في مشهد إنساني، تحوّل كوب بسيط إلى رمز للتضامن والمساندة، بعدما استطاع جمع ملايين الجنيهات لدعم القطاع الصحي في غزة.
لم يكن كوب القهوة هذا مصنوعًا من الذهب أو مرصعًا بالألماس، بل كان مجرد "ماج" يحمل ذكريات شخصية لصاحبته، لكنه أثبت أن قيمة الأشياء ليست في ماديتها، بل في القصة التي تحملها والأثر الذي تتركه.
90 ألف دولار في أقل من يومين.. عندما يتحول العطاء إلى قصة ملهمة
هبة راشد، مؤسسة ومديرة جمعية مرسال الخيرية، لم تكن تتوقع أن يتحول تبرعها بهذا الكوب إلى حدث يجذب أنظار المتبرعين، لكن ما حدث فاق كل التوقعات.
في أقل من يومين، ارتفع سعر "كوب أوكسفورد"، الذي كان رفيقها خلال دراستها للماجستير في جامعة أكسفورد، إلى 4.5 ملايين جنيه مصري (نحو 90 ألف دولار أمريكي).
عن دوافعها لهذا التبرع، قالت هبة راشد: "كنت أرغب في أن أشارك في قوافل الإغاثة إلى غزة، ليس فقط من خلال دوري كمديرة لجمعية مرسال، بل أيضًا من خلال شيء يعنيني شخصيًّا، أردت أن أقدّم شيئًا له قيمة معنوية، وكان هذا الكوب هو الخيار الأمثل."
تجهيز غرف عمليات لإنقاذ المصابين في غزة
لم يكن الهدف من المزاد مجرد جمع أموال، بل كان توجيهها لدعم القطاع الصحي المتدهور في غزة.
أوضحت راشد: "الفكرة كانت أن أخصص عائد المزاد لصالح شراء مستلزمات غرف العمليات، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها المصابون في مستشفيات القطاع".
ومع الإقبال الكبير على المزاد، قررت الجمعية تمديد فترة التبرع، وهو ما ساعد على تجهيز غرفة عمليات ثانية، مع توقعات بتمويل غرفة ثالثة قريبًا.
اللافت أن المبادرة لم تقتصر على هذا الحد، إذ حفّز نجاح المزاد متبرعين آخرين على التكفل بتجهيز غرف عمليات إضافية في غزة.
مرسال.. نموذج مختلف في العمل الخيري
جمعية مرسال الخيرية ليست مجرد منظمة تقليدية لجمع التبرعات، بل هي نموذج فريد من نوعه يعتمد على الابتكار في العمل الخيري.
فمنذ اندلاع الحرب الأخيرة، تمكنت مرسال من إرسال أكثر من 150 شاحنة مساعدات، و7 سيارات إسعاف، بميزانية تجاوزت 250 مليون جنيه (5 ملايين دولار).
وبعد إعادة فتح المعابر، نجحت الجمعية في إرسال 25 شاحنة جديدة، إضافة إلى تجهيز 20 سيارة إسعاف و5 غرف عمليات في القافلة القادمة.
ولا تعدّ هذه المبادرة الأولى من نوعها، إذ سبق أن أطلقت مرسال حملات إبداعية مماثلة، مثل "أغلى كارت شحن في مصر"، الذي جمع أكثر من 11 مليون جنيه لدعم العمل الخيري قبل سنوات.
لا إعلانات.. لا صور للمحتاجين.. فقط إنسانية خالصة
ما يميز مرسال عن غيرها من الجمعيات هو نهجها المختلف في العمل الخيري، فوفقًا لهبة راشد، ترفض الجمعية استخدام الإعلانات الترويجية التي تستهلك جزءًا من التبرعات، وتحرص على حفظ كرامة المستفيدين بعدم تصويرهم إلا بموافقتهم.
كما أنها لا تقتصر على تقديم المساعدات التقليدية، بل تبتكر أساليب جديدة، مثل منصة "مرسال شوب" لبيع التبرعات العينية، وأكاديمية مرسال التي توفر دورات تعليمية لدعم أنشطة المؤسسة.