شهدت الساحة الفنية والإعلامية حالة من الجدل والغضب الواسع عقب طرح الإعلانات الترويجية لعدد من المسلسلات التي من المقرر عرضها خلال شهر رمضان المقبل.
وأعرب عدد كبير من المصريين عن استيائهم من بعض المشاهد التي وصفوها بأنها "خادشة للحياء" و"لا تليق بحرمة الشهر الكريم"، ما أدى إلى تصاعد الدعوات لمقاطعة هذه الأعمال.
انتقادات واسعة لمسلسل "إش إش"
تصدر مسلسل "إش إش"، الذي تقوم ببطولته الفنانة مي عمر ومن إخراج زوجها محمد سامي، قائمة الأعمال التي أثارت استهجان الجماهير. وتجسد مي عمر في المسلسل شخصية راقصة درجة ثالثة، وهو ما اعتبره البعض موضوعًا غير ملائم للعرض في شهر الصيام.
مشاهد الرقص والملابس الجريئة التي ظهرت في برومو المسلسل، الذي يُعرض على قناة "إم بي سي مصر"التابعة للمملكة السعودية، أثارت ضجة واسعة، خاصة مع الجملة التي ترددها البطلة في الإعلان: "أنا مبتجوزش راجل غلطت معاه"، ما اعتبره المنتقدون إساءة واضحة لقيم المجتمع المصري والعربي.
دعوات للمقاطعة وموجة استياء سياسي
لم يقتصر الغضب على الجمهور فقط، بل امتد ليشمل شخصيات سياسية ودبلوماسية، حيث انتقد السفير محمد مرسي عبر صفحته على "فيسبوك" المسلسل قائلاً: "أهكذا تستقبلون رمضان؟"، داعيًا إلى مقاطعته، ومطالبًا بوقف الاشتراك في المنصات الرقمية التي تعرض هذه النوعية من الأعمال، مثل "شاهد" و"واتش إت".
الدراما بين الجدل والحرية الإبداعية
الناقد الفني طارق الشناوي دافع عن العمل، معتبرًا أن الجدل حول المحتوى الفني خلال رمضان ليس جديدًا، مشيرًا إلى أن السينما المصرية في خمسينيات القرن الماضي كانت تعرض الأفلام طوال الشهر الكريم، بما في ذلك الأعمال التي تضمنت مشاهد رقص.
وأكد الشناوي أنه "إذا كانت هذه الأعمال مقبولة خلال العام، فلماذا تصبح غير مقبولة في رمضان؟".
في المقابل، أعرب الممثل هشام عبد الله عن استيائه من توجهات الدراما الحديثة، معتبرًا أنها "تسهم في نشر الانحلال وزعزعة القيم المجتمعية"، مشددًا على أن "الدراما أداة خطيرة يجب استخدامها في بناء المجتمعات لا هدمها".
موجة رفض متزايدة ضد العنف والإغراء في الدراما
لم يقتصر الغضب على مسلسل "إش إش" فقط، بل طال أيضًا أعمالًا أخرى مثل "سيد الناس" بطولة عمرو سعد، حيث ظهرت مشاهد تتنافى مع الثقافة الصعيدية التي يحاول المسلسل تمثيلها، إلى جانب مسلسل "العتاولة 2" الذي اعتبر البعض أن مشاهده المليئة بالعنف والإثارة تتنافى مع روح الشهر الفضيل.
من جانبها، أكدت الناقدة الفنية إيمان نبيل أن "المسلسلات الرمضانية الحالية تفتقر للقيم والمحتوى الهادف، وتركز على الإثارة والغريزة"، مشيرة إلى أن "غياب الدراما الاجتماعية الهادفة والدينية والتاريخية أدى إلى فراغ فني يتم ملؤه بمشاهد العنف والإغراء".
تأثير الدراما على المجتمع وانتشار الجريمة
تزايدت المخاوف بشأن تأثير هذه الأعمال على الشباب والمجتمع، حيث أظهرت دراسات حديثة ارتباطًا بين العنف في الأعمال الدرامية وارتفاع معدلات الجريمة في مصر، التي تحتل مرتبة متقدمة عربيًا وأفريقيًا في معدلات الجريمة.
شهد العام الماضي حوادث مروعة مشابهة لما تعرضه الدراما، مثل حادثة قتل في الشارع على طريقة الأفلام، وقضية "سفاح التجمع"، وجرائم سرقة وقتل مستوحاة من مشاهد البلطجة والعنف في المسلسلات.
مطالبات برقابة صارمة
في ظل تصاعد الانتقادات، طالب عدد من الخبراء والمثقفين بفرض رقابة مشددة على المحتوى الدرامي الرمضاني، ومنع الأعمال التي لا تتناسب مع تقاليد الشهر الكريم، خاصة تلك التي تتعمد إثارة الجدل بمشاهد خارجة عن القيم الأخلاقية والاجتماعية.