تعيش مؤسسة "البوابة نيوز" واحدة من أكثر أزماتها تعقيدًا منذ سنوات، بعد وصول الخلافات بين إدارة الجريدة وصحفييها إلى مستوى غير مسبوق من التصعيد، وسط حالة من الاحتقان المهني والمعيشي تفاقمت على مدار الأشهر الماضية، لتنفجر في صورة اعتصام مفتوح دخل يومه السادس عشر، مع تهديدات واضحة بالتصعيد إلى حد الإضراب الكامل عن الطعام خلال 48 ساعة إذا لم تُستجب مطالب العاملين.

 

الصحفيون المعتصمون — الذين أعلنوا موقفهم في بيان جديد عبر صفحتهم الخاصة على فيسبوك — أكدوا أنهم استنفدوا كل قنوات التفاوض الممكنة، وأن إدارة المؤسسة تواصل "التجاهل التام" لمطالبهم التي وصفوها بالمشروعة، سواء على المستوى المالي أو المهني أو الإداري.

 

وأشار البيان إلى أن قرار اللجوء إلى الإضراب عن الطعام لم يكن خيارًا سهلاً، بل جاء "بعد أن ضاقت كل السبل، وبعد أسابيع طويلة أثبتت خلالها الإدارة أنها غير مستعدة لاتخاذ خطوات فعلية نحو الحل".

 

تهديد بالإضراب الشامل عن الطعام

 

أحد الصحفيين المعتصمين — الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه — أكد أن الإضراب المزمع سيكون "إضرابًا كليًا غير قابل للتراجع إلا بتحقيق المطالب".

 

وأضاف أن الصحفيين "يحمّلون الإدارة المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الخطوة"، مشددًا على أن "صحة وسلامة الزملاء باتت في خطر، والإدارة تتحمل ذلك برفضها التام لأي حلول جدية".

 

الإدارة ترد: تصعيد سريع وحلول مطروحة

 

على الجانب الآخر، عبّرت داليا عبد الرحيم، رئيسة تحرير "البوابة نيوز"، عن أسفها لنية الصحفيين الإضراب عن الطعام، معتبرة الخطوة "تصعيدًا متسرعًا لا يخدم المؤسسة".

 

وقالت إن النقابة كانت حاضرة في المشاورات الأخيرة، وإن "التصعيد يجب أن يأتي بعد الوصول إلى طريق مسدود، لا قبل ذلك"، مشيرة إلى أن الإدارة قدمت — وفق قولها — "خمسة حلول كاملة" نافية وجود أي تعنت.

 

كما ربطت عبد الرحيم الأزمة بالضغوط الاقتصادية التي تعاني منها المؤسسات الإعلامية في مصر، بما في ذلك المؤسسات القومية، ورفضت ما وصفته بـ"حملات التشويه" التي تستهدف الإدارة، مؤكدة أن الهجوم يمس سمعة عائلتها ويستثمر الخلاف لتصفية حسابات سياسية مع والدها عبد الرحيم علي.

 

"العدد الأخير": خطوة مفاجئة تثير الجدل

 

أثارت المؤسسة جدلًا واسعًا بعد إصدار نسخة ورقية تحمل عنوان "العدد الأخير"، في خطوة اعتُبرت تمهيدًا لانهيار المفاوضات.

 

وجاءت هذه الخطوة عقب إعلان الإدارة تقديم مقترحات للنقابة، أبرزها تصفية الشركة تصفية ودية ومنح العاملين حقوقهم القانونية:

 

شهرين عن كل سنة خدمة، ثلاثة أشهر إخطار، وفق آخر راتب حصل عليه الموظف

 

غير أن نقيب الصحفيين خالد البلشي رفض المقترح، مؤكدًا أنه "غير قانوني" لأن قانون العمل يمنع أي إجراءات غلق أو تصفية أثناء فترات الاعتصام أو التفاوض.

 

اجتماعات طارئة داخل النقابة

 

في ظل هذا التوتر، دعا عدد من صحفيي المؤسسة إلى اجتماع طارئ داخل نقابة الصحفيين بمشاركة أجيال مهنية مختلفة، لصياغة آليات عملية لحماية الصحفيين وضمان عدم تكرار هذه الأزمات داخل المؤسسات الأخرى.

 

الجذور: تدنّي الأجور وتآكل الحقوق

 

وفق بيانات صحفيي "البوابة نيوز"، فإن الأزمة ليست وليدة اللحظة.

 

فالأجور — كما يشير بيان سابق — متدنية منذ 2018، ثم تعرضت لخفض إضافي تجاوز 60% بعد عام 2020، دون أي تحسن حتى اليوم.

 

ويقول الصحفيون إن بيئة العمل "تفتقر لأدنى المعايير الإنسانية"، إذ لا توجد:

 

  • تغطية صحية
  • تغطية اجتماعية
  • ترقيات دورية
  • مكافآت
  • زيادات سنوية
  • تفعيل حقيقي لبنود قانون الأرباح

 

وقال بعضهم إنهم يعملون منذ أكثر من 12 عامًا داخل المؤسسة دون الحصول على أي فرصة للترقي.