فشلت حكومة السيسي بتحقيق معدلات نمو شاملة وتوفير ملايين فرص العمل كما وعدت أكثر من مرة، حيث كشفت مؤشرات البطالة لعام 2025 عن واقع مختلف، حيث لا تزال معدلات البطالة تمثل تحديًا اجتماعيًا واقتصاديًا بالغ الخطورة، خصوصًا في أوساط الشباب والخريجين الجدد.
إحصاءات رسمية: تراجع بطيء في الظاهر، واستقرار فعلي في العمق
وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت معدلات البطالة في مصر خلال الربع الثاني من عام 2025 نحو 7.4%، مقارنة بـ7.6% في الفترة نفسها من عام 2024، و7.9% عام 2023.
لكن خبراء اقتصاديين حذروا من أن هذه النسب لا تعكس الواقع الكامل، إذ تغفل الأعداد الكبيرة من الشباب المحبطين الذين توقفوا عن البحث عن فرص عمل، فضلًا عن اتساع رقعة "البطالة المقنعة"، خاصة في القطاع الحكومي والزراعي.
وتشير الدراسات إلى أن معدل البطالة في مصر تراوح بين 12.7% و13.4% في عهد السيسي، مما يدل على استمرارية أزمة البطالة دون تحسن جذري، مع ذلك، يبرز أن نسبة الفقر ارتفعت بشكل ملحوظ في عهد السيسي، حيث أكدت مسؤولة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في مايو 2015 أن 40% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وهو مؤشر على تدهور الأوضاع الاقتصادية رغم ثبات نسب البطالة.
وتُظهر الإحصاءات أن نحو 63% من العاطلين هم من حملة الشهادات الجامعية، وهو ما يسلط الضوء على فجوة عميقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
وفي وقت تعلن فيه الأجهزة الحكومية للانقلاب أن معدل البطالة في مصر يتراجع إلى 7.4% في الربع الثاني من 2025، ليبلغ عدد العاطلين 2.13 مليون، وهو ما يشير إلى التحسن التدريجي في سوق العمل؛ قالت متخصصة لقناة العربية إنها أجرت دراسة على 2700 مفردة" وتوصلت الدكتورة أماني بسيوني عبر بحثها إلى أن نسبة البطالة بين خريجي بعض الكليات مثل العلوم الاجتماعية وأقسام الصحافة وخاصة بين الفتيات بلغت 69%.
أسباب البطالة في مصر: تشخيص المشهد الاقتصادي والاجتماعي
تتعدد أسباب البطالة في مصر، وتتداخل بين عوامل اقتصادية وهيكلية واجتماعية، وأبرزها:
1 - الفجوة بين التعليم وسوق العمل: يفتقر كثير من الخريجين للمهارات التي يطلبها السوق، بينما تواصل الجامعات تخريج أعداد ضخمة من التخصصات النظرية غير المطلوبة.
2 - الاعتماد على الاقتصاد الريعي: لا تزال الحكومة تركز على مشروعات البنية التحتية والعقارات، التي لا تولّد وظائف مستدامة كافية، بدلًا من الاستثمار في قطاعات مثل الصناعة والتكنولوجيا.
3 - تضاؤل دور القطاع الخاص: يعاني القطاع الخاص من ضعف الثقة، بسبب توسّع الدولة في النشاط الاقتصادي، ما يعيق قدرته على النمو وتوظيف العمالة.
4 - الضغوط الاقتصادية والمعيشية: ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الجنيه، تسببا في ركود العديد من الأنشطة الصغيرة، وتراجع القدرة على التوظيف.
5 - الهجرة الداخلية والخارجية: أدى نقص الفرص في المحافظات إلى تكدّس البطالة في المدن الكبرى، وارتفاع معدل الهجرة غير النظامية بحثًا عن فرص عمل في الخارج.
الكاتب المتخصص في علم الاجتماع د. عمار علي حسن وعبر حساب @ammaralihassan قال إن من أسباب البطالة في مصر وغيرها:
- قلة الإنتاج التي تؤدي إلى ضعف التشغيل.
- غياب خطة فعالة ومتكاملة للتدريب المنظم.
- الاحتكار الاقتصادي الذي حرم كثيرين من الحصول على الفرص الصغيرة والمتوسطة من العمل.
- النمو السكاني الذي صنع في الغالب كمًا بلا كيف.
البطالة بين الشباب والنساء: معاناة مزدوجة
أشارت التقارير إلى أن معدل البطالة بين الشباب (15-29 عامًا) يناهز 18%، فيما تصل البطالة بين النساء إلى 21%، وهو رقم يعكس القيود الاجتماعية، وغياب سياسات تشغيلية مراعية للنوع الاجتماعي.
مصر من الأعلى عالميًا بنسب البطالة
بلغ متوسط معدل البطالة في العالم للعام 2025، بعد قياس بيانات 101 دولة، ما نسبته 6.64 بالمئة، حيث سجلت السودان أعلى المعدلات في البطالة على مستوى العالم بنسبة وصلت إلى 62 بالمئة، بينما سجلت تايلاند أدنى نسبة بـ1 بالمئة وحلت المغرب في المرتبة السادسة ضمن قائمة الدول الأعلى بمعدلات البطالة بنسبة 13.2 بالمئة بينما حلت مصر في المرتبة الـ28 بنسبة بلغت 7.7 بالمئة، وهذا وفقًا للنسب الرسمية المعلنة في مصر، أما النسب الحقيقية فهي أعلى من ذلك بكثير بحسب الخبراء.
الحاجة إلى إصلاح جذري
في ظل الواقع الراهن، يرى محللون أن مكافحة البطالة في مصر لن تنجح بدون:
- إصلاح جذري في التعليم وربطه بسوق العمل.
- دعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
- تحفيز القطاع الخاص الحقيقي وتخفيف القيود البيروقراطية عنه.
- إنشاء قاعدة بيانات قومية للوظائف وربطها بالمهارات.
البطالة لم تعد مجرد رقم اقتصادي، بل باتت أزمة اجتماعية تهدد الاستقرار وتعطل طاقات ملايين الشباب.