في ظل التغيرات الاقتصادية المتلاحقة وارتفاع تكاليف المعيشة، باتت خدمات الإنترنت والهاتف المحمول جزءًا لا يتجزأ من حياة الأسر المصرية، حيث تحوّل الإنترنت من كونه خدمة ترفيهية إلى ضرورة أساسية تفرض نفسها بقوة على ميزانيات الأسر، خاصة بعد الزيادات المتتالية في أسعار باقات الإنترنت الأرضي والمحمول.
 

الإنترنت.. من رفاهية إلى ضرورة معيشية
   إلهام محمد، أم لخمسة أطفال في مراحل تعليمية مختلفة، تعيش في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة، وجدت نفسها مضطرة لتحمل أعباء مالية إضافية بعد الزيادات الأخيرة في أسعار الإنترنت.
وتقول إلهام: "الإنترنت أصبح مثل الأكل والشرب، لا يمكننا الاستغناء عنه، فالأطفال يعتمدون عليه بشكل أساسي في دراستهم، كما أن كثيرًا من الأعمال تعتمد عليه".

إلهام توضح أن تكلفة الإنترنت الشهرية لها ولأسرتها أصبحت تتجاوز 500 جنيه للباقة الأساسية والإضافية، بالإضافة إلى 300 جنيه لكروت الشحن و120 جنيهًا لفاتورة الهاتف الأرضي، وتشير إلى أن دخل الأسرة لا يتجاوز 5 آلاف جنيه، ما يجعل إدارة الميزانية تحديًا صعبًا في ظل هذه الزيادات.

وخلال العام الماضي، رفعت شركات المحمول أسعار خدمات الإنترنت الأرضي بنسبة 30% للمرة الثانية في نفس العام، تحت ضغط ارتفاع تكلفة التشغيل.
إلى جانب ذلك، شهدت باقات الهاتف المحمول والإنترنت ارتفاعات كبيرة، ما أثر بشكل مباشر على الإنفاق الأسري.
 

ميزانية جديدة فرضتها الحاجة
   لم تكن إلهام وحدها من شعرت بعبء التكاليف المتزايدة.
مصطفى رمضان، موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، اعتاد في الماضي الاعتماد على باقة الموبايل فقط، لكنه اضطر لاحقًا لتركيب إنترنت منزلي بسبب التغيرات في النظام التعليمي، الذي أصبح يعتمد على المنصات الرقمية والمصادر الإلكترونية.

يقول مصطفى: "الإنترنت لم يعد رفاهية، بل صار ضرورة مثل الطعام والملبس، التعليم كله أصبح رقميًا، وأطفالي يحتاجون إليه بشكل أساسي"، ويشير إلى أن تكلفة الإنترنت بعد الزيادة أصبحت تتجاوز 300 جنيه شهريًا، بالإضافة إلى 130 جنيهًا للهاتف الأرضي كل ثلاثة أشهر، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا على ميزانيته.
 

الإنترنت والعمل.. علاقة لا يمكن إنكارها
   الأمر لا يقتصر على الأسر فحسب، بل يمتد إلى فئات أخرى تعتمد على الإنترنت في عملها اليومي. يوسف محمد، شاب ثلاثيني يعمل في إحدى شركات التوصيل عبر الإنترنت، يوضح كيف أصبحت باقات الإنترنت جزءًا من مصاريفه الشهرية الأساسية.

يقول يوسف: "أجدد باقة الموبايل مرتين شهريًا، لأنني أعتمد عليها في استقبال الطلبات والتواصل مع العملاء"، ومع ارتفاع أسعار الإنترنت، وجد يوسف نفسه يدفع أكثر من ضعف ما كان يدفعه سابقًا، مما زاد من الأعباء المالية عليه.
 

تأثير اقتصادي واجتماعي
   الارتفاع المستمر في أسعار خدمات الإنترنت والهاتف المحمول يضع الأسر المصرية في مأزق اقتصادي، حيث تجد العديد من العائلات صعوبة في التوفيق بين الاحتياجات الأساسية وتكاليف الإنترنت، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
كما أن الاعتماد المتزايد على الإنترنت في مجالات التعليم والعمل يجعل من الصعب على الأسر تقليص نفقاته.