في خطوة أثارت موجة واسعة من الغضب والرفض الدولي، وثق نشطاء كيف انتقم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير من الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، خلال وجودها على متن أسطول الصمود العالمي الذي أبحر من عدة دول أوروبية لإيصال مساعدات إنسانية وكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.

هذه الناشطة التي بدأت مسيرتها كمدافعة عن البيئة، تحولت إلى صوت أعلى بكثير من مطالب المناخ، لتصبح رمزاً لصرخة احتجاج على تجاوزات الاحتلال الإسرائيلي التي تتعدى حدود التلوث البيئي إلى أبعاد أخلاقية وسياسية وإنسانية مقلقة بشدة.
 

“الغارديان” تكشف تفاصيل عن الظروف السيئة لاعتقال غريتا ثونبرغ في “إسرائيل”
أكّدت صحيفة “الغارديان” البريطانية أنّ سفارة السويد لدى الاحتلال الإسرائيلي أبلغت الخارجية في ستوكهولم أن غريتا ثونبرغ عانت من ظروف قاسية خلال اعتقالها.

وفي التفاصيل، أوضحت الصحيفة أنّ ثونبرغ أُدخلت إلى حجرة اعتقال فيها برغوث، وعانت من طفح جلدي وجفاف، ولم تحصل على ما يكفي من المياه والغذاء.
ونقلت الصحيفة عن ناشطة سويدية أخرى قولها بأنها رأت “المحققين أجبروها (ثونبرغ) على التلويح بأعلام”.

وقال أحد الناشطين أيضاً “إنهم شدّوا غريتا من شعرها وضربوها وأجبروها على تقبيل علم إسرائيل”، مضيفاً أنّهم قد فعلوا كل ما يمكن أن يخطر على البال، كإنذارٍ للآخرين”.

بدوره، أفاد ناشط آخر بأنّهم “لفّو غريتا بعلم إسرائيل وساروا بها وكأنها كأس بطولة”.
كما قال الناشطان الأميركي ويندفيلد بيفر، والماليزية هزواني حلمي لوكالة رويترز في المطار: إنهما شاهدا ثونبرغ تعامل معاملة سيئة، وقالا إنها دفعت وأجبرت على ارتداء العلم الإسرائيلي.
وقالت هزواني (28 عامًا): "كانت كارثة. عاملونا كالحيوانات"، مضيفة أن المحتجزين لم يقدم لهم طعام، أو ماء نظيف وأنه جرت مصادرة الأدوية والمتعلقات.
وقال بيفر (43 عامًا) إن تونبرغ عوملت "بشكل سيئ للغاية" و"استخدمت كأداة دعائية"، واصفًا كيف دُفعت إلى غرفة لدى وصول وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.

من جهته قال الناشط والصحفي التركي أرسين جليك بعد وصوله إلى إسطنبول: لقد عذب الإسرائيليون الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ تعذيبا شديدا أمام أعين البقية

 

وقالت يافا " يقول النشطاء ضمن #أسطول_الصمود_العالمي لكسر الحصار على غزة أن الكيان الصهيوني قام بتعذيب الناشطة السويدية الشابه ثونبرغ وتعمد اذلالها بطرق مختلفة.. أضعف الإيمان أن نواصل النشر عن غريتا. شجاعتك تقتلهم يابطلة".

 

غريتا ثونبرغ - من ناشطة بيئية إلى شاهد على ظلم الاحتلال
بدأت غريتا ثونبرغ تبرز في المشهد العالمي حين نظمت إضرابها المدرسي من أجل المناخ ولفتت انتباه العالم إلى خطر التغير المناخي.
لكن في السنوات الأخيرة، اتجهت ثونبرغ للدفاع عن قضايا إنسانية أوسع، حيث انتقدت الحصار الإسرائيلي على غزة وكشفت عن الواقع المرير للقطاع المحاصر الذي يعاني من نقص حاد في المساعدات الأساسية.

مشاركتها في "أسطول الصمود العالمي" كانت محاولة سلمية لإيصال المساعدات وكسر الحصار، لكنها قوبلت بالاعتقال والاحتجاز في ظروف قاسية حسب ما أوردته تقارير الصحف العالمية والصحافة البديلة.
 

بن غفير وسياسة الانتقام من رموز المقاومة السلمية
إيتمار بن غفير، المعروف بتشدده السياسي والأمني، استخدم منصبه لشن حملة اعتقالات تشمل ناشطين دوليين بارزين بينهم غريتا ثونبرغ، بتهم تتعلق بتهديد الأمن الإسرائيلي.

وتوضح تصريحات مسؤولي الأمن الإسرائيلي أن الاعتقال والاحتجاز في مراكز مثل "كتسيعوت" و"دامون" جاء برسالة تحذيرية لكل من يسعى لتحدي احتلال الدولة الإسرائيلية.
ووفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان ووسائل إعلام مستقلة، فإن هذه السياسة تمثل تصعيداً واضحاً تجاه أي صوت معارض، واستخداماً مفرطاً للقوة وأدوات القمع التي تجاوزت كل القوانين والمعايير الدولية.
 

صرخة أعزل وأمل في كسر الحصار
غريتا لم تكن وحدها في معركتها؛ فأسطول الصمود العالمي ضم عشرات من الناشطين من أكثر من 44 دولة، بينهم فنانين ونشطاء سياسيون وممثلون معروفون. هذا الأسطول يحمل رسالة إنسانية وسلامية واضحة تدعو لإنهاء الحصار وفتح ممرات إنسانية لفك معاناة ملايين الفلسطينيين، لاستخدامها كأداة ضغط على الاحتلال لإحباط سياساته التي وصفها بالمجزرة البطيئة.

وتعليقاً على الاعتقال، قالت غريتا من على متن الأسطول إنها لا تطالب فقط بالمساعدات وإنما بكسر التواطؤ الدولي مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أن "تواطؤ الحكومات في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة أمر لا يطاق ويجب أن يتوقف". وفي تحدٍ للتهديدات الإسرائيلية، أكدت ثونبرغ أن قضايا حقوق الإنسان والعدالة المناخية لا تنفصلان، وأن دعم حقوق الفلسطينيين أصبح ضرورة ملحة في ضوء الانتهاكات المستمرة.
 

استعراض دولي وإعلامي لقضية غريتا
القضية أثارت اهتماماً دولياً واسعاً، ووجهت انتقادات لاذعة لسياسة بن غفير التي اعتبرها الكثيرون انتقامية وغير إنسانية. منظمة "أسطول الحرية" تحدثت عن محاولة إسرائيل تصوير الناشطين كمهددين للأمن، فيما برزت موجات تضامن شعبية وإعلامية عبر منصات التواصل الاجتماعي منها "إكس" حيث انتشرت آلاف التغريدات التي تطالب بالإفراج عن غريتا وزملائها.
 

الواقع القاسي في السجون وأثر الحصار
تقارير تكشف أن ظروف احتجاز غريتا وناشطين آخرين قاسية وتفتقر لمقومات الاحتجاز الإنساني، ما يؤكد انتهاك الاحتلال لكل القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. هذا الواقع لم يمنع صوت ثونبرغ من أن يعلو كصرخة ثورية ضد الاحتلال الذي يتمادى في تصعيد جرائمه، ليس فقط على الأرض بل في المؤسسات والسجون التي أصبحت مكاناً للقمع والانتقام من كل صوت حر يدعو للسلام والعدالة.

وختامًا، تحولت الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ إلى رمز عالمي جديد للمقاومة السلمية في وجه الاحتلال الإسرائيلي، صوتها العاري من العنف صار شاهدًا زمنياً على ممارسات القمع والتضليل التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. قضية غريتا ليست مجرد اعتقال لشخص مدافع عن البيئة، بل هي رسالة صارخة ضد التلوث الأخلاقي والسياسي الذي يغرق فيه الاحتلال، وحث لكل الضمائر الحية من أجل دعم حقوق الإنسان والحق الفلسطيني في الحرية والكرامة