شهدت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقاهرة، ولليوم الثالث على التوالي، موجة متصاعدة من الاحتجاجات العمالية التي امتدت من 6 مواقع في يومها الأول إلى نحو 30 موقعًا صباح اليوم، في واحدة من أوسع التحركات العمالية التي تشهدها الشركة منذ سنوات.
الاحتجاجات التي اتسعت رقعتها سريعًا شملت شبكات مياه، فروع خدمة العملاء، المخازن، وصولًا إلى المقر الرئيسي للشركة في شارع رمسيس، وسط حضور أمني مكثف أمام الأبواب والمداخل.
مظاهرات في مختلف المناطق وهتافات تطالب بالعدالة
ظهر العمال في مقاطع فيديو متداولة من داخل مواقع الشركة المختلفة، رافعين لافتات تحمل مطالبهم وصورًا لعبد الفتاح السيسي يتوسلون فيها التدخل لإنهاء أزمتهم المعيشية.
وردد العمال هتافات تصف معاناتهم وتلفت الأنظار إلى الفجوة الكبيرة بين رواتبهم ورواتب نظرائهم في الشركة القابضة، من بينها: “يا رئيس الجمهورية اتولى لنا القضية”، “يا وزير الإسكان شوف إحنا بنقبض كام، القابضة بتقبض كام”، “ياللي ساكت ساكت ليه.. أخدت حقك ولا إيه؟”، إضافة إلى هتافات ترفض استمرار نائب رئيس مجلس الإدارة للشؤون المالية والإدارية علي عماشة في منصبه.
مطالب تتراكم منذ سنوات
ترتكز مطالب العمال على مجموعة من الحقوق المالية والإدارية المتراكمة منذ سنوات، أبرزها:
صرف العلاوات المتأخرة منذ عام 2017، ومراعاة التدرج الوظيفي عند تطبيق الحد الأدنى للأجور، وصرف الأرباح السنوية وفروق الضرائب، وزيادة بدلات الغذاء والانتقال واستهلاك المياه، وتسوية المؤهلات للعاملين الحاصلين على شهادات دراسية أعلى، وتثبيت العمالة المؤقتة.
تحسين الخدمات الطبية للعاملين وأسرهم
ويحمّل العاملون نائب رئيس مجلس الإدارة علي عماشة مسؤولية عرقلة تنفيذ هذه المطالب، متهمينه برفض تسوية المؤهلات، وتعطيل صرف العلاوات المقررة قانونًا، ورفض صرف العلاوات الخاصة بنسبة 7% و15% التي أُقرت للعاملين بقطاع الأعمال.
امتداد الاحتجاجات إلى 30 موقعًا بالقاهرة
بحسب شهادات عمال من مواقع مختلفة، شملت الاحتجاجات اليوم مناطق الزيتون، المطرية بفروعها الثلاثة، عين شمس، زهراء عين شمس، حدائق الزيتون، مصر الجديدة، ألماظة، شيراتون، النزهة، البساتين، المعادي، مسطرد، المعصرة، حلوان، الخلفاوي، السلام، الحي العاشر بمدينة نصر، وادي حوف، التبين، النهضة، الزاوية الحمراء، الشرابية، إضافة إلى المقر الرئيسي بشارع رمسيس.
وتجمع العمال في ساحات الأفرع والشبكات، وبينما اكتفى بعض الضباط بالحديث مع العمال ومحاولة احتواء التوتر، شهدت بعض المواقع – مثل الحي العاشر والزيتون والمعادي – تواجدًا أمنيًا كثيفًا، مع تمركز سيارات الشرطة أمام مقار العمل.
تراجع نسب التحصيل وتأثير الاحتجاجات على الإيرادات
أوضح عمال من داخل الشركة أن الاحتجاجات لم تقتصر على العاملين بالشبكات وفروع العملاء، بل شارك فيها أيضًا محصلو الفواتير الذين بدأوا قبل أسبوع في الامتناع عن التحصيل، ما أدى إلى تراجع الإيرادات اليومية بنحو 80%، وفق تقديرات العمال.
ويعد تثبيت هؤلاء المحصلين – الذين يعملون بنظام العمولة – أحد أبرز المطالب المتداولة داخل الاحتجاجات الحالية.
رواتب متدنية رغم سنوات الخدمة
اشتكى عدد كبير من العمال من تدني الرواتب، لعدم ضم العلاوات لسنوات طويلة، وهو ما أدى إلى مساواة أجور العاملين القدامى بمن التحقوا حديثًا بالشركة.
ويؤكد العمال أن هناك تباينًا كبيرًا بين رواتبهم ورواتب العاملين في الشركة القابضة لمياه الشرب، التي تفوق رواتب القاهرة بنحو 3 أو 4 آلاف جنيه شهريًا، رغم عملهم في نفس القطاع.
احتجاجات سابقة في شركات المياه
لم تكن هذه الاحتجاجات معزولة عن سياق أوسع؛ فقد شهدت شركة مياه الإسكندرية في يوليو الماضي وقفات واعتصامات للمطالبة بضم علاوات 2016 بأثر رجعي، كما نظم محصلو الفواتير في شركة مياه القليوبية في مارس الماضي وقفات احتجاجية في عدة أفرع للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى وتحرير عقود شاملة
مشهد مفتوح على التصعيد
ومع استمرار الاحتجاجات وامتدادها إلى مواقع جديدة كل يوم، يبدو أن الأزمة مرشحة لمزيد من التصعيد ما لم تتدخل وزارة الإسكان أو الشركة القابضة لإيجاد حل جذري لمطالب العمال، الذين يؤكدون أنهم لن يتراجعوا قبل تحقيق الحد الأدنى من حقوقهم المالية والإدارية المستحقة منذ سنوات.

