كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن انخفاض حاد في عدد سكان قطاع غزة بنسبة 10%، نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 21 شهرًا، والذي خلّف عشرات آلاف الشهداء والمفقودين، وأدى إلى موجات من النزوح والهجرة القسرية، بالإضافة إلى تراجع حاد في معدلات المواليد وتدمير البنية التحتية بشكل شامل.
ووفق التقرير، بلغ عدد سكان القطاع حتى منتصف عام 2025 نحو 2,114,301 نسمة، أي بانخفاض نسبته 10% مقارنة بتقديرات منتصف العام نفسه، و6% مقارنة بتقديرات منتصف عام 2024، وهو ما يمثل تراجعاً حاداً وغير مسبوق في التركيبة السكانية للقطاع المحاصر.
استهداف البنية السكانية
أشار الإحصاء إلى أن هذا الانخفاض يعود بشكل مباشر إلى ارتفاع أعداد الشهداء والمفقودين، بالإضافة إلى مغادرة حوالي 100 ألف فلسطيني القطاع خلال فترة العدوان، وتراجع معدلات المواليد بسبب ظروف الحرب والمجاعة وفقدان الأزواج.
وأوضح التقرير أن الاستهداف المباشر للفئات العمرية الشابة، وخاصة الأطفال والشباب، سيؤدي إلى تشوهات حادة في الهرم السكاني، مؤكدًا أن تأثيرات هذا التراجع لن تتوقف عند الحاضر، بل ستمتد لعقود قادمة، مهددة مستقبل النمو السكاني والاستقرار الاجتماعي في القطاع.
مجازر بالأرقام
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، استشهد أكثر من 57 ألف فلسطيني في قطاع غزة وحده، أي ما يعادل 2.4% من إجمالي سكان القطاع، بينهم 18 ألف طفل و12 ألف امرأة. كما لا يزال نحو 11 ألف شخص في عداد المفقودين، في ظل غياب آليات البحث والإنقاذ بفعل تدمير المنظومة المدنية.
وكشف التقرير عن مأساة مروّعة لأطفال غزة، حيث فقد 39,384 طفلًا أحد والديهم أو كليهما، من بينهم 17 ألف طفل فقدوا الأبوين معاً، ليواجهوا واقعًا قاسيًا دون سند عائلي أو رعاية نفسية أو اجتماعية.
انهيار القطاع الصحي
تعرض النظام الصحي في غزة إلى استهداف مباشر وممنهج، إذ تم تدمير أو تضرر أكثر من 94% من المستشفيات حتى مايو 2025، واستهدفت قوات الاحتلال 144 سيارة إسعاف.
وأدت هذه الهجمات إلى استشهاد 1,411 من الكوادر الطبية، وإصابة 1,312 آخرين، واعتقال 362 من العاملين في المجال الصحي.
ويعيش حوالي 11 ألف مريض سرطان في خطر الموت بسبب نقص العلاج والتحويلات، من بينهم 5,000 حالة حرجة، بالإضافة إلى 3,000 مريض بأمراض مزمنة لا يمكن علاجها داخل القطاع بسبب تدمير البنية التحتية الطبية والحصار المشدد.
كارثة إنسانية متفاقمة
في ظل غياب الماء والغذاء والكهرباء والدواء، أدى الحصار والعدوان إلى استشهاد 66 فلسطينيًا بسبب المجاعة، بينما يواجه 14 ألف رضيع خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد.
كما ساهم الاكتظاظ في مراكز الإيواء إلى تفشي الأمراض، وتم تسجيل إصابات بين نحو 2.13 مليون مواطن، من بينهم 71,000 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي.
دمار تعليمي شامل
قطاع التعليم لم يسلم من المجازر، حيث استشهد 16,124 طالبًا وطالبة في المدارس، منهم 16,019 في غزة، بالإضافة إلى 1,191 شهيدًا من طلبة الجامعات، و707 من المعلمين والإداريين، و221 موظفًا في مؤسسات التعليم العالي.
كما تم تدمير 178 مدرسة وجامعة بالكامل، وتضرر 436 بشكل جزئي، مع تعطيل كافة المؤسسات التعليمية منذ أكتوبر 2023، ما حرم 620 ألف طالب من التعليم المدرسي، و88 ألف طالب جامعي من دراستهم، بينما حُرم حوالي 39 ألف طالب من تقديم امتحان الثانوية العامة لعامين متتاليين.
واقع ديموغرافي مقلق
بالمجمل، أشار الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن عدد الفلسطينيين في العالم بلغ حتى منتصف عام 2025 نحو 15.2 مليون نسمة، يعيش نصفهم خارج فلسطين.
وداخل الأراضي الفلسطينية، بلغ عدد السكان نحو 5.5 مليون نسمة، منهم 2.8 مليون من الذكور و2.7 مليون من الإناث.
ويقدر عدد الفلسطينيين في أراضي 48 بنحو 1.9 مليون نسمة، في حين يتوزع 7.8 مليون فلسطيني في الشتات، من بينهم 6.5 مليون في الدول العربية، ما يعكس عمق المأساة الممتدة خارج حدود الوطن.