في الوقت الذي كانت فيه دماء أهل غزة تنزف تحت ركام القصف والمجازر، كانت هناك أيادٍ "عربية" تعمل في الخفاء، ليس لتضميد الجراح، بل لتدريب وتلميع "الخناجر" التي يغرسها الاحتلال في خاصرة المقاومة.
اعترافات صادمة لعميل تائب كشفت النقاب عن مخطط خبيث يتجاوز مجرد التخابر التقليدي، ليصل إلى هندسة "مرتزقة" إعلامياً، وتدريبهم على يد شخصيات خليجية تحت غطاء مؤسسات وهمية، بهدف تبييض وجه الخيانة وجر الفلسطينيين إلى فخاخ الاحتلال.
«جسور نيوز».. واجهة إعلامية لغرف سوداء
لم يكن التدريب عسكرياً هذه المرة، بل كان إعلامياً ونفسياً، وهو الأخطر. وفقاً لاعترافات العميل التائب التي نقلتها منصة "الحارس"، أشرف شخص عربي يتحدث بلهجة خليجية على ورش عمل مشبوهة تحت لافتة مؤسسة تدعى "جسور نيوز". الهدف لم يكن صحفياً، بل كان تدريب عناصر المرتزقة والعملاء على "فن الخداع الجماهيري".
تم تلقين هؤلاء المرتزقة كيفية الظهور أمام الكاميرات، واستخدام مصطلحات إنسانية ومدنية، بهدف صناعة "صورة ناعمة" لهم تخدع المواطن الفلسطيني البسيط. الخطة كانت واضحة: إقناع السكان بالانتقال إلى "المنطقة الصفراء" الخاضعة لسيطرة الاحتلال، وتقديم هؤلاء العملاء كمنقذين ووسطاء إنسانيين، بينما هم في الحقيقة أدوات أمنية تستخدمها إسرائيل لإحكام قبضتها على القطاع.
ميليشيات «المنطقة الصفراء».. جيش الاحتلال الخفي
التقرير يكشف عن واقع ميداني جديد وخطير نشأ خلال الحرب؛ شبكة من الميليشيات المسلحة تمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، تتحرك بحرية تامة خلف "الخط الأصفر" الفاصل أمنياً. هذه المناطق المحظورة على الفلسطينيين الشرفاء، أصبحت مرتعاً لهذه المجموعات التي تعمل بتنسيق كامل مع جيش الاحتلال.
ورغم محاولات قادة هذه الميليشيات نفي تهمة العمالة، إلا أن الشواهد الميدانية تفضحهم. حركتهم الحرة تحت أعين الطائرات المسيّرة الإسرائيلية، وتسهيلات المرور التي يحصلون عليها، تؤكد أنهم جزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وهدفهم ضرب النسيج الاجتماعي للمقاومة وخلق بديل "عميل" يحكم الأرض بالوكالة.
مصرع «أبو شباب» وتصدع جدار العملاء
جاء مقتل "ياسر أبو شباب"، أحد أبرز زعماء هذه الميليشيات، ليكون بمثابة زلزال ضرب بنية هذه المجموعات. التعتيم الإسرائيلي على ظروف مقتله يشير إلى رغبة الاحتلال في طي صفحة أدواته المحترقة، أو ربما تصفية حسابات داخلية.
هذا الحدث، بالتزامن مع إعلان أمن المقاومة عن "مهلة التوبة"، أدى إلى حالة من الانهيار النفسي والتنظيمي داخل صفوف المرتزقة. اعترافات الضابط في أمن المقاومة تؤكد أن العديد من العناصر بادروا بتسليم أنفسهم، كاشفين عن حالة هلع تسود قياداتهم.
إجراءات يائسة.. ومحاولات لمنع الانهيار
في محاولة بائسة لوقف نزيف الانشقاقات، لجأ قادة المرتزقة إلى أساليب قمعية ضد عناصرهم المترددين. فرض العزل الاجتماعي، وتقييد الاتصالات والإنترنت، ومراقبة العائلات، كلها إجراءات تعكس حجم الرعب من انهيار التنظيم من الداخل.
إن ما يحدث الآن ليس مجرد تفكيك لشبكة عملاء، بل هو سقوط لمشروع كامل راهن عليه الاحتلال وداعموه العرب؛ مشروع خلق "جيش لحد" جديد في غزة. الاعترافات المتوالية تؤكد أن وعي المقاومة وقدرتها على الاختراق المضاد قد وجها ضربة قاصمة لهذا المخطط، وأن الأموال والتدريبات الخليجية المشبوهة لم تنجح في شراء ذمم الجميع، ولا في تبييض وجه الخيانة الأسود.

