هي بالفعل حرب إعلامية منظمة، تشنها بعض وسائل الإعلام، هدفها إحداث أكبر قدر من الإرباك للرأي العام، وإشاعة مناخ من التشاؤم، ونشر الإحباط تجاه أداء أي سلطة منتخبة.

وهي حرب تتحرك على عدة محاور؛ المحور الأول هو السياسي، وتهدف من خلاله قوى سياسية لتشويه جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، والتيار الإسلامي عموما، بسبب تصدره للمشهد السياسي، لتحقيق مصالح سياسية للتيار العلماني. والمحور الثاني هو الضغط وربما الابتزاز، لتحقيق مصالح رجال أعمال لديهم مشكلات في معاملاتهم مع الدولة في عهد النظام السابق. والمحور الثالث هو العرقلة، والتي تهدف إلى وقف مسار التحول الديمقراطي، حتى لا تكتمل مرحلة وضع الدستور الجديد، ومرحلة الانتخابات البرلمانية، حتى لا يتم تأسيس النظام السياسي الجديد بصورة تعترض عليها بعض القوى العلمانية. والمحور الرابع هو حماية رجال النظام السابق، وتأمين عودتهم للحياة السياسية مرة أخرى، وغلق ملفاتهم القديمة، مما يمكنهم من القيام بدور سياسي، واستعادة مكانتهم وقدرتهم على الوصول للسلطة.

وهذه المحاور جميعا، تتجمع معا في خطط إعلامية متداخلة، لأن هناك رابط يحدث بين مختلف جماعات المصالح، من خلال علاقات متشابكة بين أطراف عدة، ينشأ بسببها تحالف بين قوى علمانية وقوى من النظام السابق ورجال أعمال. لذا تتوسع حملة التشويه والإرباك إلى حدود غير مسبوقة وعلى مدار الساعة، وبقدر من التكرار والإلحاح المبالغ فيه.

وكلما تحرك ملفات لبعض رجال الأعمال في دوائر الرقابة والتحقيق، تزايدت حدة الحملات الإعلامية، وصاحبها محاولات لهز الاقتصاد، وكأنها عملية ابتزاز سياسي، حتى تقف تلك الملفات وتغلق. واللافت للنظر، أن أغلب وسائل الإعلام لا تكشف تلك العلاقات بين رجال الأعمال والقوى السياسية والنظام السابق، ولا تقدم دعما لجهات التحقيق، حتى تكشف ملفات نهب المال العام. لتبقى منطقة التحالفات بين تلك الأطراف بعيدة عن الرأي العام. ويتضح هنا، سبب تأسيس العديد من القنوات التي يملكها رجال أعمال ارتبطوا بالنظام السابق، لأن تلك القنوات أو وسائل الإعلام، تستخدم كأوراق ضغط على الحكم، لحماية مصالح رجال الأعمال.

والضحية في هذه العملية هو المواطن العادي، والذي لا تصل له الحقيقة، بل ويستخدم لإشاعة جو من الإحباط، رغم أنه هو الخاسر الأول والأخير. وسوف يكتشف عامة الناس، بعد وقت ما، أنهم كانوا ضحايا صراع رجال المال والأعمال مع الثورة، وأن بعض وسائل الإعلام، كانت غطاءً لحماية المصالح المالية والاقتصادية، التي حققها رجال أعمال زمن النظام السابق. وأن حروب الإعلام، تهدف في الواقع لمنع التغيير والإصلاح، حتى يمكن استعادة منظومة النظام السابق، ومنع فتح ملفات التربح ونهب المال العام.