عاد التوتر بين النظامين المصري والسعودي إلى واجهة المشهد السياسي والإعلامي، وسط تراشق غير مسبوق طال، عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو ما يعكس عمق الأزمة بين الحليفين اللذين كانا يوما ما على وفاق تام منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013.

 

انفجار إعلامي متبادل
التصعيد الأخير لم يكن كسابقه من المناوشات الإعلامية بين اللجان الإلكترونية أو الصحفيين الموالين، بل تجاوز الخطوط الحمراء ليصل إلى شخصيّة عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي، فيما يُشبه "معركة كسر عظم" خرجت إلى العلن بعد سنوات من التوترات المكتومة.

الهجوم الأبرز قاده الصحفي السعودي البارز قينان الغامدي، المقرب من النظام، حين كتب أن "السيسي سيغادر الحكم في 2026 وسينتهي به المطاف في سجن طرة"، متوعدا بانتهاء حكمه وتحويل قصره الإداري إلى "متحف للفرجة". الرد المصري جاء على لسان سامح أبو العرايس، المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية، متهما النظام السعودي بـ"تهديد مصر".

 

من الشتائم إلى التهدئة الرسمية
سبق هذه الجولة الساخنة، تراشقات عديدة بين إعلاميي الدولتين، كان آخرها حذف مقال لرئيس تحرير صحيفة "الجمهورية" وصف فيه السعوديين بـ"الأنذال الحفاة العراة". فيما رد الإعلام السعودي بسخرية من مشاريع مصرية فاشلة وأداء حكومي متردٍّ، خصوصا بعد حادثة وفاة 19 فتاة في حادث الطريق الاقليمي بالمنوفية.

ورغم محاولة السيسي تهدئة الأمور بتصريحات دبلوماسية في 2023، عادت الخلافات إلى السطح مؤخرا، ما استدعى تدخلا مباشرا من أجهزة الدولتين، انتهى بمسح التغريدات والتصريحات المثيرة للتوتر، وتنسيق اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين، بدر عبد العاطي وفيصل بن فرحان، في محاولة لاحتواء الأزمة.

 

هل توقف “الرز” سبب الخلاف؟
في خلفية هذا التصعيد، تلوح قضايا حساسة، أبرزها توقف المساعدات المالية السعودية لمصر، أو ما يُعرف إعلاميا بـ"الرز الخليجي"، والتي بلغت منذ 2013 أكثر من 92 مليار دولار، حسب تقارير إعلامية ومصادر رسمية سعودية.

لكن التحول السعودي من منح بلا مقابل إلى استثمارات مشروطة، أربك النظام المصري، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة. وأعلنت الرياض أن زمن "الشيكات المفتوحة قد ولى"، وهي رسالة حاسمة أدت إلى فتور غير مسبوق في العلاقات، بحسب معهد "الشرق الأوسط" الأميركي.

 

تيران وصنافير.. ورقة الضغط
قضية جزيرتي تيران وصنافير تمثل لغما إضافيا في العلاقة، فرغم تنازل مصر الرسمي عنهما عام 2016، لا تزال القاهرة تماطل في استكمال إجراءات التسليم، ما تسبب في غضب سعودي وأميركي على حد سواء، خاصة مع تداول أنباء عن رغبة واشنطن في بناء قاعدة عسكرية على الجزر، الأمر الذي تُبديه القاهرة كنوع من الامتعاض.

في هذا السياق، نشرت صحيفة نيويورك تايمز صور أقمار صناعية تُظهر أعمالا تحضيرية أميركية لبناء القاعدة، في خطوة رآها مسؤولون مصريون "إهانة للسيادة المصرية"، ومساسًا بدور الجيش في تأمين البحر الأحمر وقناة السويس.