كشفت وثائق بريطانية أفرج عنها مؤخرًا، ونقلتها ميدل إيست مونيتور، أن إسرائيل أطلقت حملة ضد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بعد تحميله لها مسؤولية فشل مساعيه لتحقيق اتفاق مرحلي مع مصر عقب حرب 1973.

سعت الحكومة الإسرائيلية إلى التأثير على الكونجرس الأمريكي لإقناع الرأي العام الأمريكي بأن كيسنجر "سلّم" إسرائيل لمصر و"أهان" وزراءها. ومع انهيار جهود كيسنجر في مارس 1975، أبلغ نظيره البريطاني جيمس كالاهان أن إسرائيل تسببت بفشل مهمته بسبب تمسكها بمطلب عدم الاعتداء، وهو شرط رفضته مصر دون تسوية شاملة تشمل القضية الفلسطينية.

أعلنت الإدارة الأمريكية برئاسة فورد بعد الفشل مراجعة شاملة لسياساتها في الشرق الأوسط، تشمل المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل، وتركّز على المبادئ لا على الاعتبارات التكتيكية. ورغم تجنب تحميل أي طرف المسؤولية علنًا، أشارت الصحافة الأمريكية إلى اعتقاد كيسنجر بأن إسرائيل تتحمّل الفشل.

أبلغ مجلس الأمن القومي الأمريكي السفير البريطاني أن رسالة فورد إلى رابين كانت "شديدة اللهجة"، ووصفت عناد إسرائيل خلال المفاوضات. ورغم نفي السفارة الإسرائيلية مسؤوليتها، أشار دبلوماسيون بريطانيون إلى تزايد الانتقادات الأمريكية لإسرائيل، وازدياد التوتر بين كيسنجر والحكومة الإسرائيلية.

لاحظ السفير البريطاني في تل أبيب أن الصحافة الإسرائيلية بدأت تهاجم كيسنجر، مشيرًا إلى تحريض من القادة الإسرائيليين. أكّد أن العلاقات بين كيسنجر وإسرائيل تدهورت إلى درجة أسوأ من العلاقات بين إسرائيل والإدارة الأمريكية.

أقر قادة إسرائيليون بغضب كيسنجر وموافقة فورد عليه. خلص السفير إلى أن قادة إسرائيل شعروا بقلق شديد من سخط واشنطن، وأن غضب كيسنجر أهم من صحة اتهاماته.

اتهم ليئون دُولزين، زعيم ليكود وقتها، كيسنجر بمحاولة إقناع الإسرائيليين بمنح السادات ما يريد، دون مقابل سوى استمرار المساعدات الأمريكية. كما اشتكى شمعون بيريز، وزير الدفاع حينها، من "إهانة" كيسنجر له، وطالب نواب الكونجرس بإيصال شكواه إلى واشنطن. واعتبر وزير المالية يشعياهو رابينوفيتش أن كيسنجر يقف وراء تأجيل زيارته إلى أمريكا.

أفاد دبلوماسيون بريطانيون أن المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا وكأنهم مقتنعون بأن كيسنجر يقود موجة الاستياء الأمريكي. وعبّر مسؤول بالخارجية الإسرائيلية عن امتعاضه قائلاً: "لأول مرة نراه يتصرف كيهودي"، في إشارة إلى انفعاله عند فشل المفاوضات.

أشار السفير البريطاني إلى أن بعض الإسرائيليين رأوا أن كيسنجر لم يكن يؤمن ببقاء إسرائيل عند تأسيسها، وأنه غيّر رأيه لاحقًا، لكنه بقي مقتنعًا بعد 1967 بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة تحت ضغط الرأي الدولي.

أظهرت وثيقة سرية أن كيسنجر انتقد الأداء العسكري الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، وشكّك في قدرة واشنطن على دعم إسرائيل في حرب مقبلة. كما اتهم الإسرائيليين بتضليل الأمريكيين بشأن خططهم العسكرية.

رأى دبلوماسيون بريطانيون أن إسرائيل تتهيأ منذ وقت طويل لتحميل كيسنجر المسؤولية، وأنها بدأت الآن بتنفيذ هذه الخطة. خلصت وزارة الخارجية البريطانية إلى أن ضغط كيسنجر لم يكن بدافع كره شخصي، بل حرصًا على تجنّب حرب جديدة قد تضر بإسرائيل والغرب أكثر من العرب.

اعتبر ميشيل وير، مساعد وكيل وزارة الخارجية البريطانية، أن إسرائيل فسّرت جهود كيسنجر لإجبارها على التنازل بوصفها "عداءً شخصيًا"، وهو ما يعكس فجوة عميقة بين التفكير الإسرائيلي ونظرة العالم الخارجي. وختامًا، رأى وير أن قبول إسرائيل بمبدأ الانسحاب يجعل كيسنجر محقًا في شعوره بالخيانة.

https://www.middleeastmonitor.com/20250509-israel-launched-a-campaign-against-kissinger-after-he-blamed-it-for-the-breakdown-of-negotiations-with-egypt-in-1975-british-documents-reveal/