في تطور جديد يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في جنوب سوريا، أثارت تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حماية السكان الدروز في المنطقة موجة من التداعيات الخطيرة.
فقد أكدت صحيفة "معاريف" العبرية أن هذه التصريحات كانت بمثابة شرارة أدت إلى تحركات هامة في محافظة السويداء، حيث أعلنت مجموعات درزية مسلحة انضمامها إلى "المجلس العسكري للسويداء" بقيادة طارق الشوفي.
إعلان عسكري واتهامات بالانفصال
بعد خطاب نتنياهو، سارعت هذه الفصائل إلى تنظيم مسيرة عسكرية بالقرب من الحدود الأردنية، وهو ما اعتبره البعض تصعيدًا في المشهد العسكري.
وأوضح الشوفي في تعليق رسمي على تصريح نتنياهو قائلاً: "نحن نشكر كل من يدعم ويساعد في الدفاع عن الطائفة الدرزية"، مشددًا على أن المجلس العسكري يعمل بتنسيق مع القيادة الروحية للطائفة، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري.
لكن الموقف الرسمي للطائفة شهد تناقضات، إذ نفى الشيخ حكمت الهجري دعمه للمجلس وأعرب عن معارضته لأي مشاريع قد تؤدي إلى تقسيم سوريا.
كما ظهرت معارضة داخلية قوية، حيث أكد العديد من أبناء السويداء أن المجلس "غير شرعي"، وأن تصريحاته تعبر فقط عن أعضائه، مما يعكس وجود انقسام داخلي حاد في المجتمع الدرزي حول شرعية هذه التحركات.
السويداء بين الاحتجاجات والتحركات الدبلوماسية
في ضوء الانتقادات المتزايدة، أصدر "المجلس العسكري للسويداء" بيانًا جديدًا في 24 فبراير الماضي، أكد فيه أنه لا يسعى إلى الانفصال عن سوريا، بل يهدف إلى حماية أمن الدروز وإعادة إعمار المحافظة.
ومع ذلك، لم يكن هذا كافيًا لتهدئة المعارضة الداخلية، حيث خرجت احتجاجات في عدد من مناطق السويداء رفضًا لأي تدخل إسرائيلي في الشأن السوري.
في الوقت ذاته، سعت شخصيات درزية بارزة إلى احتواء الأزمة عبر المسارات الدبلوماسية، حيث التقى وفد من السويداء الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في دمشق، لمناقشة تداعيات تصريحات نتنياهو ومستقبل الجماعات المسلحة الدرزية ضمن هيكل أمني جديد.
ويبدو أن الحكومة السورية تحاول استيعاب هذه التحركات لضمان عدم خروج الوضع عن السيطرة.
ارتدادات إقليمية وتصعيد عسكري إسرائيلي
لم تقتصر تداعيات تصريحات نتنياهو على الداخل السوري، بل تجاوزته إلى مشهد أوسع في الجنوب السوري.
فقد شهدت محافظتا درعا والقنيطرة احتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث رفعت لافتات تندد بمحاولات "إسرائيل" التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا.
ومن أبرز الشعارات التي لفتت انتباه الإعلام "إسرائيل تخدع نفسها وكأنها انتصرت... لكن التاريخ لا يرحم الغزاة".
في هذا السياق، برزت تقارير تتحدث عن وجود علاقات بين "المجلس العسكري للسويداء" وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وهو ما استدل عليه البعض بتشابه شعارات الجهتين.
إلا أن بعض المحللين يرون أن هذا المجلس ليس جزءًا من تحالف موسع، بل يعكس معارضة داخلية للنظام الجديد، مما قد يشكل تحديات مستقبلية.
بالتزامن مع ذلك، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من عملياته العسكرية في جنوب سوريا، حيث نفذ ضربات جوية واسعة النطاق في 25 فبراير الماضي، استهدفت مواقع عسكرية في درعا والقنيطرة، بذريعة منع تهديدات أمنية ناشئة على حدوده الشمالية.