مصر، بلد التاريخ العريق والحضارة الممتدة عبر آلاف السنين، تعيش اليوم واقعًا مليئًا بالتحديات والآلام.
في ظل نظام سياسي ركَّز على مصالحه الخاصة وأهدافه الضيقة، تفاقمت معاناة الشعب المصري وتراجعت أحلام الملايين في وطن يضمن لهم الكرامة والعدالة.
على مدى العقد الماضي، شهدت مصر توجهًا نحو بناء القصور الرئاسية وشراء الطائرات الفاخرة، في وقت يعاني فيه المواطن من أزمات اقتصادية خانقة.
هذا الإنفاق غير المبرر على مظاهر البذخ يأتي بينما يعيش ملايين المصريين تحت خط الفقر، يكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن المؤسسة العسكرية أصبحت اللاعب الرئيسي في الاقتصاد، مستحوذة على موارد البلاد ومنافِسة للشركات الخاصة، ما أدى إلى خروج العديد من المستثمرين من السوق المصري وتزايد معدلات البطالة.
ومن ناحية أخرى، لم تتردد الأجهزة الأمنية في ممارسة أقسى أشكال القمع ضد الشباب المصري.
مَن رفعوا أصواتهم بالمطالبة بالإصلاح وجدوا أنفسهم في السجون أو مجبرين على الهجرة بحثًا عن حياة أفضل.
أما أولئك الذين حاولوا الهجرة غير الشرعية، فقد انتهت رحلتهم بمأساة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، تاركين وراءهم أحلامًا مكسورة وأسرًا مفجوعة.
وفي ظل هذا الواقع، يتدهور الجنيه المصري أمام الدولار، مما يؤدي إلى عجز الدولة عن توفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الضروريات.
كل ذلك يحدث بينما تُقام القمم الدولية في قصور فاخرة بُنيت من أموال الشعب، مثل القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي التي عُقدت تحت شعار "الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة".
يا للسخرية! الشباب يعانون البطالة والإحباط، والشركات الصغيرة تُحاصر بالضرائب والتكاليف الباهظة، بينما تُهيمن المؤسسة العسكرية على الاقتصاد بأكمله.
التعليم والصحة، الركيزتان الأساسيتان لأي نهضة، لم يكونا بمنأى عن الإهمال.
المدارس في حالة مزرية، ونظام التعليم يخدم أقلية صغيرة، بينما تُترك الأغلبية في حالة من التبعية والجهل المتعمد.
قالها النظام بوضوح: "المتعلم يصعب السيطرة عليه"، فكان الحل هو الإبقاء على الأغلبية بلا تعليم حقيقي.
أما قطاع الصحة، فقد أصبح مرتعًا لتسلط رؤوس الأموال، ليجد المواطن نفسه عاجزًا عن الحصول على العلاج.
وفي خضم هذه الأزمات، تبيع الدولة مقدراتها للأطراف الخارجية، لتصبح السيادة مجرد شعار فارغ.
المؤسسات والشركات الكبرى التي كانت تمثل أعمدة الاقتصاد الوطني باتت تُباع بأبخس الأثمان.
نظام كهذا، يتسم بالفساد والاستبداد، لا يمكن أن يكون أملًا لأي وطن.
إذا استمر هذا النظام، فإن مستقبل مصر سيكون مظلمًا، وسيظل الشعب يدفع الثمن.
التغيير الحقيقي لن يأتي إلا من خلال وحدة الشعب وإصراره على استعادة حقوقه ومقدراته.
يجب أن ينهض المصريون ليقولوا "كفى" لنظام لا يعمل إلا لصالح نخبة ضيقة على حساب الوطن والمواطن.
إن الوقت قد حان لكي نستعيد مصرنا، مصر التي تستحق أن تكون وطنًا للجميع، وطنًا يحترم كرامة الإنسان ويوفر له الفرص لتحقيق أحلامه.
بدون تغيير جذري وشامل، ستظل مصر عالقة في مستنقع الفقر والقمع والتبعية. فلنتحد من أجل مستقبل أفضل، لأن مصر تستحق الأفضل.