حذّر مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة، الدكتور بسام زقوت، من مخاوف حقيقية من ظهور وباء جديد في القطاع، في ظل التدهور الحاد في الأوضاع الصحية والبيئية، وانتشار القوارض بين خيام النازحين.

 

وقال زقوت إن الجهات الطبية ترصد مؤشرات مقلقة لاحتمال انتشار مرض “ليبتوسبيروز” (Leptospirosis)، وهو مرض معدٍ ينتقل إلى الإنسان عبر التلامس مع بول الفئران والقوارض، التي تكاثرت بشكل لافت في مناطق النزوح المكتظة.

 

وأوضح أن خطر العدوى يزداد مع اختلاط مياه الأمطار والفيضانات الملوثة بفضلات القوارض، خاصة عند ملامستها لجروح في الجلد، مشيراً إلى أن الأطفال يُعدّون الفئة الأكثر عرضة للإصابة، ولا سيما أولئك الذين يلعبون في المياه الملوثة حفاة الأقدام داخل مخيمات النزوح.

 

وأضاف زقوت أن الطواقم الطبية، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، قامت بسحب عينات من عدد من المصابين لإرسالها إلى مختبرات خارج قطاع غزة، في ظل غياب الإمكانات المخبرية اللازمة محلياً، نتيجة الدمار الذي طال البنية التحتية الصحية خلال الحرب المستمرة.

 

وأشار إلى أن استمرار الحصار، وتكدس مئات الآلاف من النازحين في ظروف غير صحية، وانعدام وسائل الوقاية، يضاعف من احتمالات تفشي الأوبئة، محذراً من أن القطاع يواجه أزمة صحية مركبة تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لمنع كارثة وبائية جديدة.

 

ما هو “الليبتوسبيروز”؟

 

يُعدّ مرض “الليبتوسبيروز” من الأمراض البكتيرية المعروفة منذ أواخر القرن التاسع عشر، وارتبط ظهوره تاريخياً بالبيئات الفقيرة صحياً، وبحالات الفيضانات والحروب والكوارث الطبيعية. ويسببه نوع من البكتيريا اللولبية التي تعيش في بول الحيوانات المصابة، وعلى رأسها الفئران والقوارض، ما جعله يُعرف في مراحل سابقة بأسماء مثل “حمّى المستنقعات” و”مرض المجاري”.

 

وينتقل المرض إلى الإنسان عند ملامسة مياه أو تربة ملوثة ببول القوارض، خصوصاً إذا دخلت البكتيريا عبر جروح أو تشققات في الجلد أو من خلال الأغشية المخاطية. وعادة لا ينتقل المرض من شخص إلى آخر، لكنه ينتشر سريعاً في أماكن النزوح المكتظة، حيث تختلط مياه الأمطار والفيضانات بمخلفات الصرف الصحي، وتغيب وسائل الوقاية الأساسية.

 

ما هي أعراض المرض؟

 

وتبدأ أعراض المرض غالباً خلال فترة تتراوح بين خمسة وأربعة عشر يوماً، وتشبه في بدايتها أعراض الإنفلونزا، مثل الحمى والصداع وآلام العضلات والإرهاق العام واحمرار العينين. وفي بعض الحالات، قد تتفاقم الأعراض لتشمل اليرقان واضطرابات الكبد والكلى ونزيفاً داخلياً أو صعوبات في التنفس، ما يجعل المرض خطيراً إذا لم يُشخَّص ويُعالج مبكراً.

 

ويُعد الأطفال والفئات الأضعف في مخيمات النزوح الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في البيئات التي تشهد انهياراً في البنية الصحية وانتشاراً للقوارض، وهو ما يجعل المرض مؤشراً خطيراً على تدهور الأوضاع الصحية العامة، ويستدعي تدخلاً وقائياً عاجلاً قبل تحوله إلى وباء واسع النطاق.