تصاعدت أصوات الغضب في مدن أوروبية عدّة من لاهاي إلى أمستردام وصولًا إلى ليفربول، حيث نظّم معارضون مصريون ونشطاء حقوقيون وقفات احتجاجية متزامنة لإحياء الذكرى الـ12 للانقلاب العسكري في مصر، الذي قاده عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013، وتضامنًا مع المحاصرين في قطاع غزة الذين يعانون من خنق مزدوج؛ إسرائيلي ومصري على حد تعبيرهم.

 

لاهاي: "إحنا مش ساكتين"... الغضب يتقدّم أمام السفارة المصرية
شهدت مدينة لاهاي الهولندية، وقفة حاشدة أمام مبنى السفارة المصرية، نظّمها نشطاء مصريون تحت شعار "إحنا مش ساكتين". جاءت الفعالية كجزء من حملة دولية لإبراز معاناة المعتقلين السياسيين في مصر، وفضح ما وصفه المحتجون بـ"الصمت الرسمي العربي" تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وتواطؤ النظام المصري في استمرار الحصار.

المتظاهرون حملوا لافتات تطالب بفتح معبر رفح دون قيود، والإفراج عن أكثر من 60 ألف معتقل سياسي يقبعون في سجون عبدالفتاح السيسي منذ الانقلاب، من بينهم نساء وقصر، في ظل تقارير دولية توثق انتهاكات جسيمة بحقهم داخل مقار الاحتجاز.

وألقى عدد من المشاركين كلمات نارية، قالوا فيها إن "السجون مليئة بأصحاب رأي، والألم لا يزال قائمًا، لكن الصوت الحر لن يُكسر"، كما حمّلوا حكومة السيسي مسؤولية انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين، خاصة في إدارتها لمعبر رفح، الذي تحوّل من شريان حياة إلى بوابة موت مغلقة في وجه الجرحى والمساعدات.

 

أمستردام: "الشعب لن ينسى"... محطة مركزية لتجديد الرفض
في قلب العاصمة الهولندية، وتحديدًا بمحطة أمستردام المركزية، واصل المصريون في المهجر احتجاجهم ضمن فعاليات إحياء الذكرى السوداء للانقلاب. جاءت الوقفة لتبعث برسالة واضحة بأن "الجرائم لا تسقط بالتقادم"، مؤكدين رفضهم لممارسات النظام الانقلابي القمعية واستمراره في نهج التنكيل والمعاملة المهينة للمعتقلين.

رفع المتظاهرون شعارات من قبيل "الشعب لن يسامح"، مطالبين بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، ووضع حد لسياسة الاعتقالات العشوائية التي طالت صحفيين ومدونين وحتى قضاة، وفق تقارير حقوقية.

كما أدانوا منع دخول المساعدات إلى غزة، وهو ما وصفوه بجريمة إنسانية يجب أن يُحاسب عليها من تورّط فيها، مؤكدين أن التضامن مع فلسطين هو واجب أخلاقي لا يُساوَم عليه.

 

ليفربول: رسالة من تحت أنقاض الحرب... "لا للديكتاتورية"
في مدينة ليفربول البريطانية، اختار المجلس الثوري المصري ومجموعة من الكيانات المعارضة تنظيم وقفتهم في موقع رمزي: "الكنيسة المقصوفة"، والتي بقيت على حالها منذ الحرب العالمية الثانية، لتكون شاهدًا على مأساة الحرب.

تحت شعار "لا للديكتاتورية... لا لدعم القمع"، استعرض المحتجون أوجه الشبه بين نضال الأوروبيين ضد الفاشية في القرن العشرين، ونضال المصريين الحاليين ضد قمع الدولة البوليسية. وطالبوا الحكومة البريطانية بمراجعة علاقاتها مع النظام المصري في ضوء الانتهاكات الحقوقية المتواصلة.

وقال بيان صادر عن المجلس الثوري إن "التاريخ لا يُمحى، كما لا تُمحى آلام 60 ألف معتقل يقبعون خلف قضبان القمع"، مشيرين إلى أن العالم الغربي عليه مسؤولية أخلاقية تجاه دعم الأنظمة التي ترتكب الجرائم باسم مكافحة الإرهاب أو الأمن.

 

غزة في قلب الاحتجاجات: معبر رفح بوابة مغلقة بقرار سياسي
لم تقتصر الاحتجاجات على الشأن الداخلي المصري، بل كان لقطاع غزة حضوره القوي، حيث وجه المشاركون اتهامات مباشرة للنظام المصري بالمشاركة الفعلية في تجويع القطاع، وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، والذي شهد مؤخرًا منع عبور قوافل إغاثية واحتجاز نشطاء حاولوا كسر الحصار.

ووصف المتظاهرون هذا السلوك بأنه "خيانة للقضية الفلسطينية"، معتبرين أن مصر تحوّلت من وسيط يُراهن عليه في دعم القضية إلى حاجز يعمّق الجراح.

 

موجة أوروبية ضد الاستبداد والتطبيع
تزامنت هذه الوقفات مع تحركات احتجاجية في مدن أوروبية أخرى، حملت الطابع نفسه، مناهضة للديكتاتورية ومؤيدة لحقوق الفلسطينيين. وتوافد على الفعاليات مصريون معارضون، ونشطاء أوروبيون، وممثلو منظمات دولية، طالبوا بوضع حد للتواطؤ السياسي والاقتصادي بين العواصم الغربية ونظام السيسي، في ظل غياب أبسط ضمانات العدالة والشفافية في الداخل المصري.

وأكد المحتجون أن القمع الداخلي في مصر والسياسة الخارجية للنظام، خاصة تجاه غزة، ترتبطان عضوياً، إذ أن استمرار القمع يمنح شرعية لحصار غزة، ويمنع أي تضامن شعبي عربي حقيقي.

 

أصوات من الخارج... وصرخات من الداخل
في ختام الوقفات، شدد المنظمون على أن هذه الفعاليات ستتواصل في الأسابيع المقبلة، في الذكرى السنوية لانقلاب الثالث من يوليو، "حتى لا تُنسى الجرائم، ولا يُسمح بتبييض صفحة الاستبداد".

وأكدوا أن رسالتهم ليست فقط إلى النظام المصري، بل إلى الشعوب الأوروبية والحكومات المتحالفة مع القاهرة، مطالبين بتحرك عاجل وفعلي، لا يقتصر على بيانات القلق، بل يصل إلى مراجعة سياسات التسليح والدعم الاقتصادي لنظام "فاقد للشرعية الشعبية والحقوقية"، على حد وصفهم.

 

شاهد:

https://www.facebook.com/watch/live/?ref=watch_permalink&v=583510451183768

https://www.facebook.com/watch/live/?ref=watch_permalink&v=1053183609804306