إذا ساد وقف إطلاق النار في غزة، فسيكون ذلك تأخرًا أفضل من عدم حدوثه. لكن من الضروري التوقف لتقييم الدمار الذي خلّفته الضربات الإسرائيلية الواسعة والمستمرة، ردًا على الهجوم الدموي الذي وقع في 7 أكتوبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 251 آخرين.

غزة اليوم مدمرة بالكامل تقريبًا، وعدد الضحايا الفلسطينيين بلغ قرابة 60 ألف، بينهم آلاف الأطفال. سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة باتوا بلا مأوى، بلا مياه نظيفة، بلا كهرباء، وبلا أمل. مشاهد المجاعة، المقابر الجماعية، وأجساد المدنيين تحت الأنقاض أصبحت مألوفة، في ظل حصار خانق وغياب المساءلة الدولية.

في خضم هذا الجحيم، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إحراز اختراق في جهود الوساطة، وهو يقترب، حسب تصريحاته، من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. إن تحقق ذلك، فقد يمثّل أول خطوة حقيقية نحو إنجاز سياسي في فترته الثانية – وقد يمنحه، كما يأمل، فرصة واقعية للفوز بجائزة نوبل للسلام.

لكن إذا أراد ترامب أن يتحول من مجرد وسيط إلى صانع سلام حقيقي، فإن عليه أن يدفع نحو ما بعد الهدوء المؤقت: نحو تأسيس دولة فلسطينية قابلة للحياة. فوقف إطلاق النار وحده لا يكفي. إعادة إعمار غزة ليست كافية. المسار الوحيد لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي هو إنهاء الاحتلال، ومنح الفلسطينيين دولة مستقلة بحدود معترف بها، عاصمتها القدس الشرقية.

هذا المسار ليس سهلًا، ويعلم ترامب ذلك جيدًا. علاقته الوثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتحالفه مع اليمين المتطرف داخل إسرائيل، يجعله في موقف حساس. لكنه أيضًا، وفق ما يراه البعض، يملك تأثيرًا حاسمًا على صانعي القرار في تل أبيب – تأثير يمكن استثماره لصالح مشروع سياسي أكبر.

ترامب لديه سوابق في عقد اتفاقات مثيرة للجدل، مثل اتفاقات "أبراهام" بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. لكنها تجاهلت القضية الفلسطينية، واعتبرتها قابلة للتأجيل أو التهميش. اليوم، تظهر الأحداث المروعة في غزة أن تأجيل الحل لم يكن سوى وصفة لكارثة. من دون دولة للفلسطينيين، لن يكون هناك سلام دائم، بل مزيد من الدم، الدمار، والكراهية.

ربما لن تقبل الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو بدولة فلسطينية. لكن ترامب، إن أراد فعلاً دخول التاريخ، يستطيع أن يربط إعادة إعمار غزة – التي تحتاج لمليارات الدولارات – بعملية سياسية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال تدريجيًا، واستعادة الحقوق الفلسطينية، وضمان أمن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

هذا لن يُرضي الجميع. البعض في إسرائيل سيرى في ذلك خيانة، والبعض في العالم العربي سيشكك في نوايا ترامب. لكن التحركات التاريخية غالبًا ما تُقابل بالرفض في بداياتها، ثم تُذكر لاحقًا باعتبارها لحظات فاصلة. كاد إسحق رابين أن يحقق ذلك في التسعينيات، لكن تم اغتياله. بقي الحلم معلقًا منذ ذلك الحين.

لكن الوقت يداهم الجميع. كل يوم يتأخر فيه وقف إطلاق النار يزيد من عدد القتلى، ويجعل السلام أبعد. المطلوب الآن هو شجاعة غير تقليدية، رؤية تتجاوز الحسابات الانتخابية والتحالفات اللحظية. المطلوب هو ما يليق برجل يسعى لنيل جائزة تمنح لأصحاب المبادرات الشجاعة من أجل السلام.

https://www.washingtonpost.com/opinions/2025/07/11/palestinian-statehood-gaza-destruction/