تستعد الأسواق المصرية لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار تطال قطاع الملابس الجاهزة، بعد إعلان تجار وصناع نية رفع أسعار الملابس الشتوية بنسبة تصل إلى 15%، نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج عقب قرار الحكومة الأخير برفع أسعار الوقود. يأتي ذلك في وقت يعاني فيه السوق المحلي من ركود واضح وتراجع في القدرة الشرائية، وسط تحديات متزايدة تواجه الصناعة محليًا.

زيادة الوقود تُشعل تكاليف الإنتاج
في أبريل الماضي، رفعت وزارة البترول أسعار البنزين والسولار والمازوت وأسطوانات البوتاجاز، في خطوة قالت إنها تأتي ضمن تعهدات الحكومة لصندوق النقد الدولي لتقليص الإنفاق على الدعم. وتسببت هذه الزيادة المباشرة في رفع كلفة تشغيل المصانع والنقل، ما ينعكس بدوره على أسعار الملابس الجاهزة، خاصة التي يجري تجهيزها حاليًا لموسم الشتاء المقبل.

الزيادة ستظهر في الشتاء.. والمصانع تحاول التخفيف
تقول سماح هيكل، عضوة شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، إن المصانع بدأت بالفعل في إنتاج الملابس الشتوية، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الوقود سينعكس مباشرة على هذه الدورة الإنتاجية. وتتوقع هيكل أن ترتفع الأسعار بنسبة تقارب 15% خلال موسم الشتاء المقبل.

وتوضح هيكل أن المصانع تحاول "امتصاص" أكبر قدر ممكن من الزيادات للحفاظ على حركة السوق، خصوصًا أن الموسم الصيفي الجاري شهد بالفعل زيادة في الأسعار تتراوح بين 10 و15% بسبب ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج.

سعر الدولار مستقر.. لكن الاعتماد على الاستيراد قائم
ورغم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما ساعد في كبح جماح زيادات أكبر في الأسعار، إلا أن عبد الغني الأباصيري، عضو غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، يؤكد أن مصر لا تزال تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد المواد الخام لصناعة الملابس، ما يجعلها عرضة للتأثر السريع بأي تغير في تكاليف النقل أو الطاقة.

ويصف الأباصيري الزيادة المتوقعة في أسعار الملابس بـ"الطفيفة"، معتبرًا أنها لا تشكل قفزة كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تعكس ضغوطًا حقيقية على الصناعة، لا سيما في ظل ركود السوق.

سوق راكد.. وصادرات نشطة
ورغم الأثر السلبي على السوق المحلي، فإن قطاع التصدير يُظهر أداءً لافتًا. فقد سجّلت صادرات الملابس الجاهزة نموًا بنسبة 24% خلال الربع الأول من عام 2025، لتصل إلى 812 مليون دولار مقارنة بـ656 مليونًا في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لبيانات المجلس التصديري للملابس الجاهزة.

في المقابل، لا يزال السوق المحلي يعاني من تباطؤ ملحوظ في حركة المبيعات، خصوصًا في شهري مايو ويونيو، وهي فترة انتقالية معتادة بين الموسمين، بحسب الأباصيري.

مستهلكون بين المطرقة والسندان
في ظل هذه المعطيات، يُتوقع أن يتكبد المستهلكون تكلفة إضافية في موسم الشتاء المقبل، في وقت تشهد فيه دخول الأفراد تآكلًا حادًا بفعل التضخم وغلاء المعيشة. ومع استمرار اعتماد الصناعة على الاستيراد وغياب حلول جذرية لدعم الإنتاج المحلي، تبقى الأسواق تحت ضغط مستمر يهدد بنقل أعباء جديدة إلى جيوب المواطنين.