وائل الحديني

بالطبع لا نقصد الطيب والقبيح والشرس أحد اشهر كلاسيكيات السينما الأمريكية، وافلام الوستيرن، فالتمايز فى مجتمعنا أصبح سهلاً والخلط تنحى والمسميات أمست اكثر وضوحاً.

أما الطيب فالجميع يعرفه بالمعاني الإيجابية للمصطلح وليست السلبية كما يدعي (الفم الكبير) عاصم بكري، فالطيب يملك من الاوراق الكثير وغضبه فى شهر أغسطس حينما أخرج الجيش العتيق من لعبة السياسة بعد أن احترفها لستة عقود (فأردانا)،  كان أكبر من إستيعاب الكثيرين من مفتولي العضلات الهوائية والظواهر الصوتية.

فيما تتداخل الصفات بين الساذج والشرس والقبيح، فالمدخلات متشابهة والمخرجات كارثية.

أوحى إليهم بعض تفكيرهم العقيم أن مرسي هو الأقدر على إزاحة الجيش (المرعب) بعد ذلك سيكونوا أقدر على إزاحته. لا يدركون مآلات الأزمات التي يختلقونها ومدى تأثيرها.

يفتقد هؤلاء السلوكيات الطبيعية، ويمتلكون سلوكيات منحطة اعتبر مالك ابن نبي مجرد وجودها فى كتابه الذّي ظهر عام 1948 شروط النهضة، مؤشراً على القابلية للإستعمار، فاحتدام المعركة بين السلوك العالي والمنحط يترتب عليها إما (فرد) عصي على الاستعمار ولو كانت بلاده مستعمره بالفعل أو (فرد) مستعمر ولو كانت بلاده متحرره لم تسقط بعد فى براثن العدو المتحفز.

تفتت الشبكات الإجتماعية، وانتشار العدائية وتضخم مساحة الكراهية والاستقطاب الحاد، والمادية المفرطة التي تختزل الوطن فى سلعه يهرولون على اقتسامها، نظرية التنافس للقضم والابتعاد عن المسئولية وشيوع نفسية الهدم، والتفرق والابتعاد عند البناء، ظواهر خطيرة تحتاج إلى وقفه، وهي إجراءات استدعاء الاستعمار الصريح أو القيام بدور كدوره فى التفتيت والتشرذم وتعميق الشرخ.

إن العبارات الفاضحة القبيحه المسطره على حوائط قصر الإتحادية التي لا يقرها عاقل أو صاحب مرؤة تتعدى بنظري إشكالية الحروف والكلمات والمعاني المجرده بسلبيتها إلى كراهيه وحقد مبيت يتم تغذيته وتضخيمه عبر شخصيات هزلية ارتزاقيه لا تملك الرؤية لكنها غارقه فى السطحية والتثوير.

الساذج المغيب فى الفضاء، والمتردد الهارب من فضائح مالية، والرجعي القبيح الذي يحن إلى زمن الديكتاتورية الحقيقية والخداع وخلع الروح الإنسانية وتسطحيها وتفريغها من مقومات النهوض، واليساري الثوري الشرس المبهور بالدموية الشيوعية، اخترعوا وابدعوا آلات مجوفة لا تحسن سوى الشتم والسب والهتك والحرق والتدمير بوسائل تتجاوز الاعتداء على الرئيس المنتخب وتقترب من المجتمع لتهتك ستره وتمزق ما بقي من قيمه.

أعتقد أن خليط الليبرالية المتوحشة واليسارية البائدة التي تقف وراء ظاهرة الفوضويين المقنعين باللون الأسود فى العمق والشوائب المغيبه على الأطراف، هي تقصد (الدين) بقيمه وضوابطه كعدو تاريخي حقيقي وأن الرئيس مجرد رمز.

الإنسان هو الشرط لأي مجتمع يريد النهوض وهو الشرط الأساس لكل حضاره.

هل الزعامات المزعومه المنصوبة ليل نهار امام كاميرات الفضائيات قادرة على صناعة هذا الإنسان (المرجو) وصياغة افكاره، هل تملك رؤى تصالحية مع النفس أولاً قبل الغير كمرتكز للبدء فى معركة النهوض، هل تملك إرادة التغيير القيمي؟ وفاعلية استثمار نتاجها فى البناء؟

أعتقد أن هؤلاء وأتباعهم فى حاجة ماسة إلى تاهيل نفسي ومعنوي، فى الوقت ذاته يجب أن نحترم إرادة الشعب فى الاستقرار ونتخذها حافزاً نبني عليه أساس التغيير القيمي والمادي، واضعين عامل الوقت فى الحسبان، فاستمرار المعاناه تخفض سحر الامل وتقتل ببطئ الطموح.

_________________
كاتب وباحث مصري