كتب فريق العربي الجديد في تقريره عن هجوم بطائرة مسيّرة نفّذته قوات الدعم السريع في جنوب وسط السودان، استهدف روضة أطفال وأودى بحياة 50 شخصًا، بينهم 33 طفلًا، وسط تصاعد حاد لأعمال العنف في ولايات كردفان. أشار التقرير إلى أن الخطر امتد حتى كوادر الإسعاف التي هرعت لإنقاذ المصابين، حيث تعرّضوا لهجوم جديد هو الثاني من نوعه في البلدة نفسها.

 

ذكر العربي الجديد أن الاتصالات المقطوعة في المنطقة تعيق حصر عدد الضحايا بدقة، بينما تتوقع الجهات الطبية ارتفاع الحصيلة مع استمرار الغارات وتدهور الأوضاع الأمنية، ورجّحت المصادر الإنسانية أن الرقم المعلن لا يعكس الحجم الكامل للخسائر البشرية.

 

استهداف المتطوعين والمواقع المدنية

 

أفادت شبكة أطباء السودان بأن طائرة مسيّرة ضربت روضة أطفال في بلدة كالوجي بولاية جنوب كردفان، فسقط عشرات القتلى في موقع يفترض أنه آمن ومخصص للأطفال. لاحقًا، استهدفت الضربة الثانية المسعفين الذين وصلوا لإسعاف الجرحى، في مشهد وصفته الشبكة بأنه هجوم مباغت على طواقم إنقاذ لا تحمل سلاحًا ولا تشارك في القتال.

 

أضافت مجموعة “المحامين للطوارئ”، وهي جهة حقوقية تتابع الانتهاكات ضد المدنيين، أن ضربة ثالثة أصابت موقعًا مدنيًا آخر قريبًا من مكان الهجومين السابقين، ما عزّز المخاوف من سياسة ممنهجة لضرب البنية المدنية في المنطقة. أدانت المجموعة ذلك واعتبرته خرقًا صارخًا لقواعد القانون الإنساني الدولي، خصوصًا ما يتعلق بحماية الأطفال والمنشآت المدنية.

 

تصعيد الحرب في كردفان

 

شهد إقليم كردفان خلال الأسابيع الماضية موجة عنف متسارعة بعد أن انتقلت المعارك من دارفور إلى المناطق الغنية بالنفط. اشتبكت قوات الدعم السريع والجيش السوداني في عدة بلدات، وسقط مئات القتلى من المدنيين خلال فترة قصيرة، ما حوّل القرى والبلدات إلى ساحات قتال مفتوحة.

 

أوضحت مصادر محلية أن الغارات الجوية التي نفذها الجيش في مناطق أخرى من جنوب كردفان أسفرت هي أيضًا عن عشرات القتلى معظمهم من المدنيين، بينما حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن الإقليم قد يشهد فظائع جديدة شبيهة بما حدث في مدينة الفاشر عقب السيطرة العنيفة لقوات الدعم السريع عليها.

 

انتشرت تقارير عن انتهاكات واسعة رافقت اقتحام الفاشر، شملت إعدامات واعتداءات جنسية وتهجيرًا قسريًا لآلاف السكان، وسط مخاوف من مصير مجهول لمن بقوا محاصرين داخل المدينة.

 

تحذيرات دولية وأرقام صادمة

 

صرّح ممثل اليونيسف في السودان شيلدون يِت أن قتل الأطفال داخل مدارسهم يشكّل انتهاكًا مروّعًا لحقوق الطفولة، مؤكّدًا أن الأطفال لا يجوز أن يتحمّلوا ثمن نزاعات لا يد لهم فيها. دعا جميع الأطراف إلى وقف هذه الهجمات فورًا والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين دون عوائق.

 

على جانب آخر، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن ضربة أخرى استهدفت منطقة على الحدود بين السودان وتشاد، واتهمت الجيش السوداني بالوقوف خلفها، إلا أن التحقق المستقل من هذه الرواية بقي صعبًا بسبب انعدام الوصول الميداني وتضارب المعلومات.

 

منذ اندلاع الحرب على السلطة في السودان عام 2023، قُتل أكثر من 40 ألف شخص وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، بينما نزح نحو 12 مليون إنسان داخل البلاد وخارجها. رغم ذلك، تشير منظمات الإغاثة إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير بسبب صعوبة التوثيق وانهيار شبكات الرصد في العديد من المناطق المنكوبة.

 

تختتم المنظمات الحقوقية تحذيراتها بالتأكيد على أن استمرار استهداف المدنيين يهدد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، ويحوّل المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة إلى أهداف في لعبة حرب لا تعترف بالحدود ولا بحرمة الحياة.

 

https://www.newarab.com/news/drone-strikes-sudan-kindergarten-hospital-kill-50?amp