهية، وخاصة بعد أن تم اتهام رئيس حزبه السابق الأستاذ لطفي حسن اسحاق بالفساد المالي وتم حبسه ، مما دفع الحزب لاختيار الأستاذ أنيس متى ليكون رئيسا للحزب في هذه المرحلة الحرجة، فقاد الحزب بكفاءة واقتدار لمواجهة تلك الحملة الشرسة عليه، حملة شاركت فيها قوى غير اندونيسية حيث تم الاستعانة ببعض علماء مصر في جولات دينية على بعض الولايات الاندونيسية لتشويه تيار الاسلامي السياسي وعلى وجه الخصوص جماعة الإخوان المسلمين .
ويمثل التيار الإسلامي الإندونيسي بكل أطيافه خمسة أحزاب سياسية ، متنوعة ما بين الحركات الدينية التقليدية إلى تيار الإسلام الحركي الوسطي في مقابل سبعة أحزاب قومية وعلمانية ويسارية، وقد جاءت نتائج الانتخابات لتثبت قوة التيار الإسلامي وتقدمه فحققت زيادة كبيرة غير متوقعة، حيث ارتفعت نسبة تلك الأحزاب من 25.9% في انتخابات 2009 الى 31% في 2014 ، مما يعني أنها كسرت أرقام الأحزاب القومية التي كانت تسيطر على أكثر من 70% من الأصوات والتي تم كسرها لأول مرة ، وكانت نتائج الأحزاب الإسلامية على النحو التالي :
1- حزب النهضة القومية ( نهضة الوطن) وهو إسلامي يميل نحو الليبرالية : وهو حزب الرئيس السابق عبد الرحمن وحيد والذي انبثق عن حركة نهضة العلماء التقليدية، وهو أكثر الأحزاب الإسلامية فوزاً واستفادة من هذه الانتخاباتـ حيث ارتفعت نسبته من 4.9% في انتخابات 2009 إلى 9.2% في 2014
2- حزب الأمانة الوطنية والذي أفرزته الجمعية المحمدية والتي يتبعها قرابة العشرين مليون إندونيسي، وقد زادت قوته وارتفعت نسبة الحزب من 6% في انتخابات 2009 إلى 7.5% في 2014
3- حزب العدالة والرفاهية : وهو يحمل فكر الإخوان المسلمين : وقد تعرض لحملة شرسة بعد اعتقال وحبس رئيسه، وكانت التوقعات تشير إلى نزول نسبة الحزب من 7.9% في انتخابات 2009 إلى اقل من 4 % ولكنه استطاع ان يحافظ على نسبته ويخسر جزءا قليلا منها بحصوله على 7.1% في الانتخابات الأخيرة
4- حزب الوحدة والتنمية ( التنمية المتحد ) وهو يمثل أحد الأحزاب الإسلامية التي انبثقت من حركة نهضة العلماء، وقد ارتفعت نسبة الحزب من 5.3% في انتخابات 2009 إلى 6.7 في 2014
5- حزب النجمة والهلال والذي انبثق عن حزب ماشومي الإسلامي، وهو الحزب الإسلامي الوحيد الذي دخل هذه الانتخابات ولم يستطع أن يحصل على النسبة التي تؤهله لدخول البرلمان وهي 3.5 % ، حيث حصل الحزب على 1.6 % فقط من الأصوات
وهكذا أثبتت الأحزاب الإسلامية قدرتها على المنافسة بقوة في الانتخابات البرلمانية الإندونيسية ، وتقدمت خطوة للإمام في المشهد السياسي الإندونيسي، وخيبت كل التوقعات والتحليلات واستطلاعات الرأي التي أجريت في الأشهر الأخيرة، وبهذا الفوز يأتي التساؤل المشروع : هل يمكن أن يتغلب الإسلاميون على خلافاتهم وتجاوزها والاتفاق على رئيس مرشح في الانتخابات الرئاسية ينزلون به أمام القوى العلمانية والقومية، هل يمكن أن يحدث ذلك ونرى رئيساً صاحب توجه إسلامي يحكم أكبر دولة إسلامية ؟ هذا ما ستظهره الأيام القادمة .