شهدت الأسواق المصرية، وخاصة في منطقتي الفجالة والعباسية، انخفاضًا حادًا في الإقبال على شراء الأدوات الصحية، حيث أفاد تجار وموردون عن تراجع بنسبة بلغت 70% في حركة المبيعات مقارنة بنهاية العام الماضي.
يأتي هذا التراجع بالتزامن مع زيادات سعرية كبيرة وصلت إلى 80% منذ بداية العام الجاري، متأثرة بالأزمات الاقتصادية التي تعصف بالأسواق المصرية وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد.
 

أزمة اقتصادية خانقة تصيب سوق الأدوات الصحية بالركود
أدى الانكماش الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم إلى عزوف المستهلكين عن شراء الأدوات الصحية، ما تسبب في حالة من الركود تضرب هذا القطاع الحيوي.
في جولة تفقدية لمناطق الفجالة والعباسية، أكد العديد من التجار أن السوق لم تشهد مثل هذا التراجع منذ سنوات، حيث انخفض الطلب بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع الأسعار، وندرة بعض الأصناف، خاصة تلك التي تعتمد على استيراد المواد الخام أو المنتجات المستوردة بالكامل.

يقول أحمد السيد، أحد تجار الأدوات الصحية بمنطقة العباسية، إن “الزبائن أصبحوا يكتفون فقط بالضروريات، ولم يعد هناك من يستطيع تحمل تكاليف التجديدات أو الصيانات غير الأساسية كما كان الحال سابقاً.” وأشار السيد إلى أن تكلفة الإنتاج ارتفعت بشكل كبير، خاصةً مع ارتفاع أسعار الدولار، ما أدى إلى تضخم الأسعار وانخفاض حجم المبيعات.
 

ارتفاع تكلفة الاستيراد والصناعة المحلية يزيد من الأعباء
يرجع التجار أسباب ارتفاع الأسعار إلى زيادة تكلفة المواد الخام المستوردة، فضلًا عن زيادة تكلفة الإنتاج المحلي بسبب تضخم أسعار الطاقة والضرائب والجمارك.
ومع انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، تضاعفت تكلفة استيراد المعدات وقطع الغيار اللازمة لصناعة الأدوات الصحية.
وصرّح حسن علي، مستورد أدوات صحية بالفجالة، أن الزيادة في الأسعار لم تكن مجرد تكاليف استيراد فقط، بل شملت أيضًا تكاليف النقل والتخزين، ما جعل الكثير من المنتجات الصحية خارج متناول اليد.
 

ضعف القوة الشرائية وزيادة تكلفة المعيشة
وأشار محمود حسين، صاحب محل لبيع الأدوات الصحية في الفجالة، إلى أن القوة الشرائية للمواطن المصري قد تأثرت بشكل كبير نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة في الفترة الأخيرة.
ويقول حسين: “يأتي الزبائن، لكنهم يكتفون بالسؤال عن الأسعار ولا يعودون، لقد اضطررت لتقليص طلبيات المنتجات لتقليل الخسائر في ظل هذا الركود.”

ومع ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والخدمات الأساسية، يجد المستهلك المصري نفسه مضطرًا لتقليل الإنفاق على السلع غير الأساسية، مثل الأدوات الصحية، ما دفع التجار إلى محاولة تقديم بعض التسهيلات، مثل الدفع بالتقسيط، إلا أن ذلك لم ينجح في إعادة تنشيط السوق.
 

توقعات بزيادات إضافية في الأسعار تصل إلى 3% وسط ترقب من السوق
توقع تجار أن تشهد أسعار الأدوات الصحية زيادات جديدة خلال الفترة المقبلة، تتراوح حول 3% إضافية، إذا استمرت الأزمة الاقتصادية.
وذكر محمود كامل، تاجر أدوات صحية في منطقة العباسية، أن "المصنعين والموردين يواجهون ضغوطًا مالية كبيرة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، لذا يتوقع أن يضطروا إلى رفع الأسعار مجددًا".
يشير كامل إلى أن الزيادة المحتملة ستشمل المنتجات الأساسية في القطاع، ما يزيد من أعباء المستهلكين ويزيد صعوبة تأمين احتياجاتهم.
 

التجار يناشدون حكومة السيسي لتدخلات عاجلة لدعم القطاع
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتأثيرها السلبي على قطاع الأدوات الصحية، ناشد العديد من التجار حكومة السيسي للتدخل ودعم القطاع من خلال تخفيض الجمارك والضرائب على المواد الخام المستوردة، أو تقديم دعم مالي يسهم في تخفيض تكاليف الإنتاج والتخفيف من عبء الأسعار على المستهلكين.
ويؤكد أصحاب المحال أن القطاع يعاني من نقص في السيولة وتكدس البضائع دون مبيعات، ما قد يؤدي إلى خروج بعضهم من السوق في حال استمرار هذا التراجع.
 

هل يستطيع السوق الصمود أمام التحديات الحالية؟
يجد التجار وأصحاب الشركات أنفسهم في مواجهة تحديات كبرى تهدد استمرارهم في السوق، ويواجه المستهلكون صعوبة في تغطية تكاليف هذه السلع الأساسية، ما يطرح تساؤلات حول قدرة السوق على الصمود في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة.

في النهاية، يعكس التراجع في قطاع الأدوات الصحية حالة من الانكماش الاقتصادي الشامل، ويؤكد ضرورة تبني استراتيجيات عاجلة لدعم الأسواق وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المستهلكين، حتى لا تصبح السلع الأساسية حلمًا بعيد المنال للعديد من الأسر المصرية.