في ظل استمرار الكوارث الإنسانية في مصر، لقي 31 شخصًا مصرعهم، بينهم خمسة أطفال، خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 بسبب سقوطهم في بلاعات الصرف الصحي أو الآبار المفتوحة.
تكشف هذه الحوادث المأساوية عن تقاعس جهات حكومة السيسي المسؤولة عن البنية التحتية في أداء مهامها وغياب إجراءات السلامة الأساسية لحماية المواطنين.
ورغم تكرار هذه المأساة، فإن الاستجابة مؤسسات السيسي ظلت غائبة، ما يضع تساؤلات حول مدى اهتمام السيسي ونظامه بحياة مواطنيه.
من الإسكندرية في الشمال إلى أسيوط وسوهاج في الجنوب، تتكرر مشاهد الموت، تاركةً خلفها أسرًا محطمة وأحياءً يفتقدون الأمان، بينما تتصاعد الدعوات الشعبية لحلول عاجلة، ووقف إهدار الأرواح بهذه الطريقة المؤلمة.
إحصائيات ضحايا الإهمال على امتداد المحافظات المصرية
تشير الأرقام إلى أن مصر شهدت سلسلة من الحوادث القاتلة بسبب السقوط في البالوعات والآبار المكشوفة في عدة محافظات.
ففي محافظة الإسكندرية، كانت البداية بمصرع طفل صغير سقط في بئر مكشوف، وفي حادثة شبيهة تكررت في الشرقية حيث فقد ثلاثة عمال حياتهم إثر سقوطهم في بالوعة صرف صحي تفتقر إلى أدنى معايير الأمان.
وفي محافظة القليوبية، انضم عاملان آخران إلى قائمة ضحايا "بلاعات الموت"، بينما فقد خمسة أشخاص، بينهم طفل، أرواحهم في حادث مماثل في الفيوم.
وتواصلت تلك الحوادث المأساوية في الجيزة حيث لقي أربعة عمال حتفهم أثناء تأدية عملهم، إضافة إلى مصرع اثنين في المنيا.
أما في أسيوط، فقد كانت الكارثة أشد حدة، إذ قضى ثلاثة مواطنين، بينهم طفلان، في حادثة لا تزال تثير موجة غضب عارمة في المحافظة.
تقصير حكومي صارخ واتهامات بالفساد
تكشف هذه الحوادث المتكررة عن تراكمات من الإهمال الحكومي وغياب الرقابة على مشروعات البنية التحتية، حيث تتحمل وزارة الإسكان والمرافق والهيئات المحلية مسؤولية مباشرة في التأكد من تأمين هذه المواقع، لكنها لم تتخذ إجراءات فعالة لمنع الحوادث.
فبالرغم من وضوح خطورة هذه البالوعات والآبار المكشوفة، لم تشهد البلاد عمليات صيانة تذكر، ما يثير الشكوك حول مصير الميزانيات المخصصة لهذه الأمور.
تستمر هذه الحوادث لتلقي بظلالها على الشارع المصري، في وقت يرى فيه المواطنون أن حكومة السيسي تخصص مواردها لمشاريع بعيدة عن تحسين جودة حياة المواطنين.
حيث يتم استثمار الأموال في مشروعات ليست من أولويات الشعب، بينما البنية التحتية الأساسية، والتي تمثل الشوارع والأحياء السكنية، مهملة بشكل غير مقبول.
أين تتجه ميزانيات الصيانة؟
تطرح الحوادث الأخيرة تساؤلات عدة حول مصير الأموال التي ينبغي أن تخصص لتأمين الشوارع والمرافق.
هل هي مخصصة فقط للمشاريع العملاقة والمرافق غير الأساسية؟ لماذا يتم إهمال إصلاح هذه البالوعات والآبار على الرغم من أن هذه المناطق تكتظ بأهالي يعيشون يوميًا تحت رحمة الحوادث المحتملة؟
ويرى مراقبون أن المسؤولية تمتد لتشمل العديد من المؤسسات التي يفترض أن تتعاون من أجل صيانة وتأمين المرافق العامة، إلا أن هذه الجهات تبدو غارقة في بيروقراطية وفساد يجعلها عاجزة عن أداء مهامها الأساسية، بما في ذلك وزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية، اللتان لم تقدما حتى الآن حلولا ملموسة لحماية الأرواح التي تُزهق.
المأساة تتواصل والأرقام تتزايد
تتزايد أعداد الضحايا، ويبدو أن حكومة السيسي عاجزة أو غير مهتمة بإيجاد حلول فورية لهذه الأزمة المتفاقمة.
يصف البعض الوضع بأنه "جريمة بحق الشعب المصري"، حيث تتوالى الحوادث المأساوية بدون أي بوادر لتحسين الأوضاع أو تحمل المسؤولية.
وفي كل مرة يُفقد فيها أحد الأبرياء بسبب الإهمال، يزداد إحساس الشارع المصري بالغضب والخذلان من قبل الجهات المسؤولة.
حياة المواطن المصري: في مهب الريح
بينما تزداد قائمة الضحايا يوما بعد يوم، تستمر حكومة السيسي في تجاهل هذا الملف، وتستمر حياة المواطن العادي بالتدهور في ظل بنية تحتية غير آمنة تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة.
ولعلَّ الأرقام الحالية ليست سوى بداية، إذ قد نشهد المزيد من هذه المآسي ما لم تتخذ الجهات المعنية إجراءات حاسمة لحماية المواطنين وتقديم حلول مستدامة لهذه الكارثة المستمرة.
ختاماً مع وصول أعداد الضحايا إلى 31 ضحية خلال تسعة أشهر فقط، بينهم أطفال، يتضح جليًا أن هناك أزمة إهمال كبيرة تتعلق بالبنية التحتية في مصر.
ولا تزال الحياة اليومية للمواطن العادي مهددة بهذه المخاطر، ويطالب المواطنون بضرورة محاسبة المسؤولين وتوجيه جهود الدولة نحو تحسين البنى التحتية الأساسية قبل التوجه إلى مشاريع غير ضرورية.