نفّذت المقاومة الفلسطينية، أمس الاثنين، كميناً معقّداً ومركّباً لقوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيت حانون شمالي القطاع، ما أسفر عن مقتل عدد من الجنود وإصابة آخرين بينهم حالات حرجة وضباط كبار، وفقاً لما أعلنه جيش الاحتلال ووسائل إعلام عبرية.

ووصفت تل أبيب العملية بـ"الأعنف والأكثر تعقيداً" منذ بداية الحرب، فيما قارن مراقبون عسكريون بين آثارها الكارثية و"كمين ناقلة الجنود البوما" في خان يونس الذي أودى بحياة 7 جنود في يناير الماضي.

 

تفاصيل الكمين المعقد.. عبوات ناسفة، إطلاق نار، وتفجير روبوت
   بحسب اعترافات رسمية من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن الكمين بدأ بعد الساعة العاشرة من مساء الاثنين، حين كانت قوة راجلة من كتيبة "نتساح يهودا"، وهي كتيبة تضم جنوداً من المتدينين اليهود "الحريديم"، تتحرك في منطقة تمهّد لها جيش الاحتلال سابقاً بقصف جوي مكثف.

لكن المقاومة كانت تترصّد التحرك، حيث انفجرت عبوتان ناسفتان زرعتا بدقة على الطريق، إحداهما استهدفت دبابة إسرائيلية، والثانية أصابت عناصر الإنقاذ التي حاولت التدخل. بعد ذلك، تعرّضت قوة الإسناد لهجوم ثالث بعبوة ناسفة، تلاه انفجار رابع بالتزامن مع إطلاق نار مكثف من مسافة قريبة باتجاه المصابين.

وأن أحد التفجيرات نجم عن تفجير روبوت إسرائيلي محمّل بأطنان من المتفجرات، ما ضاعف حجم الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية.

 

حصيلة أولية: 5 قتلى و14 جريحاً.. والعدد مرشّح للارتفاع
أقرّ جيش الاحتلال رسمياً بمقتل 5 جنود على الأقل، وإصابة 14 آخرين، بعضهم في حالات خطيرة جداً، بينهم ضابط كبير، مشيراً إلى أن الكتيبة التي تعرّضت للكمين كانت ضمن عملية تهدف للسيطرة على بيت حانون بشكل كامل.

وفيما لم يُكشف عن هوية القتلى، أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن بعضهم يحمل رتباً متقدمة، وهو ما يرفع من وطأة الخسارة داخل الجيش، خصوصاً بعد سلسلة من الكمائن التي أودت بحياة العشرات خلال الأشهر الأخيرة.

 

فوضى ميدانية وإرباك في صفوف الاحتلال
قالت إذاعة جيش الاحتلال إنّ موقع الكمين شهد حالة من "الفوضى الميدانية" نتيجة القصف المتبادل ومحاولات إجلاء المصابين وسط نيران حية تطال فرق الإنقاذ والطائرات المروحية التي جرى استدعاؤها لتغطية الانسحاب.

وأكدت الإذاعة أنّ الهجوم المنسّق والمتعدد المراحل يُظهر تطوراً لافتاً في أساليب المقاومة، لا سيما تكرار استهداف قوات الإنقاذ، وهو ما أدى إلى إطالة أمد العملية وتعقيد مهمة الإجلاء.

كما أعلنت سلطات الاحتلال استنفار خمس مستشفيات في الداخل المحتل لاستقبال المصابين والقتلى، في مشهد أعاد إلى الأذهان الصور المروّعة التي شهدها الاحتلال خلال معارك خانيونس ورفح.

 

القسام: "لن تكون الأخيرة.. ومعركتنا مستمرة"
في أعقاب العملية، علّق الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة قائلاً:

"هذه ضربة جديدة تسدّدها سواعد مجاهدينا لهيبة الجيش المهزوم... وإن نجا بعض جنود الاحتلال من الجحيم هذه المرة، فقد لا ينجون لاحقاً، وسنكون في انتظارهم".

وأضاف أن معركة الاستنزاف التي تخوضها المقاومة في غزة ستكبّد الاحتلال خسائر مستمرة، مؤكداً أنّ الاحتفاظ بالأسرى الإسرائيليين قد يتكرّر في عمليات لاحقة إذا استمر العدوان.

 

سجلّ دامٍ للاحتلال في غزة: الأرقام تتحدث
بحسب آخر البيانات الرسمية الإسرائيلية، فقد قُتل 883 جندياً وضابطاً منذ بداية الحرب، فيما أُصيب 6029 آخرين، بينهم 2743 منذ بدء العملية البرية. وتشير التقديرات إلى أن العبوات الناسفة أصبحت السلاح الأكثر فتكاً ضد قوات الاحتلال، إذ تسببت بمقتل 21 جندياً منذ مارس الماضي فقط.

وبحسب المراسل العسكري لجيش الاحتلال، فإن التقديرات داخل هيئة الأركان تشير إلى إخفاق خطير في دعم الوحدات البرية بالمعدات والتجهيزات، ما جعلها عرضة لكمائن المقاومة.