م/ محمد شكري علوان
تعريف الدستور
التعريف اللغوي:
الدستور كلمة فارسية، تعني الدفتر أو السجل الكبير الذي تكتب فيه أسماء الجند، والذي تجمع فيه قوانين الملك، وتطلق أيضا على الوزير، وهي مركبة من كلمة "دست" بمعنى قاعدة، وكلمة "ور" أي صاحب، وانتقلت إلى العربية من التركية بمعنى (قانون، وإذن) ثم تطور استعمالها حتى أصبحت تطلق الآن على القانون الأساسي في الدولة.
التعريف الاصطلاحي:
يعرف الدستور اصطلاحا بأنه (مجموعة القواعد التي تبين شكل الدولة من حيث "البساطة أو التركيب" ونظام الحكم فيها، وسلطاتها العامة، وطريقة توزيع هذه السلطات، وبيان اختصاصاتها، وعلاقة الأفراد بها، وبيان حقوق المواطنين وحرياتهم العامة وواجباتهم)
** وتعتبر القواعد الدستورية أسمي القواعد القانونية في الدولة، وأساس البناء القانوني بها، بحيث تصدر جميع القواعد القانونية في الدولة علي ضوئها وفي نطاقها، وكل خروج عليها هو والعدم سواء.
متى نشأت الدساتير ؟ 
** يتصف الغرب بالأنانية المطلقة والظلم البين، ويتضح ذلك لكل ذي عينين من خلال مطالعة ثقافاتهم في مختلف العلوم، فهم يتعمدون حذف ألف سنة كاملة من عمر وحضارة البشرية، بل أهم آلف عام في تاريخ البشرية من عام 500 ميلادية إلي 1500 ميلادية، وهي فترة البعثة المحمدية وتاريخ النهضة الإسلامية الشاملة، التي نورت الدنيا بأثرها، ويُسمونها العصور الوسطي أو العصور المظلمة، والأكثر من ذلك أنهم يتعمدون فصل الدين عن الحياة فيما يسمي بالعلمانية، لذا ينكروا كل جهود الرسل والأنبياء، والله سبحانه وتعالي العليم الخبير الحكيم، خالق الإنسان وكل المخلوقات جعل لنا الضوابط والأسس التي من خلالها يحيا الإنسان الحياة الكريمة قال تعالي: (لقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
** فقد عرفت البشرية الدساتير الإلهية مع رسل الله الكرام، وكان من أعظم الدساتير المكتوبة والفريدة في تاريخ البشرية ما اقره سيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم عند الهجرة إلي المدينة المنورة فيما سمي بــ "وثيقة المدينة المنورة" 
** وفي ظل (شريعة الله عز وجل، والشورى المبدأ الإسلامي الراسخ،  واحترام وتقدير الإرادة الإنسانية، "ألسنة الخلق أقلام الحق" فيما لا نص فيه طبعا)، عاشت أمتنا حياة العزة والكرامة والتقدم، في الوقت الذي عاشت فيه غيرها في ظلام دامس، ومع تسلل الوهن إليها وبعدها عن شرعة ربها، وانتشار الطغيان والاستبداد، ثم يقظة الغرب علي  نور تراثنا في أماكن التماس في "الأندلس وشرق أوربا" تبدل الحال، فالنعم تزيد بالشكر و تُسلب بالجحود والنكران.
لقد أخذ الغرب الكثير من قيمنا ومبادئنا لإصلاح حياته سُميت "خوفا من القساوسة" (بالقانون الطبيعي وقواعد العدالة) والتي تدرس للطلبة حتى الآن بهذا الاسم. 
**  واختصارا حتى يتم الحديث عن مسودة الدستور الجديد : 
نقول لقد كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي الحاكمة والقاضية في حياة امتنا ومصرنا، لا ننكر استبداد الحكام وظلم الظالمين في فترات التاريخ والدول المختلفة، ولكن الفصام النكد في مصر بدأ جليا بعد الحملة المسمومة للغرب علي مصر المسماة بحملة نابليون بونابرت عام 1798 - 1801 والتي نشرت سمومها، وكانت ثورة علماء الأزهر للإصلاح وقدر الله أن يعتلي عرش مصر "محمد علي" وأولاده ليبدأ خط الانحراف عن الشريعة والمحاكم الشرعية وفتح المجال أمام الغرب والليبراليين ليفعلوا بمصر فعلهم، لتبدأ المجالس التجارية ثم المحاكم المختلطة، مع الاستبداد بالرأي والحكم وكان سلسلة النضال الشعبي المصري.
تاريخ الدساتير المصرية في العصر الحديث: 
** الدساتير المصرية في تاريخ مصر الحديث بدأت مع إصدار محمد علي باشا اللائحة الأساسية للمجلس العالي 1825، ثم أتبعها في يوليه 1837 قانون "السياسة نامة".... ويعد ذلك أولى المشاهد لهذه الدساتير
** في عام 1866 صدرت لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه في عهد الخديوي إسماعيل 
** تُوج نضال الشعب المصري ضد الانجليز والسرايا وخاصة في العقدين الأُول من القرن العشرين وحتي ثورة 19 بإصدار دستور عام 1923
**  توقف العمل بدستور 23 من عام 1930 حتى عام 1935، وأُعيد العمل به مرة أخري، وذلك بضغط شعبي (المظاهرات) حتى قامت حركة يوليو 1952 فالغي العمل بدستور 23 
** صدر أول إعلان دستوري في 10 ديسمبر سنة 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور سنة 1923
** في 10 فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري ثان متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال الفترة الانتقالية. 
** صدر في 16 يناير من 1956 إعلان دستوري مبشرا بدستور جديد، إلا أن العمل ظل مستمرا بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 حتى أجري استفتاء في 23 يونيو من ذاك العام 
** دستور 54 الذي أعدت مسودته لجنة مكون من 50 شخصية سياسية وثقافية واجتماعية كان من بينهم "السنهوري باشا" لكنه لم ير النور رغم ما احتواه من مواد جيدة في باب الحقوق والحريات 
**  تم إعداد دستور جديد بعد اتحاد الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وهو دستور الوحدة في مارس من 1956
** في عهد الرئيس السادات تم اصدرا دستور 1971 
**  تم تعديل هذا الدستور في 30 إبريل 1980 بقرار من مجلس الشعب. ليخدم السادات شخصيا
** وفي سنة 2005 عُدِّل الدستور مرة أخرى لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة... الشهير بتعديلاته للمادة 76
** وفي 26 مارس 2007 جرى استفتاء بموجبه عُدِّل الدستور مرة أخرى (وكان الاستفتاء علي تعديل 34 مادة من الدستور) 
**  هذا حتى كانت الثورة المباركة في الخامس والعشرين من يناير 2011 
يوم التاسع عشر من مارس 2011، يوم مشهود في تاريخ مصر، نطق بحضارة ورقي الشعب المصري، فبعد ايام من الثورة العظيمة يخرج الشعب العظيم في مشهد حضاري جليل، ليبدأ في بناء دولته ومؤسساته من خلال المشاركة في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية لمرحلة ما بعد الثورة وبعد موافقة الشعب كان الإعلان الدستوري الصادر في 23/ مارس 2011 مكونا من 62 مادة خلاف مادة النشر في الجريدة الرسمية
** الإعلان الدستوري المكمل ( المكبل)
نشر الإعلان الدستوري بالجريدة الرسمية في العدد رقم 24 مكرر بتاريخ 17 يونيو 2012. ("ارجع إلي الإعلان")
دستور الثورة
لقد كان من أعظم نتائج ثورة يناير المباركة، إعلاء الإرادة الشعبية، فكانت انتخابات مجلس الشعب والتي لم يشهد الوطن لها مثيلا في حياته المعاصرة، ثم انتخابات مجلس الشورى، ثم تُوج الأمر بانتخاب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، ولأمور لا مجال للخوض فيها الآن رفعت القضايا أمام المحاكم بشأن تشكيل الجمعية، وتم الحكم ببطلان الـتأسيسية الأولي، والجميل أن الجميع انصاع لحكم القضاء "وتلك مزية بدا ظهورها بشدة في مجتمع ما بعد الثورة علي المستويين الشعبي والرسمي، وأصبحنا نحث الخطى نحو دولة القانون بصدق، ثم كانت الـتأسيسية الثانية والقائمة بالعمل حتى الآن برئاسة المستشار "حسام الغرياني" وظهر الآن المسودة الأولي والثانية من المقترح بمواد الدستور الجديد، وإذا كانت التأسيسية الثانية لم تسلم من النقد كما لم تسلم الأولي وهذا شأن كل اللجان الذي انعقدت من قبل لإنشاء أي دستور، فإنها لماضية في عملها ونسأل الله التمام لهذا الأمر، فالوقت ليس في صالح البلاد والجميع في حاجة الي الاستقرار لبدء مسيرة العمل والإنتاج   
** الاطار القانوني للجمعية التأسيسية:
تنص المـــــادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 على أن: (يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء)
اللجان الفرعية 
لجنة المقومات الأساسية للدولة والمجتمع المصري 
تهتم بدراسة وصياغة أحكام مشروع الدستور المتعلقة بالموضوعات الآتية: 
• المقومات السياسية للدولة (شكل الدول) 
• المقومات الاجتماعية والخلقية. 
• المقومات الاقتصادية. 
لجنة الحقوق والحريات والواجبات العامة (56 مادة) 
تتولى دراسة وصياغة أحكام مشروع الدستور المتعلقة بالموضوعات الآتية: 
• حقوق المواطن المصري. 
• الحريات المختلفة. 
• الواجبات العامة. 
• حقوق التقاضي وسيادة القانون. 
• ضمانات حماية الحقوق والحريات العامة. 
لجنة نظام الحكم والسلطات العامة 
تختص بدراسة وصياغة أحكام مشروع الدستور المتعلقة بالموضوعات الآتية: 
• السلطة التشريعية من حيث تشكيلها واختصاصاتها وشئون العضوية فيها ونظام عمل البرلمان. 
• السلطة التنفيذية بفرعيها: مؤسسة الرئاسة والحكومة، من حيث تشكيلهما واختصاصاتهما ونظام عملهما، وحالات انتهاء ولايتهما. 
• السلطة القضائية من حيث المبادئ الحاكمة لشئون هذه السلطة وهيئاتها القضائية والأحكام المتعلقة بالقضاء العادي ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا. 
• القوات النظامية (القوات المسلحة – جهاز الشرطة). 
• الإدارة المحلية من حيث التنظيم الإداري المحلي للدولة والمجالس الشعبية المحلية والأجهزة التنفيذية المحلية. 
• تقنين العلاقات المتبادلة بين السلطات والمؤسسات الدستورية والأحكام المشتركة بين هذه السلطات. 
لجنة الأجهزة الرقابية والمستقلة 
تقوم هذه اللجنة بدراسة ما يخص الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وصياغة الأحكام المتعلقة بها في مشروع الدستور، وعلى وجه الخصوص ما يلي: 
• مراجعة وتقييم تجربة المجالس القومية المتخصصة ومدى جدواها والمفاضلة بين تحديثها وتطويرها أو التخلص منها وإلغائها. 
• تحديد مدى الحاجة لإنشاء هيئات مستقلة معاونة داخل مشروع الدستور مثل: المجلس القومي لحقوق الإنسان والمواطنة، المجلس القومي للإعلام والمعلومات... الخ. 
• بيان موقع الأجهزة الرقابية داخل مشروع الدستور، وبخاصة البنك المركزي، الجهاز المركزي للمحاسبات، وجهاز الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد... الخ. 
• دراسة جدوى إنشاء هيئة أو لجنة عليا موحدة ودائمة للإشراف على الاستفتاءات والانتخابات العامة بشتى صورها. 
• بيان مدى جدوى وضع أحكام داخل مشروع الدستور تنظم الأصول والمبادئ الحاكمة للمؤسسات الدينية الرسمية في الدولة وعلى وجه التحديد الأزهر الشريف والكنيسة المصرية. 
• وضع الأحكام المشتركة التي تجمع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وتنظيم علاقاتها المتبادلة مع المؤسسات الدستورية الأخرى. 
لجنة الصياغة العامة والبحوث 
تنهض هذه اللجنة بالمهام الآتية: 
• مساعدة الجمعية التأسيسية ولجانها في تقديم الرؤى والاقتراحات والأعمال التحضيرية اللازمة. 
• مراجعة وتنقيح وضبط وإحكام صياغة النصوص المقترحة لمشروع الدستور من قبل اللجان النوعية ومراعاة الوحدة العضوية والتنسيق التشريعي السليم لهذه النصوص. 
• تحديد مدى حاجة مشروع الدستور لديباجة وصياغة نص مقترح لهذه الديباجة في حالة التسليم بجدواها. 
• وضع الأحكام العامة والختامية والانتقالية لمشروع الدستور وصياغة النصوص المقترحة لهذا الباب من أبواب مشروع الدستور. 
• إدخال ما يلزم من تعديلات على الصياغة الفنية لنصوص مشروع الدستور في ضوء مناقشات الجمعية التأسيسية لهذه النصوص. 
• القراءة النهائية لمشروع الدستور قبل عرضه عل الجمعية التأسيسية وصياغته في صورته النهائية في ضوء ما تدخله عليه الجمعية التأسيسية أو هيئة مكتبها. 
أهم نقاط التميز في مسودة الدستور الجديد 
أولا : أعلاء قيمة الإرادة الشعبية في إنشاء الدستور 
وذلك من خلال الجمعية التأسيسية التي تكونت ولأول مرة في تاريخ الدساتير في مصر من خلال إرادة شعبية حرة، تمثلت في انتخابات برلمانية "الشعب - الشورى" لم تشهدها مصر من قبل، 
شهد بنزاهتها الداني والقاصي وعاشها الشعب بنفسه دون تدخل من سلطة أو نظام، وكانت الدساتير في الماضي في الدول الغربية ما هي إلا منحة من الإمبراطور أو الحاكم، ثم تطور الأمر مع مطالبة الشعوب بحقوقها وظهور نظريات العقد الاجتماعي إلي وجود جمعيات تأسيسية كانت تختار من قبل السلطة الحاكمة أو الحاكم نفسه ثم يتم الاستفتاء عليها من قبل الشعب، الي أن تطور الأمر وأصبحت الطرق الديمقراطية لإنشاء الدساتير تتمثل في طريقين هما: 
*** الجمعية التأسيسية المنتخبة: حيث يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه ليقوموا بهذه المهمة خصوصا، وأول من أخذ بهذا الأسلوب هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد استقلالها عن بريطانيا سنة 1776م.
*** الاستفتاء الدستوري: حيث يتم وضعه بواسطة جمعية نيابية منتخبة من الشعب أو بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض على الشعب في استفتاء عام ولا يصبح الدستور نافذا إلا بعد موافقة الشعب عليه
** وقد جمعت الجمعية التأسيسية الحالية الأمرين معا، فهي في ذاتها منتخبة علي درجتين، ثم بعد ذلك يتم الاستفتاء علي المنتج الذي ستقوم به 
ثانيا : عدم وجود أي سلطة لها تأثير علي أعمال الجمعية 
فقد تم تكوين الجمعية التأسيسية وانتخابها حال وجود المجلس العسكري وكان معلوما انه سلطة انتقالية محدودة بتسيير أعمال حتى انتخاب الرئيس ، وتمت قبل انتخاب الرئيس الجديد فليس له ولاية عليها، وبهذا فلا سلطان علي هذه الجمعية بعد  الله إلا ضمائر أعضائها وتلبيتهم للواجب الوطني وروح ثورة25 يناير، وأرواح الشهداء وأنات الجرحى ومصابي الواجب. 
** لذا فإننا نأمل أن يأتي الدستور معبرا عن آمال وطموحات الشعب متناسقا مع هوية الأمة ودينها وتراثها الفكري والحضاري. 
ثالثا: الفائض الثوري القائم والموجود الان في الشارع المصري: 
الكثير بدأ يضج من الحالة الثورية القائمة، وأراها بفضل الله علامة نهضة ويقظة ، نعم تحتاج إلي ترشيد وتسديد، ولكننا في الوقت ذاته في حاجة ماسة إليها، فلن يعود الاستبداد بإذن الله مرة أخري مادامت هذه الحالة قائمة، لذا أري الدستور القادم والذي ينشأ في ظل هذه الحالة سيكون مخاضه صعبا نعم ولكنه سيكون الأحسن، فلن تمر مادة دون نظر ومراجعة، ودائما وسط المحن يمن الله علينا بالمنح، فقد كانت الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الحيي ذو النورين، ومن ثم الاعتداء عليه وقتله، أمرٌ كان ومازال شاقا علي نفس كل مؤمن، ومع هذا كانت معه المنحة الربانية فرغم الخروج عليه ومحاربته ما نطق أحد بنقد أو قالة  سوء في العمل العظيم الذي قام به الراشد "عثمان" رضي الله عنه بشان جمع الناس علي المصحف بالرسم العثماني ليظل هذا التوفيق الإلهي دلالة وحجة قائمة علي حفظ الله لكتابه ووحيه في وجه الرافضة وغيرهم.
رابعا:
أن مشروع مسودة الدستور الحالية أسس وقعد لكل معالم الهوية، وجمع كل مقومات الهوية (الوطنية - العربية - الإسلامية - اللغوية - الانتمائية - الخلقية - الاقتصادية - الاجتماعية – والعالمية - الإنسانية)
خامسا:
استوعب مشروع الدستور الجديد من خلال المسودة المنشورة جميع الحقوق والحريات العامة لكل المواطنين في مصر، بل ولأول مرة يتحدث الدستور عن المصريين بالخارج وهي خطوة جيدة نتمنى أن تزداد في الشكل النهائي للدستور
سادسا:
أحدث المشروع الجديد للدستور تطورات هامه في سلطات الدولة تتناسب وأهداف ثورة يناير ( تم إحداث شراكة في السلطة التنفيذية بين الرئيس - ورئيس مجلس الوزراء) 
* كما تميز المشروع تميزا رائعا في مجال الإدارة المحلية.
سابعا :
استحدث هيئات ومجالس وطنية جديدة تتسم بالحرية والاستقلال في أداء عملها (لمحاربة الفساد - وتنظيم الإعلام - ومفوضية الانتخابات ...............الخ)
ثامنا:
من أعظم مميزات المسودة المطروحة للدستور الجديد ما ورد في المادة 221 والخاصة بتفسير المادة الثانية (مبادئ الشريعة الإسلامية وهي مادة وضعها هيئة العلماء بالأزهر، وتمثل تحديدا رائعا لكلمة مبادئ، كما تمثل قمة الوعي والرقي من حيث الموضوع، فقد حددت المبادئ [ بالأدلة الكلية "التي هي القران الكريم - السنة المطهرة - الإجماع - الاجتهاد او القياس - ثم الأدلة التابعة لهم] ثم اعتمدت أيضا القواعد الكلية الأصولية والقواعد الفقهية التي توافق عليها أهل السنة من أدلتها التفصيلية، هذا ما يثلج صدر كل مسلم بل كل مصري (وهذا النص هو ما حكمت به المحكمة الدستورية من قبل في تفسير المبادئ) 
تاسعا :
الشفافية الكاملة والمشاركة الشعبية الكبيرة، وجلسات الاستماع والنزول إلي المحافظات لاستماع أراء الأحزاب والقوي السياسية والجمعيات المدنية المختلفة، ومن الإنصاف والعدل أن نرد علي من يدعي أن الدستور لم يكتب في النور ، فوسائل الإعلام المختلفة، والندوات والمحاضرات أكبر رد علي من يدعي ذلك. 
أهم التحديات  التي تواجه إعداد الدستور الجديد
أولا: النقد الشديد والغير مبرر  علي أعضاء الجمعية التأسيسية 
لقد تحملت الجمعية التأسيسية كثيرا من العنت ، وانصرف الكثير إلي النقد الشخصي دون الموضوعي للجمعية سواء الأولي أو الثانية دون سبب جاد ، اللهم إلا الحقد أو المصلحة الشخصية، وقد اتخذ  المعارضون للتأسيسية طرقا متعددة منها التشويه الإعلامي، منها الطعن في الأشخاص، ومنها المغالاة في الحديث عن التوافق، بل والخروج علي كل الأمور المنطقية في النقد، وتطور الأمر إلي التعطيل من خلال الزج بالقضاء في المسألة، ومن المقرر عرفا أن أفضل الحلول للأمور السياسية الرجوع إلي العراف والجوار الخالي من الأنانية لا الزج بها في ساحات المحاكم والعلة فيما أقول واضحة لأصحاب اللب السليم.
ثانيا: الانفلات الإعلامي من كل الضوابط والقيم الحاكمة في المجتمع 
رسالة الإعلام رسالة عالية سامية حين يلتزم بالضوابط والقيم فيصير من أهم وسائل الوعي والتربية والتزكية، ولا يخفي علي أحد الدور السلبي الذي يمارسه الكثير من وسائل الإعلام الحكومي والخاص لإجهاض الثورة وتدمير كل منجزاتها، ولقد لعب دورا خبيثا لخدمة أصحاب المال والمصالح فنشر الإرهاب النفسي والفكري تجاه الشريعة الإسلامية والمنادين بها، وأستدل هنا بما قاله الدكتور الجنزوي إبان أحداث مجزرة بور سعيد (إن الإعلام يحارب الثورة أكثر من أي دولة معادية) 
ثالثا: حالة التربص والتحفز من قبل كل الاتجاهات والتيارات لا أستثني أحد 
الحالة المصرية الآن وبع الخطوات المقصودة والمدبرة من الثورة المضادة لإدخال البلاد في حالة من الفوضى المنظمة والمهدفة، والسعي لإشعال العديد من الفتن علي المستوي المجتمعي من إضرابات واحتجاجات فئوية ثم إدخال المواطن في دوامة عدم الاستقرار بخلق العديد من المشاكل "الوقود – الخبز – المواصلات – قطع الطرق الترويع الأمني ..... الخ)، وتعمد نشر أنواع من الغموض والضبابية تجاه المستقبل، ومقاومة ومحارة كل مؤسسة ثورية جديدة تأتي بإرادة شعبية "حل مجلس الشعب خير مثال"  كل ذلك حول شركاء الميدان بالأمس  -  سواء من الإسلاميين أو غيرهم - إلي متشاكسين اليوم، وحل سوء الظن والشك والريبة محل الثقة والتعاون، وزادت حالة الاستقطاب والأحادية، كل ذلك ألقي بظلاله السيئة علي أعمال وتحركات الجمعية ، وتنمني أن يدرك العقلاء أننا في سفينة واحدة، ولذا أثمن وأقدر ما يفعله الرئيس من لقاءات وتشاور مع الاتجاهات المختلفة. 
رابعا: الحرب المعلنة والمضمرة من أصحاب الهوى والمصالح 
هناك اتجاهات واضحة لكل ذي عينين ترغب العودة للوراء، تسعي سعيا حثيثا لهدم الثورة والقضاء علي الربيع العربي كله وبدا تحركهم في مسألة الدستور للحصول علي أي من الأهداف التالية:
• إدخال البلاد في حالة من الفوضى بتأخير إصدار الدستور، وإثارة الفتن في البلاد، ومن ثم تعطيل الإنتاج والتنمية والاستقرار  وهنا نسال أين (الدستور أولا ؟!  أم هي المخالفة في كل موطن) 
• محاربة كل ما يتصل بالشريعة وهوية الأمة ، لصالح المشروعات الغربية ، وهنا ندرك مدي الإجرام الذي مارسه النظام المخلوع في تخويف الناي من السريعة ، وعرضها مجزأة بما يخدم المصالح الغربية 
• محاولة فرض المنظومة العلمانية الغربية وما يدعونه من المعايير الغربية المناهضة لقيم الأمة وتراثها ، حتي تجرأ البعض ونادي بوجود الشواذ وغيرهم 
خامسا: عدم فهم البعض لطبيعة المرحلة ومتطلباتها 
مرحلة البناء تختلف عن مرحلة هدم القديم، والصبر والحلم والعمل والتضحية في حال البناء أكثر منها في حال المقاومة، لذا يجب أن تتسع الصدور، وتقبل الاختلاف في الرأي ، وإدراك  أن الإنصاف يقتضي النظر إلي الأمور بتجرد وحيدة والدوران مع الحق حيث دار شيمة الأحرار الكرماء وتجاوز الهم الشخصي إلي الاهتمام بالشأن العام طريق الثوار والكبار، لذا يجب النظر إلي الأمور ومنها أعمال الجمعية التأسيسية بهذا المقياس ومرحبا بالنقد الموضوعي الهادف فلا عصمة لمكتوب إلا لكتاب الله عز وجل.


 
 
					     
 
					     
									 
									 
									