قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 55 مواطنًا لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، بعد ظهورهم المفاجئ داخل مقر النيابة، عقب فترات متفاوتة من الاختفاء القسري، تراوحت ما بين أسابيع إلى شهور.
القرار المفاجئ أتى بعد حالة غياب تام عن الظهور أو التواصل مع أسرهم، الذين كانوا قد تقدموا بعدد من البلاغات تفيد باقتياد ذويهم من قبل الأجهزة الأمنية، دون إذن قضائي، أو إعلان رسمي عن أماكن احتجازهم.
ظهور مفاجئ بعد صمت طويل
بحسب مصادر حقوقية حضرت التحقيقات، فإن السلطات لم تعلن مسبقًا عن احتجاز هؤلاء المواطنين، ولم تفصح عن ظروف احتجازهم أو أماكنهم طيلة فترة اختفائهم.
وظهروا دفعة واحدة أمام النيابة، التي وجهت لهم مجموعة من الاتهامات النمطية التي باتت مألوفة في هذا النوع من القضايا، مثل "نشر أخبار كاذبة"، و"الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، و"التحريض على العنف"، و"تلقي تمويلات لأغراض تهدد الأمن والاستقرار".
ورغم خطورة هذه التهم، أكدت مصادر قانونية وحقوقية أن التحقيقات اقتصرت على توجيه الاتهامات العامة، دون تقديم أدلة ملموسة أو السماح الكافي للمحامين بالاطلاع على ملفات القضايا، ما أثار شكوكًا واسعة حول مدى جدية التحقيقات وعدالتها.
قائمة الأسماء.. مأساة تمتد عبر العائلات
ضمت قائمة المحتجزين العشرات من الشباب والرجال من مختلف المحافظات، من بينهم: أحمد جمال إبراهيم، زياد أحمد الحمراوي، محمد هشام بركات، محمود شعبان حسن، يوسف محمد حمدي، وغيرهم. وتوزعت حالات القبض بين منازلهم وأماكن عملهم، دون وجود قرارات ضبط وإحضار، أو علم مسبق من أسرهم.
البلاغات.. صرخات في صمت
على مدار الشهور الماضية، لم تتوقف أسر المختفين عن إرسال البلاغات إلى النائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان، تطالب بالكشف عن مصير أبنائهم. تلك النداءات كانت تقابل، حسب شهاداتهم، بصمت رسمي مطبق، رغم توثيق بعض حالات الاعتقال عبر شهود عيان وكاميرات مراقبة. وبحسب الحقوقيين، فإن هذا الصمت لم يكن مجرد تقصير، بل يعكس سياسة ممنهجة تُكرس ثقافة الإفلات من العقاب، وتتنافى مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي تجرم الاختفاء القسري.
منظمات حقوقية تطالب بتحقيق عاجل
جددت منظمات محلية ودولية، بينها "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، دعواتها لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن حوادث الإخفاء القسري في مصر. وطالبت هذه الجهات بالإفراج الفوري عن المحتجزين في حال عدم وجود أدلة قانونية ملموسة ضدهم، مؤكدة أن الاستمرار في هذا النهج يُضعف من ثقة المجتمع المحلي والدولي بمؤسسات العدالة المصرية، ويُكرّس صورة سلبية عن حالة حقوق الإنسان في البلاد.
مخاوف من استمرار الحبس الاحتياطي بلا محاكمة
القانونيون المشاركون في الدفاع عن المحتجزين حذروا من أن هذا النمط المتكرر من الحبس الاحتياطي دون محاكمة عادلة أو تهم واضحة قد يُعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ العدالة الناجزة. وأكدوا أن استمرار هذا المسار يُحوّل الحبس الاحتياطي من أداة احترازية إلى عقوبة فعلية، وهو أمر يهدد بتقويض ثقة المواطنين في النظام القضائي برمته.