يرى سايمون تيسدال في مقال نشرته الجارديان أن إعلان نهاية الحرب بين إيران وإسرائيل مجرّد وهم. وقف إطلاق النار اللفظي بين الطرفين يمكن أن يُمزق في أي لحظة. في طهران لا يزال نظام ثيوقراطي عدواني في السلطة، وفي القدس الحكومة لا تختلف كثيرًا. وفي واشنطن، رئيس يتحدث عن السلام بينما يدير سياسة خارجية تغذيها الغطرسة والجهل، غير مدرك أن رجاله المسنين الغاضبين لم يتعلموا شيئًا من الماضي. خلف ذلك، يكمن واقع مأساوي: مئات المدنيين قُتلوا، وآلاف الجرحى وملايين يعيشون تحت الخوف.
يكرر الكاتب أن الحرب "انتهت!"، لكن فقط السذّج من يظنون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اكتفى. حتى إذا صدقت مزاعم ترامب عن "تدمير" منشآت إيران النووية، فإن المعرفة التقنية والمخزون الغامض من اليورانيوم المخصب لا تزال قائمة. وأي إشارة إلى إعادة البناء، حقيقية أو متخيلة، ستدفع نتنياهو إلى الهجوم مجددًا. صحيح أن ترامب أوقفه مؤقتًا، لكن الأخير رجل يتراجع عن قراراته ثلاث مرات قبل الإفطار.
من المستبعد أن يتخلى نتنياهو عن الهيمنة الجوية التي فرضها على إيران بسهولة غير متوقعة. ومن المرجّح أن يستغل أي فرصة لمهاجمة إيران مجددًا إذا وجد في ذلك فائدة سياسية، خاصة مع تزايد الحديث عن انتخابات مبكرة يأمل عبرها في التغطية على إخفاقاته في 7 أكتوبر 2023، لا سيما في التعامل مع أسرى حماس.
حرب لا تنتهي
منذ مارس، حين دمّر نتنياهو وقف إطلاق النار مع غزة بقرار أحادي، وهو يُخضع القطاع بالقوة. الجيش الإسرائيلي والمستوطنون ارتكبوا مجازر بحق المدنيين قرب مراكز توزيع الغذاء في غزة ومدن الضفة. وفي أماكن مثل رفح، أصبح "الأحد الدامي" حدثًا يوميًا تقريبًا. وفي لبنان وسوريا، تُلقي إسرائيل قنابلها بلا رادع. لذلك لا سبب يدعو للاعتقاد بأن سلوكها تجاه إيران سيكون مختلفًا.
معظم الشعوب ترفض الحروب اللانهائية، كما حدث في أفغانستان والعراق، لكن نتنياهو لا يشاركهم الرأي. السلام يُضعف سلطته. أما الحرب المستمرة تُبقيه في السلطة، في دائرة الضوء، وبعيدًا عن السجن. يشبه في ذلك فلاديمير بوتين، حيث يُوظف الحرب لتعزيز التأييد الشعبي وتهميش خصومه. لكن هذه الحروب تقتل الديمقراطية، وتُقوّض سيادة القانون، وتُدمّر الحوكمة الرشيدة – وعلى الأميركيين أن يقلقوا أيضًا، فحرب ترامب الأبدية موجّهة ضد "العدو الداخلي".
نوايا إسرائيل لا تتعلق بالحرية
رغم مخاطبة نتنياهو الشعب الإيراني في فيديو يُشجعهم على مواجهة "نظام شرير وقمعي"، إلا أن الكاتب يؤكد أنه لا يهتم بحريتهم. هدفه الحقيقي هو ما سعت إليه القوى الإمبريالية دائمًا: دولة إيرانية ضعيفة، منقسمة، مُهمّشة، لا تمثل تهديدًا استراتيجيًا ويمكن معاقبتها متى شاءت إسرائيل. لذلك تتابع تل أبيب هجماتها السيبرانية وعمليات الاغتيال، وتسعى إلى فرض سيطرة دائمة على الأجواء الإيرانية.
طهران لا تعتبر الحرب قد انتهت
في المقابل، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي من عزلته ليبدأ حربًا ضد شعبه. شُنّت حملة أمنية اعتُقل فيها المئات، وأُعدم مشتبه فيهم بالتجسس. وربما يُسرع النظام الآن بخطوات غير مسبوقة لبناء سلاح نووي سرًا أو شراؤه من كوريا الشمالية.
ورغم قسوة الضربات، لم تقترب الجمهورية الإسلامية من السقوط. بل على العكس، يبدو أن الهجمات عزّزت الشعور الوطني في إيران. إذ لم تُقدّم واشنطن أو الأمم المتحدة دليلاً على أن إيران تسعى لتصنيع سلاح نووي، ومع ذلك هوجمت، بينما امتنعت الحكومات الأوروبية عن إدانة القصف. هذه التجربة ستعمّق انعدام الثقة بإزاء الغرب.
الضربات زادت التوتر ولم تردع إيران
تسعى طهران إلى تخفيف العقوبات الأميركية، وقد تبدي استعدادًا للحوار بشأنها، لكنها لن تتفاوض حول برنامجها النووي. أوقفت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأصبحت أكثر استعدادًا لاستئناف المواجهات غير المتكافئة وفتح جبهات الحروب بالوكالة في المنطقة.
ترامب لم يغادر المعركة بعد
حتى ترامب، رغم أوهامه بالحصول على جائزة نوبل، لم يخرج من هذه الحرب. تدخلاته المتهورة في أوكرانيا وغزة وإيران جعلت العالم أكثر اضطرابًا. والضربة المفاجئة التي وجهها لإيران تُشبه هجوم بيرل هاربر من حيث الانتهاك الصريح لميثاق الأمم المتحدة. وهي تمنح الأنظمة الخارجة عن القانون ذريعة لتبرير عدوانها.
أساء ترامب استخدام الدبلوماسية متعددة الأطراف، وأهان الحلفاء الأوروبيين، واعتمد على دبلوماسيين مبتدئين، وتجاهل آراء الخبراء. سماته – من الغرور المفرط إلى عدم الأمانة – تُجرده من الأهلية لقيادة قوة عظمى. الشرق الأوسط لا يعيش هدنة فعلية، بل مجرد توقف مؤقت. ترامب حاول اقتناص المجد السريع… وفشل.
خاتمة: حرب عبثية
يلخّص تيسدال فكرته بأن هذه الحرب لم تحقق سوى الألم والدمار وانعدام الأمن، ولم تأتِ بأي نتيجة إيجابية تُذكر. نادرًا ما تُحقّق القوة الغاشمة سلامًا حقيقيًا، بل عادةً ما تُفاقم الأزمات – وهذا ما حدث. متى سيفهم هؤلاء الرجال الغاضبون؟ غالبًا لا، ما لم يتحلَّ الديمقراطيون بالشجاعة الكافية لمواجهتهم.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/jun/29/iran-israel-ceasefire-netanyahu-forever-war