على عكس ما يروج له الإعلام الموالي للأجهزة الأمنية في مصر حول المكاسب السياسية والاقتصادية التي حققتها زيارة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي الأخيرة إلى بلجيكا، فإن ثمة محللين يرون أن حصل على مقابل قيامه بدور حرس الأمن لأوروبا، في ظل التصدي بقوة لمحاولات التسلل عبر السواحل المصرية، لمنع المهاجرين من السفر إلى أوروبا.

 

وخلال لقائه كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيسة المفوضية الأوروبية في بروكسل الأربعاء الماضي، قال السيسي إن "أوروبا لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات الهجرة غير الشرعية، بفضل الجهود المصرية في هذا المجال، وعلى رأسها منع خروج قوارب الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر 2016، في وقت تستضيف فيه مصر نحو عشرة ملايين أجنبي نزحوا إليها من دول تعاني من الأزمات وعدم الاستقرار".

 

التصدي لمحاولات الهجرة لأوروبا

 

وعلق الإعلامي الموالي للأجهزة الأمنية، أسامة كمال، قائلاً إن تصريحات السيسي تعبّر عن قصة نجاح حقيقية لمصر في ملفي الهجرة غير الشرعية واللاجئين.

 

وأضاف أن مصر نفذت منذ 2016 الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ونجحت في وقف خروج القوارب من سواحلها، بجانب تعاونها مع المنظمات الدولية في مكافحة الاتجار بالبشر وتدريب أجهزة الدولة.

 

وتابع قائلًا: "أقدر أقول بكل ثقة إن أوروبا عايشة في أمان بفضل مصر.. والتجربة المصرية في ملف اللاجئين نموذج للإنسانية المنظمة، اللي بتحمي الناس من غير ما تغرق في الفوضى، ولا تغرّق حد في البحر".

 

 

وأبدى الكاتب جمال سلطان استغرابه إزاء "الفخر" في تحول مصر إلى "حارس أمن لأوروبا".

 

وكتب قائلاً عبر حسابه في منصة "إكس": "لا أفهم، ولا أستوعب، وجه الفخر في هذا الوضع المهين الذي وضعتم فيه مصر العظيمة، ما هو الفخر في أن تكون دولة بحجم مصر مجرد خفير أو حارس أمن لأوربا، تمنع وصول ملايين المهاجرين الأفارقة إليها، وتستوعبهم في أرضها، وتتحمل مسؤولية رعايتهم وأمنهم وإعاشتهم، لتحمي رفاهية أوربا وأمنها وأمانها، مقابل أن تمنحك 4 مليارات دولار قرضًا بتسهيلات لدعم السلطة القائمة، أي فخر وطني في ذلك؟!".
 

 

السيسي يبتز أوروبا

 

وفي عام 2014، وصل أكثر من 200 ألف لاجئ ومهاجر إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، مما دفع العديد من الدول الأوروبية إلى تمويل دول جنوب المتوسط لمراقبة الحدود، لكن مصر أوقفت إلى حد كبير عمليات المغادرة من ساحلها الشمالي إلى أوروبا منذ عام 2016.

 

وقالت كيسلي ب. نورمان، الخبيرة في مجال مساعدات إدارة الهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد بيكر بجامعة رايس لمجلة "نيو إنترناشيوناليست": "بمجرد أن أظهروا أنهم قادرون حقًا على إيقاف القوارب التي تغادر من مصر باتجاه أوروبا، جلسوا مع الأوروبيين وقالوا: انظروا - إذا كنتم تريدون منا الاستمرار في القيام بذلك، فنحن بحاجة إلى مزيد من المساعدة".

 

وأشارت إلى أن مصر تستخدم الآن "تهديدات مبطنة" في مفاوضاتها مع أوروبا للتحذير من زيادة الهجرة إذا توقفت عن تأمين حدودها أو إذا انهار اقتصادها.

 

وفي مارس 2024، أبرم قادة الاتحاد الأوروبي، اتفاقًا مع مصر لتقديم حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو (8.5 مليار دولار)، وتهدف إلى "تعزيز الاقتصاد المصري المتعثر وتجنب أزمة هجرة أخرى في أوروبا"، تشمل 5.7 مليار دولار قروضًا غير مقيدة بشروط سياسية بسيطة، و230 مليون دولار لإدارة الهجرة، في صفقة يراها منتقدون "مكافأة" للنظام الاستبدادي في مصر.

 

وبعد أشهر قليلة من توقيع تلك الاتفاقية، أقرّت حكومة الانقلاب في ديسمبر 2024، أول قانون لتنظيم شؤون اللجوء في مصر. وبموجبه، انشأت "اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين"، كجهة مختصة بالفصل في طلبات اللجوء والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من الجهات الدولية.

 

ويمنح القانون الشرطة صلاحيات جديدة لاحتجاز اللاجئين لعدم امتلاكهم وثائق، ومُعاقبةً اللاجئين المنخرطين في أنشطة سياسية، وكذا المنظمات التي تُساعد اللاجئين دون تصريح رسمي.