في مشهد عبثي يكشف عمق تآكل النخبة السياسية في مصر، تحولت "الخناقة" الإلكترونية بين علاء مبارك (نجل الرئيس المخلوع) ومصطفى بكري (الإعلامي المحسوب على كل الأنظمة) إلى ساحة حرب مفتوحة وصلت إلى أروقة المحاكم. هذه المعركة لم تعد مجرد "تراشق" بين شخصين، بل تحولت إلى جلسة "نشر غسيل قذر" علنية، أعادت للأذهان فيديوهات ووثائق قديمة تفضح تاريخ التكسب السياسي، وتذكر المصريين بفساد "نخبة الصوت العالي" التي تصدرت المشهد لسنوات.
تفاصيل "المعركة": من "تويتر" إلى "النائب العام"
بدأت الشرارة بتهنئة "مبالغ فيها" من بكري للسيسي، رد عليها علاء مبارك بسخرية لاذعة قائلاً: "يا درش متنساش يوم 26 نوفمبر عيد ميلادي.. من صغرك وحضرتك دايما متعود (تعرض عليا)".
انفجار الغضب: لم يتحمل بكري الإهانة، فوصف علاء بـ"المراهق السياسي"، وهدد بفتح ملفات "الفساد المالي" لعائلة مبارك، مطالباً بإعادة "الـ 430 مليون دولار المجمدة في سويسرا". ورد علاء بتحدٍّ سافر، معلناً أن "2026 سيكون عام الحساب لكل من نشر أكاذيب"، في إشارة واضحة لبكري.
يا درش انت كبّرت الحكاية وكان ممكن كلمتين حلوين منك ينهوا الموضوع ؛ ( كل سنة وانت طيب يا اخ علاء وعقبال مائة سنة مع الاعتذار عن الأكاذيب اللي نشرتها عن الوالد رحمة الله عليه ) 😊اما موضوع الصعيدي اللي نايم جواك أنا مش هارد عليه و نكتفي برّد أخواتنا الصعايدة الجدعان عليك فى صفحتك.… pic.twitter.com/5H3PXSZK9u
— Alaa Mubarak (@AlaaMubarak_) November 20, 2025
اللجوء للقضاء: أعلن بكري رسمياً مقاضاة علاء مبارك بتهمة السب والقذف، وكلف فريقاً قانونياً بذلك، فيما رد علاء بنشر فيديو للمحامي الراحل فريد الديب وهو يفند اتهامات الفساد، متوعداً بكري بمزيد من الفضائح.
الخلفية السوداء: "الأرشيف لا يرحم"
جاءت هذه المعركة لتنبش في الماضي، حيث أعاد نشطاء تداول فيديوهات قديمة تعتبر "وثائق إدانة" لمصطفى بكري، وتكشف تضخم ثروته وعلاقاته المشبوهة.
1. طلعت السادات: "من أين لك هذا يا بكري؟"
عاد فيديو شهير للنائب الراحل طلعت السادات (ابن شقيق السادات) للواجهة بقوة، حيث ظهر السادات يواجه بكري بتهم فساد مالي مدوية:
تضخم الثروة: اتهم السادات بكري صراحة بجمع ثروة تتجاوز 500 مليون جنيه وعقارات لا تتناسب مع دخله كصحفي، متسائلاً: "من أين لك هذا؟".
التمويل المشبوه: ذكر السادات في بلاغه للنائب العام أن بكري حصل على أموال من دول أجنبية، واستغل نفوذه البرلماني للتربح، واصفاً إياه بأنه "يدعي محاربة الفساد للتغطية على فساده الشخصي".
مصطفي_الشريف#من_أين_لك_هذا_يا_بكري pic.twitter.com/UNkMUwVMAI
— Smart Built .Co (@smartbuiltco) December 17, 2024
2. توفيق عكاشة: "واخد فلوس من القذافي"
لم يكن السادات وحده، بل تم تداول فيديو للإعلامي توفيق عكاشة يشن فيه هجوماً عنيفاً على بكري، كاشفاً عن وثائق (على حد زعمه) تثبت تلقي بكري أموالاً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
"شبشب زنوبة": استخدم عكاشة عبارته الشهيرة لوصف التحول المفاجئ في حياة بكري من شخص بسيط "جاي بشبشب" إلى مالك للعقارات والملايين، متهماً إياه بـ"المتاجرة بالوطن".
🛑 مصطفى بكري: «ليكن عام 2026 هو عام الثورة على كل ما يمس أمن واستقرار واقتصاد البلد؛ ثورة على الفساد، والظالمين» pic.twitter.com/PCe4V1NXCy
— المصري اليوم (@AlMasryAlYoum) November 22, 2025
دلالات "الخناقة": صراع "الأرزقية" على الجثة
يرى مراقبون أن هذا الصراع ليس انتصاراً للحق، بل هو صراع بين "فسادين": فساد عهد مبارك الذي يمثله علاء (الذي يحاول إعادة تدوير نفسه شعبياً)، وفساد "نخبة الصوت العالي" التي يمثلها بكري (الذي يرقص في كل عرس).
سقوط الهيبة: كشفت المعركة أن الرموز التي تتصدر المشهد الإعلامي والسياسي حالياً تملك ملفات فساد متخمة، وأن "الوطنية" التي يتشدقون بها ليست سوى ستار لجمع الثروات.
شماتة شعبية: يتابع المصريون هذه المعركة بشماتة، معتبرين أن "الظالمين يضربون بعضهم"، وأن الحقائق التي تظهر الآن (عن ثروات بكري أو أموال مبارك المهربة) هي أموال الشعب المنهوبة التي يتصارع عليها اللصوص.
"كلهم لصوص"
إن وصول الأمر للمحاكم وفضح "المستور" يؤكد حقيقة واحدة: مصر كانت ولا تزال منهوبة من نخبة سياسية وإعلامية فاسدة، سواء تلك التي حكمت قبل 2011 أو تلك التي تسيدت المشهد بعدها. فبينما يتصارع علاء وبكري على "الشرف والوطنية"، يقف المواطن المصري المطحون ليدرك أن كلاهما وجهان لعملة واحدة: عملة الفساد والاسترزاق على حساب الوطن.

