تنص المادة 150 مكرر من الدستور المصري على أنه "لرئيس الجمهورية أن يعين نائبًا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصه، وأن يعفيهم من مناصبهم وأن يقبل استقالتهم".
كانت هذه المادة من بين المواد التي تضمنتها التعديلات على الدستور التي تم إقرارها في عام 2019، بما يسمح لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالبقاء في منصبه حتى 2030.
وعلى الرغم من مرور 6 سنوات على إقرار تلك التعديلات إلا أنه لم يتم تفعيل المادة الخاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية.
بورصة التكهنات
في مارس 2024، أثار الإعلامي وعضو مجلس النواب والمقرب من الجهات الأمنية، مصطفى بكري، المقرب من الأجهزة الأمنية، توقعات باحتمال تفعيل نص المادة 150 من الدستور، التي تنص على إمكانية تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، بالتزامن مع إجراء تعديل وزاري آنذاك.
تصريحات بكري أشعلت آنذاك تكهنات، بشأن من سيتولى منصب نائب الرئيس، وكان من أبرز الأسماء المطروحة عباس كامل، رئيس المخابرات العامة السابق، وكامل الوزير، وزير النقل والصناعة، وهالة السعيد زيرة التخطيط.
لكن سرعان ما تبددت تلك التوقعات، وخابت آمال الذين كانوا يتطلعون لشغل هذا المنصب الشاغر، والذي يمكن أن يحدد برأي البعض خليفة السيسي، كما جرى في السابق في عهد الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات. إذ لم يتم إعلان اسم لنائب للرئيس خلال التعديل الوزاري الذي جرى في يوليو من العام الماضي، على الرغم الحديث المتزايد عن احتمالية ذلك.
نواب الرؤساء السابقين
لكن لماذا الحساسية المتزايدة إزاء تعيين نائب للرئيس كما يرى كثير من المراقبين، على الرغم من أن هذا المنصب كان موجودًا في عهد رؤساء سابقين؟
اختار الرئيس جمال عبد الناصر إبان حكمه، 8 نواب له بعضهم تولى منصبه أكثر من فترة، وكان آخرهم أنور السادات الذي خلفه عقب وفاته في سبتمبر 1970.
وفي عهد السادات، عين السفير محمود فوزي نائبًا للرئيس، من يناير 1972 حتى سبتمبر 1974. وفي 15 أبريل عام 1975 عين حسني مبارك نائبًا للرئيس.
لكن هذا المنصب شغر لمدة ثلاثة عقود في عهد حسني مبارك (1981 - 2011)، والذي اضطر قبل أيام من تنحيه في 11 فبراير 2011 على تعين اللواء عمر سليمان مدير المخابرات نائبًا له، ولم يمكث الأخير في منصبه سوى 3 أيام.
وعقب فوز الرئيس محمد مرسي في أول انتخابات رئاسية في عام 2012، وقع اختياره على المستشار محمود مكي، ليكون نائبًا له.
وعقب الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، أدى الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 3 يوليو 2013، اليمين نائبًا للرئيس المؤقت عدلي منصور للعلاقات الدولية.
شخصية ديكتاتورية
لكن السيسي الذي يتولى الحكم منذ 2014 وحتى الآن لم يقم بتعيين نائب له حتى الآن، على الرغم من التوقعات المتزايدة في العام الماضي باختيار نائب له.
ويفسر المراقبون الأمر، بأن شخصية السيسي لا يتوائم معها اختيار نائب له قد ينازعه في صلاحياته، أو يهدد بقاءه، بخاصة وأنه يعرف عنه ميله للحكم الديكتاتوري، ولا يفضل أسلوب الإدارة الجماعية، كما ظهر في أكثر من موقف وتصريح له.
كما يربط البعض موقفه هذا بالمخاوف من أن يكون اختيار نائب له نذير شؤم له، كما جرى مع مبارك الذي ظل لثلاثة عقود بلا نائب له قبل أن يختار عمر سليمان في الأيام الأخيرة من حكمه.
لذا فإنه من غير المتوقع أن يقدم السيسي على تعيين نائب له، على الأقل خلال المرحلة الراهنة.