تحوّل رحيل الطفلة «جنى» في حادث دهس أمام مدرسة بمدينة الشروق إلى موجة غضب عارمة على منصات التواصل، رفعت شعارًا واحدًا: القصاص العادل وعدم التسامح مع جريمة تهز ضمير المجتمع كله. مئات التغريدات والمنشورات أعادت سرد رواية الأب، استدعت دموع زميلاتها، ورفعت وسم #حق_جنى_لازم_يرجع إلى لافتة جامعة تطالب بالعدالة ومنع طمس الحقيقة أو تمييع العقاب.

 

صوت الأب.. من رواية الفاجعة إلى شعار القصاص

 

أحمد النجار أعاد في تغريدته صياغة ما قاله والد الطفلة، ملخصًا القصة في جملة قاسية: خلاف أطفال بسيط، ردّه الأب بوعد «هشتكيه بكرة»، ينتهي بأن «أم الولد» – بحسب رواية الأسرة – تصدم «جنى» بسيارتها أمام المدرسة، فيموت الجسد وتبقى صرخة الأب: «أنا عايز حق بنتي». 
 

 

هذه الرواية تتقاطع مع ما نشرته تقارير صحفية عن وجود خلاف سابق بين الطفلة وزميلها، وعن اتهام ولية الأمر بدهسها بسيارتها أمام بوابة المدرسة، مع قرار النيابة بحبس المتهمة احتياطيًا على ذمة التحقيقات.

 

مع تكرار الأب لعبارة «حق جنى لازم يرجع» في مقابلاته المصورة، تحولت الجملة من نحيب أبويّ إلى شعار جماعي تبنّته الصفحات والمنصات التي غطت الجريمة، وأُعيد نشرها في عناوين الفيديوهات والتقارير، ما أعطى للهاشتاج قوة رمزية إضافية تتجاوز حدود الأسرة إلى ضمير الرأي العام.

 

دموع الزميلات.. الحادثة من عين طفلة

 

محمد الروش توقّف عند حلم «جنى» الصغير في أن تصبح طبيبة، وكتب بحس إنساني واضح عن طفلة انقطع طريقها قبل أن تبدأ، مضيفًا الوسم #حق_جنى_حق_الجميع في إشارة إلى أن المطالبة بالعدالة ليست شأنًا عائليًا بل مسؤولية مجتمع كامل. 
 

 

في منشورات ومقاطع أخرى، جرى توثيق انهيار زميلات «جنى» داخل المدرسة، واعتراف إحداهن بأنها «مش قادرة تنسى منظرها» لحظة الدهس، بما يكشف حجم الصدمة التي تعرضت لها طالبات صغيرات رأين الموت عن قرب أمام بوابة مدرستهن. 
 

 

هذه الشهادات الطفولية التي خرجت باكية على المنصات عززت إحساس الناس بأن القضية ليست ملفًا قانونيًا باردًا، بل جرحًا نفسيًا واجتماعيًا في جيل كامل من التلميذات، سيحملن ذكرى زميلتهن التي خرجت معهن من الفصل وعادت وحدها في كفن.

 

لا صلح.. لا دية: الغضب ضد ثقافة التنازل

 

بتوازي مع الجانب الإنساني، ظهر خط واضح في التفاعل يرفض «ثقافة التصالح» في الجرائم التي تهز المجتمع. أحد المغردين، سمير، لخّص هذا المزاج في سلسلة «لا»: لا لتصالح، لا للتعويض، لا للتنازل، لا للديّة، مع دعوة لإلغاء «القعدات العرفية» وتقليص أي ثغرات يمكن أن تسمح بتخفيف العقوبة في واقعة يعتبرها «حق جني، وحق المجتمع». 

 

 

هذا الخطاب يلتقي مع مواقف كثير من الصفحات التي ربطت بين القصاص لطفلة الشروق وبين حماية بقية الأطفال وردع أي استهتار بحياتهم حول المدارس والطرق الداخلية.

 

اللافت أن هذه الدعوات لا تقف ضد القانون، بل تطالب بتطبيقه بأقصى صرامة، من دون وساطات اجتماعية أو تسويات مالية قد تُفرغ العدالة من مضمونها، خصوصًا في ظل تاريخ طويل من محاولات إنهاء جرائم مماثلة بجلسات عرفية تضغط على الأسر المكلومة للتنازل. هذا الرفض الشعبي للتسويات يعكس شعورًا عميقًا بأن أي لين في العقوبة اليوم قد يفتح الباب غدًا لمزيد من الجرائم ضد أطفال آخرين.

 

من «حادث» إلى «قتل عمد»؟ معركة الرواية القانونية

 

أحد المغردين الملقب بـ«الصقر» ذهب أبعد، مؤكّدًا – استنادًا إلى ما قال إنه نتائج تحقيقات وكاميرات – أن الفعل «كان متعمدًا»، وأن توصيف القضية أصبح «قتل عمد»، مطالبًا بأقصى عقوبة رادعة تحت هاشتاجات #القصاص_العادل_لـ_جنى و #جريمة_الشروق_قتل_عمد. هذه اللغة تعكس جانبًا من المعركة الدائرة حول توصيف ما حدث: هل هو حادث دهس نتيجة «إهمال جسيم» كما تميل بعض الروايات الأولية، أم فعل انتقامي متعمد على خلفية خلاف سابق بين الأطفال؟

 

في المقابل، تظهر تعليقات أخرى أكثر حذرًا تشير إلى أن هناك من يعتقد أن الحادث غير مقصود، وتترك الحكم النهائي لنتائج التحقيقات والقضاء، ما يعكس إدراك جزء من الرأي العام لفارق مهم بين التعاطف الإنساني واليقين القانوني. ومع ذلك، يبقى القاسم المشترك بين معظم الأصوات هو الإصرار على أن الحقيقة يجب أن تُستَكمَل حتى آخر مشهد في الكاميرات، وأن أي ثغرة أو تهاون في جمع الأدلة سيُعد خيانة لدم طفلة خرجت من المدرسة ولم تعد.

 

«حق جنى حق الجميع».. ما بعد الوسم

 

تغريدة أحمد سمير التي جمعت بين مجموعة كبيرة من الوسوم – من #الشروق و#مدينة_الشروق إلى #مدرسة_رفاعه_الطهطاوي و#القانون_فوق_الجميع و#حق_الطفلة_جنى – تعكس تطور القضية من مأساة عائلية إلى قضية رأي عام تُطرح فيها أسئلة عن أمان محيط المدرسة، ومسؤولية الإدارة، وحدود ردع القانون

 

 

هذا التوسع في دائرة الوسوم يعني أن الغضب لا يتجه فقط إلى المتهمة، بل أيضًا إلى منظومة أوسع يفترض أن تحمي الأطفال على أبواب المدارس وتمنع أي مركبة من تحويل لحظة الانصراف إلى كابوس.

 

في المحصلة، يعكس وسم #حق_جنى_لازم_يرجع حالة وعي متزايدة بأن العدالة في هذه القضية ليست ترفًا، بل شرطًا لطمأنة مجتمع كامل على أطفاله، وأن أي حكم سيصدر لن يُقرأ فقط كفصل في ملف جنائي، بل كرسالة عن قيمة حياة الطفل في هذا البلد، وعن جدّية الدولة والمجتمع في حماية تلك الحياة من أن تُدهس – حرفيًا – عند بوابة المدرسة.