في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة، شهدت مصر انخفاضًا حادًا في مشتريات الذهب إلى أدنى مستوياتها منذ سبع سنوات، مما يعكس تأثيرات سلبية على قدرة المواطنين الشرائية وتراجع الاستثمار الفردي في الأصول الآمنة.
ووفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي، الذي أوردته الشرق بلومبيرج، انخفضت مشتريات المصريين من المجوهرات والعملات والسبائك الذهبية بنسبة 20% خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
 

تراجع الطلب على الذهب: أرقام تروي الحكاية
   أوضح التقرير الصادر أن إجمالي مشتريات المصريين من الذهب خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024 بلغ نحو 37.9 طن، مقارنةً بـ 45.5 طن في الفترة نفسها من العام الماضي، مما يمثل انخفاضاً كبيراً.
أما في الربع الثالث من هذا العام، فقد انخفض الطلب على الذهب بنسبة 17% ليصل إلى 10.4 طن فقط، بعدما كان 12.6 طن في الفترة نفسها من العام الماضي.
 

أسباب التراجع: تضخم وأسعار قياسية
   يأتي هذا التراجع وسط تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية بمصر، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية مع تصاعد معدلات التضخم، الأمر الذي جعل العديد من المواطنين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية، مما انعكس على قراراتهم الشرائية بشكل عام، والذهب بشكل خاص.
,في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة المحلية، أصبح امتلاك الذهب كأصل مالي مكلفًا بشكل كبير، ودفع بالعديد من المواطنين إلى التخلي عن خططهم في اقتناء الذهب كملاذ آمن ضد التقلبات الاقتصادية.

وفي تعليق على تلك الأرقام، أكد خبراء الاقتصاد أن تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين ساهم في انخفاض الطلب على السلع الكمالية، ومنها الذهب، حيث تشهد السوق حالة من الركود، مما جعل المصريين يلجؤون للبحث عن بدائل أقل تكلفة لتحافظ على مدخراتهم في مواجهة الغلاء والتضخم المتسارع.
 

نظرة على التغيرات الاجتماعية وتأثيراتها الاقتصادية
   الذهب الذي طالما كان يعتبر من أهم الأصول الاقتصادية لدى المصريين، يشهد الآن انخفاضًا في معدل الإقبال عليه، ليس فقط من قبل الطبقات المتوسطة، بل حتى من الطبقات التي كانت تستطيع في السابق تحمل تكاليف اقتنائه.
وبحسب الخبراء، يعود ذلك إلى عوامل اجتماعية واقتصادية ضاغطة؛ إذ أدت الزيادات المتواصلة في تكاليف الحياة اليومية إلى دفع الأسر للتخلي عن الكماليات، بما فيها الذهب.
 

تداعيات اقتصادية أوسع: التراجع في سوق الذهب يعكس تراجع ثقة المستثمرين
   إن هذا التراجع الحاد في سوق الذهب يعكس أيضًا تراجع الثقة في الاقتصاد المصري، حيث بات من الواضح أن القلق يسيطر على الكثير من الأفراد بشأن المستقبل؛ فالتقلبات الاقتصادية والمخاوف من انهيارات أكبر جعلت الأفراد أكثر تحفظًا في قراراتهم الاستثمارية، مما قد يشير إلى تداعيات طويلة الأجل على الاقتصاد المصري، لا سيما إذا استمرت السياسات الاقتصادية الحالية دون معالجة جذرية لأسباب التراجع المتتالي في القوة الشرائية للأفراد.
 

آفاق مستقبلية وتحديات قادمة
   في ظل الظروف الراهنة، يتوقع الخبراء استمرار حالة الركود في سوق الذهب ما لم يتم اتخاذ تدابير فعالة للحد من التضخم وتحقيق استقرار اقتصادي شامل.
كما أن توجهات حكومات السيسي لتحفيز الاستثمار قد تحتاج إلى إعادة نظر جذري في ظل تحديات الواقع المعيشي الذي يواجهه المواطن العادي.

ختاماً، يعكس تراجع الطلب على الذهب واقعًا اقتصاديًا متأزمًا يعيشه المواطنون، ويطرح تساؤلات حول مدى قدرة نظام السيسي على تقديم حلول جذرية وفعالة لتحسين الأوضاع الاقتصادية.