على الرغم من أن الإعلام مهمته في الأساس هو نقل الواقع بدون رتوش أو محاولة لتجميل القبيح، ودون التضخيم أو المبالغة في الأرقام على غير الحقيقة، إلا أن الإعلاميين الموالين للأجهزة الأمنية في مصر يتجاهلون أبجديات العمل الإعلامي، يسوقون للأوهام على أنها إنجازات، ويضاعفون الأرقام والإيرادات.
أرقام قناة السويس
لازال المصريون يتذكرون عندما أخذ الإعلاميون الموالون للأجهزة الأمنية في مصر يبالغون في حجم الأرباح المتوقعة من افتتاح توسعة قناة السويس في عام 2015، إلا أنه وبعد افتتاح المشروع الذي روجوا له باعتباره قناة موازية لقناة السويس الذي تكلف أكثر من 7 مليارات دولار، تراجعت إيرادات القناة في العام التالي 2016 بنسبة بلغت 3.3 بالمائة، مقارنة بإيراداتها في عام 2015.
وإزاء تلك الأرقام التي تتناقض مع حجم الدعاية للمشروع وعائداته لم يكن أمام السيسي - الذي كان قد وعد بتزايد إيرادات القناة بمقدار الضعف على المدى المتوسط- سوى إعادة تعريف المشروع الكبير بما يناسب الخسائر التي حققها، فقال في يونيو 2016 إن "قناة السويس الجديدة كان الهدف منها رفع الروح المعنوية للمصريين".
سعر الدولار
قبل 5 سنوات، خرج الإعلامي يوسف الحسيني وهو يصف نفسه بأنه "طالب اقتصاد شاطر"، مشيرًا إلى أن الدولار لن يتجاوز 20 جنيهًا، قائلاً: "عندما اتخذت الدولة قرارًا بتعويم الجنيه في 2016، وصل سعر الدولار إلى أعلى نقطة 20 جنيًها، ثم هبط إلى 15 جنيها تقريبًا، وكذلك الأمر في الوقت الحالي (أكتوبر 2022) متوقع أن ينخفض الدولار".
لكن الحقيقة أن الدولار لم ينخقض كما قال، بل واصل ارتفاعه القياسي حتى وصل إلى أكثر من 70 جنيهًا، قبل أن يضطر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي إلى بيع أرض رأس الحكمة بالساحل الشمالي في فبراير 2024 مقابل 35 مليار دولار، في محاولة لتفادي الانهيار الحتمي آنذاك في سعر الجنيه، حيث كانت التوقعات تشير إلى كسر الدولار حاجز الـ 100 جنيه.
عوائد المتحف المصري الكبير
والآن يخرج الإعلامي الموالي للأجهزة الأمنية، محمد الباز ليروج على موقع جريدة "الدستور" التي يرأس تحريرها بأرقام مبالغ فيها إلى حد كبير حول التوقعات بشأن عائدات المتحف المصري الكبير الذي افتتح مؤخرًا.
التوقعات التي تستند إلى تصريح لـ علي غنيم، عضو مجلس اتحاد غرف السياح تقدر أنه من المتوقع أن يصل إلى مصر 20 مليون سائح بحلول 2026، وهذا الأمر سيساهم في زيادة الدخل القومي بقيمة 20 مليار دولار، والتي تسهم في مساعدة مصر بالخروج من الأزمة الاقتصادية.
في حين أن دراسات الجدوى للمشروع تقدر عدد زوار المتحف وأهرامات الجيزة بـ 5 ملايين زائر سنويًا.
وفقًا لرجل الأعمال حسن علام رئيس مجلس إدارة شركة حسن علام القابضة التي تدير الخدمات بالمتحف عبر شركتها التابعة "ليجاسي للإدارة والتنمية"، فإنه خلال العام الماضي بلغ عدد الزائرين للمتحف ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف زائر في اليوم، فيما يتوقع أن يصل إلى أكثر من 15 بعد الافتتاح الرسمي.
وعلى الرغم من تلك الأرقام التي تشير إلى نمو قطاع السياحة، لكنها تبقى أقل بكثير مقارنة بالإمكانات الهائلة التي تتمتع بها مصر، وتنوع الوجهات والمقاصد السياحية فيها، والتي تجعل منها وجهة سياحية مفضلة للسياح من جميع دول العالم.
وكانت مصر تخطط لجذب نحو 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030، وسط توقعات بأن تتجاوز الإيرادات السياحية 24 مليار دولار بنهاية العام المالي 2028-2029. لكن وزير السياحة استبعد الوصول إلى هذا الهدف في الموعد المحدد.
وللمقارنة، فإن دولة مثل تركيا أعلنت أن عائدات السياحة خلال أول 9 أشهر من العام الجاري بلغت 50 مليار دولار، بزيادة 5.7 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
وقد استقبلت نحو 30 مليون زائر في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017، و49 مليون و181 ألف زائر في نفس الفترة من 2024، و49 مليون و993 ألف زائر عام 2025.

