في تقريرٍ جديد كشف عن أزمة غير مسبوقة، أُعلن أن مصر شهدت تراجعًا مروعًا في مؤشر الحريات العالمية، حيث انخفضت البلاد إلى المرتبة 161 من أصل 165 دولة شملها التقرير لعام 2024، بعد أن كانت في المركز 127 في عام 2010.
هذا التراجع الكبير الذي بلغ 34 مركزًا يسلط الضوء على عمق الأزمة التي تضرب البلاد، ويشير إلى تفشي الفساد وتراجع الحقوق والحريات الأساسية في مصر في ظل سياسات نظام السيسي الحالية.
التقرير يعكس تدهور الحريات المدنية والسياسية والاقتصادية
يُعبر هذا الانخفاض في مؤشر الحريات عن تراجع واضح في شتى مناحي الحرية التي تهم المواطن المصري، بدءًا من الحريات السياسية والمدنية ووصولًا إلى الحريات الاقتصادية.
لقد أصبح المواطنون في مصر يعانون من قمع غير مسبوق لحرية التعبير وحرية التجمع، في وقت تُحاصر فيه وسائل الإعلام المستقلة ويُهدد الصحفيون والنشطاء بالعقوبات والاعتقال.
بات واضحًا أن سلطة السيسي تضع أولوياتها في الحفاظ على قبضتها السلطوية، حتى ولو كان ذلك على حساب الحقوق الأساسية للمواطنين.
الأزمات السياسية والحريات المسلوبة: القمع يزداد ويخنق المجتمع
في الوقت الذي كانت فيه حكومات السيسي المتتابعة تروج لوعود بإصلاحات ديمقراطية وتحقيق تقدم في حقوق الإنسان، يأتي الواقع ليُكذب تلك الادعاءات.
أصبحت حرية التعبير والتظاهر السلمي في مصر شبه معدومة، حيث يتعرض المشاركون في التظاهرات السلمية للاعتقال دون تهم واضحة، ويخضع المواطنون لمراقبة صارمة تهدف إلى إسكات أي أصوات معارضة.
تعكس هذه الإجراءات القمعية أزمة بين حكومة السيسي والشعب المصري، إذ أن الخوف والترهيب أصبحا السمة البارزة في الشارع المصري اليوم.
قمع الصحفيين والنشطاء: انتهاكات ممنهجة تهدد الإعلام المستقل
لم تتوقف سلطات السيسي الأمنية عند قمع الحريات الفردية فقط، بل استهدفت أيضًا حرية الإعلام والصحافة المستقلة.
الصحفيون والنشطاء السياسيون يواجهون حملات اعتقال وترهيب ممنهجة، مما يوضح غياب الإرادة الحقيقية لدى نظام السيسي لإحداث أي تغيير إيجابي في مجال الحريات.
تؤكد تقارير حقوقية عديدة أن سلطات السيسي تستغل القوانين بشكل صارم لقمع الإعلاميين والمثقفين، محوّلةً بيئة الإعلام إلى ساحة مغلقة يصعب فيها انتقاد السياسات الحكومية أو التعبير عن الرأي بحرية.
البُعد الاقتصادي للأزمة: الفقر والبطالة في ظل الفساد والمحسوبية
لا تقتصر أزمة الحريات في مصر على الأبعاد السياسية والمدنية فقط، بل تتفاقم أيضًا في الجانب الاقتصادي.
معدلات الفقر والبطالة في ارتفاع مستمر، والمواطنون يواجهون ضغوطًا اقتصادية خانقة في ظل ارتفاع الأسعار وتدني مستويات المعيشة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع سياسات اقتصادية يُنظر إليها على أنها تخدم مصالح فئة صغيرة، حيث يتم توزيع الموارد وفقًا لمعايير المحسوبية والرشوة، مما يؤدي إلى تعميق الفجوة بين الفئات الاجتماعية.
التحديات الدولية: تدهور في المؤشرات الدولية والعزلة السياسية
إن تدني ترتيب مصر في مؤشرات الحريات له انعكاسات سلبية على مكانتها في المجتمع الدولي.
وقد بدأت بعض الدول والمنظمات الحقوقية تعرب عن قلقها المتزايد إزاء تدهور الأوضاع الحقوقية في مصر، ما قد يضع البلاد في موقف محرج دوليًا، خاصة مع تزايد الدعوات الدولية لفرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات تجاه نظام السيسي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
يضاف إلى ذلك أن تدهور مؤشر الحريات يؤثر سلبًا على علاقات مصر الاقتصادية والسياسية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية الهشة التي يعاني منها المواطنون.
تأملات في وعود الإصلاح الحكومية: خيبة أمل متزايدة بين المواطنين
منذ سنوات، كانت حكومات السيسي تطلق وعودًا كثيرة بشأن تحسين الحريات وتحقيق الإصلاحات، لكن هذه الوعود بقيت جوفاء، ويزداد شعور المواطنين بالخيبة نتيجة سياسات تسعى إلى ترسيخ القمع بدلًا من توفير حلول جذرية للأزمات المتفاقمة.
ويتساءل المصريون اليوم عما إذا كانت حكومات السيسي المتتابعة تدرك حجم التحديات التي تواجهها البلاد، وعما إذا كان هناك استعداد حقيقي للاستماع إلى صوت الشعب والعمل بجدية على معالجة الأزمات المستفحلة.