تجاوزت تكاليف الزواج في مصر حدود المعقول، حيث قد يحتاج الشاب إلى أكثر من مليون جنيه مصري (حوالي 20 ألف دولار) للزواج، بينما تصل التكلفة في بعض الحالات إلى ضعف هذا المبلغ، رغم تزايد معدلات العنوسة في البلاد. ورغم التضخم الحاد الذي أدى إلى تآكل الموارد المالية للأسر، لا تزال تكاليف الزواج في ارتفاع مستمر، ما يجعل الزواج حلمًا بعيد المنال لكثير من الشباب.

بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، شهد عام 2023 تسجيل 961.220 عقد زواج، مقابل 265.606 حالة طلاق، مما يعكس تحديات الاستقرار الأسري وسط الأزمة الاقتصادية.

يقول محمد ربيع، شاب يبلغ من العمر 30 عامًا: "أحتاج إلى مليون جنيه للزواج، نصفها لشقة متواضعة، والنصف الآخر للمهر والشَّبكة وتجهيزات الزفاف". وترتفع التكلفة إلى مليوني جنيه إذا أراد العيش في منطقة راقية، حيث يبلغ سعر الوحدة السكنية 1.5 مليون جنيه، بينما تصل تكاليف الخطوبة والتجهيزات الأخرى إلى نصف مليون جنيه كحد أدنى.

تختلف تكلفة الشَّبكة باختلاف المناطق؛ ففي صعيد مصر، يُشترط على العريس تقديم 100 جرام من الذهب عيار 21، ما يعادل أكثر من 400 ألف جنيه، بينما في القاهرة الكبرى، يمكن أن تقتصر على 50 ألف جنيه أو مجرد دبلة حسب المستوى الاجتماعي للعروسين.

بالإضافة إلى ذلك، يتحمل العريس تكلفة فستان الزفاف والتصوير الفوتوجرافي، ومراسم الاحتفال التي قد تتضمن "ليلة الحنة"، حيث يقدم أهل العريس ذبيحة وليمةً للأهل والأصدقاء. ومع ارتفاع أسعار المواشي، لجأت بعض الأسر إلى احتفالات أكثر بساطة.

 

أعباء مالية مشتركة بين العروسين

لا يتحمل العريس وحده عبء التكاليف، إذ يقع على عاتق العروس وأسرتها جزء كبير من تجهيزات المنزل. تقول سحر علي، والدة إحدى العرائس: "اضطررت لإنفاق 400 ألف جنيه لتجهيز ابنتي، من أجهزة كهربائية وأثاث وأدوات منزلية".

تُصر بعض العرائس على شراء أحدث الأجهزة المنزلية، إلى جانب "النيش"، وهو خزانة تُعرض فيها أدوات المائدة الفاخرة، مما يُشكل ضغطًا إضافيًا على الأسر وسط الارتفاع الجنوني للأسعار.

تروي أمل محمد بحزن كيف اقترضت والدتها مبلغًا كبيرًا لتجهيز منزلها، لكنها عجزت عن السداد وانتهى بها الأمر في السجن. لاحقًا، طلّقها زوجها خوفًا من الفضيحة.

 

عادات اجتماعية تزيد من معاناة الشباب

تتمسك العائلات المصرية بتقاليد تزيد من أعباء الزواج، مثل تقديم "المواسم"، وهي كميات ضخمة من الأرز والمكرونة واللحوم للعروس، إضافة إلى إقامة ولائم ضخمة لأهل العريس تقديرًا للشَّبكة.

وعلى الرغم من محاولات تقليل التكاليف، لا تزال العائلات تصرّ على الالتزام بهذه التقاليد، ما يفاقم ظاهرة تأخر الزواج. يعلق الصحفي محمد عمرو بأن الفقر والبطالة وانخفاض الأجور وارتفاع تكاليف الإسكان هي الأسباب الرئيسية للأزمة، بالإضافة إلى العادات الاجتماعية.

 

الآثار السلبية وتأثيرها على المجتمع

بحسب الخبيرة في العلاقات الأسرية، فاطمة سيد، فإن تأخر الزواج أدى إلى تفشي ظواهر مقلقة، مثل انتشار الزواج العرفي والديون والتوتر الأسري وارتفاع معدلات الانتحار وزيادة نسب الطلاق.

ورغم إطلاق حملات اجتماعية ودينية، مثل "أقل النساء مهرًا أكثرهن بركة"، و"لا للشَّبكة الغالية"، إلا أن تأثيرها كان محدودًا. أكدت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية أن مصر من أغلى الدول في تكاليف الزواج في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

مع انكماش الطبقة المتوسطة وتزايد معدلات الفقر، يبدو أن العزوف عن الزواج بات شكلًا صامتًا من الاحتجاج على الوضع الاقتصادي، حيث أصبح الحب والزواج في مصر رفاهية لا يقدر عليها الجميع.

https://www.middleeastmonitor.com/20250218-love-and-marriage-are-expensive-in-egypt/