في زمن الرويبضة، حيث يتصدر المشهد من لا يملك من الثقافة إلا "التريند"، خرج علينا السيناريست أحمد مراد بتصريح صادم لا ينم إلا عن جهل مركب أو استخفاف متعمد بالمقدسات. عبارته: "أنا لو كتبت فيلم عن الرسول كان أسهل من أم كلثوم"، لم تكن مجرد زلة لسان عابرة، بل هي كاشفة لحالة من "السيولة العقائدية" والانحطاط القيمي الذي وصل إليه الوسط الفني في مصر.

 

المقارنة الفجة بين "كوكب الشرق" وبين "سيد الخلق"، وتفضيل "صعوبة" الأولى على الثاني، هي سقطة لا تغتفر، وجريمة في حق الدين والتاريخ والذوق العام، أشعلت نيران الغضب في قلوب الملايين الذين رأوا فيها استهانة بأعظم رمز في تاريخ البشرية من أجل "تلميع" فيلم سينمائي

 

 

"ازدراء أديان".. بلاغ للنائب العام ضد "الهرطقة"

 

رد الفعل الشعبي والقانوني لم يتأخر؛ فقد تحولت منصات التواصل إلى ساحة محاكمة شعبية لهذا "التجديف". وبحسب مصادر، تم تقديم بلاغ عاجل للنائب العام يتهم أحمد مراد بازدراء الأديان، استناداً إلى تصريحه الذي يقلل من شأن النبوة ويضعها في مرتبة أدنى من السيرة الفنية لمطربة.

 

 

 

الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، شن هجوماً لاذعاً، منتقداً بحدة هذه المقارنة التي لا تصح عقلاً ولا شرعاً، ومؤكداً أن قدسية الرسول ومكانته لا تقارن بأي بشري، فما بالك بفنانة؟

 

"التمويل المشبوه" وتشويه الرموز.. أجندة "الرخص"

 

الهجوم لم يتوقف عند الشق الديني، بل امتد لكشف "أجندة" الفيلم نفسه. الفنانة التشكيلية إيناس الديب وضعت يدها على الجرح، مشيرة إلى أن "الممول" (في إشارة لجهات خارجية) يتعمد تشويه الرموز المصرية عبر إظهار "الست" بشكل مسخ ومبتذل، من خلال اختيار ممثلة لا تناسب الدور (منى زكي).

 

واعتبرت أن هذا العمل هو بداية "حقبة فنية رديئة" يتم فيها بيع الذمم الفنية لمن يدفع أكثر، وتشويه السينما المصرية وتاريخها العريق عمداً

 

 

 

"حلب" أم كلثوم.. إلهاء عن الفقر والفساد

 

من زاوية أخرى، تساءلت الحقوقية سحر محمد عن الجدوى من إعادة "حلب" سيرة أم كلثوم التي قُتلت بحثاً في عشرات الأعمال. واعتبرت أن هذا الإصرار على "اللت والعجن" في الماضي هو محاولة متعمدة لإلهاء الناس عن كوارث الحاضر: الفقر، الغلاء، التحرش، العشوائية، وفساد المحسوبية الذي أنتج برلماناً متدني الفكر والثقافة. الرسالة واضحة: بدلاً من إنفاق الملايين على "مسخ" جديد لأم كلثوم، ركزوا في مشاكل الناس الحقيقية التي تطحنهم يومياً

 

 

 

ليست "زلة لسان".. بل قناعة "عبيطة"

 

المفاجأة التي فجرها نشطاء هي أن هذا التصريح لم يكن عفوياً؛ فقد كرره مراد سابقاً في بودكاست نُشر في سبتمبر 2025، مما يعني أنه "يتبنى" هذه الفكرة الشاذة.

 

وصف النشطاء تبريراته بأنها "كلام عبيط" و"جاء يكحلها عماها"، مؤكدين أن التشبيه "مش في محله خالص"، فلا مجال للمقارنة في المكانة أو المصادر التاريخية بين نبي الأمة وبين مطربة، مهما علا شأنها الفني

 

 

تضحية "بالدين" لعيون "منى زكي"

 

البعض رأى في تصريح مراد محاولة يائسة للدفاع عن بطلة الفيلم، منى زكي، التي تواجه انتقادات لاذعة بسبب أدائها ومظهرها في العمل.

 

الناشط عبود الشوبكي سخر قائلاً: "البطل ضحّى بنفسه عشان يشيل شوية عن منى زكي!"، لكنه ضحى بماذا؟ ضحى بقدسية الدين واحترام الرسول، ليظهر بمظهر "الفارس" الذي يدافع عن فنه الرخيص ولو على

 

"الشفاعة" لن تأتيك من "الست"

 

الردود الشعبية كانت قاسية بقدر الجرم. "الله ينتقم منكم ضيعتوا على الناس دينهم"، هكذا صرخت إسراء، معبرة عن صدمة جيل يرى الفن يتحول إلى "صنم" يُعبد من دون الله.

 

واختتم هاني فادين المشهد برسالة تذكرة وموعظة: "حيجي يوم وتطلب شفاعة الرسول... وقتها خللي أم كلثوم تساعدك". إنها رسالة لكل من سولت له نفسه التطاول على الثوابت إرضاءً لـ "التريند" أو لـ "الممول": التاريخ لا يرحم، والله يمهل ولا يهمل، وسيبقى الرسول الأعظم فوق كل مقارنة، بينما ستذهب أفلامكم وتصريحاتكم إلى مزبلة التاريخ