قدم الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي رثاءً لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس، يحيى السنوار، عبر قصيدته الجديدة "رمى بالعَصَا"، بعد استشهاده في مواجهة مع قوات الاحتلال الصهيوني في رفح جنوب قطاع غزة يوم 16 أكتوبر.
بدأ البرغوثي قصيدته بقوله: "ألا من كريم عده الدهر مجرما.. فلما قضى صلى عليه وسلما"، ثم أشار إلى شخصيات تاريخية اضطهدت لرسالتها النبيلة، مثل "أبو القاسم المنفي عن دار أهله.،وموسى بن عمران وعيسى بن مريما".
وأكمل قائلاً: "أتعرف ديناً لم يسم جريمة.. إذا ضبط القاضي بها المرء أعدما، صليب وقتل في الفراش وعسكر بمصر وأخدود بنجران أضرما"، وهو ما يعكس فكرته حول المفاهيم التي يستخدمها الاحتلال لتجريم النضال المشروع.
يُذكر أن الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، سبق أن اقتبس أبياتًا من قصيدة البرغوثي "نفسي الفداء"، حيث قال منها: "فلقد عرفنا الغزاة قبلكم.. ونشهد الله فيكم البدع.. سبعون عامًا وما بكم خجل.. الموت فينا وفيكم الفزع.. أخزاكم الله في الغزاة.. فما رأى الورى مثلكم ولا سمعوا".
ومع تصاعد وتيرة الأحداث واندلاع عملية "طوفان الأقصى"، جدد البرغوثي تأكيده على أن بداية التحرير بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023، مشيرًا في حديثه ضمن برنامجه "مع تميم"، على قناة "الجزيرة بلاس"، إلى استهداف غزة كونها تمثل أكبر تهديد للعدو بقدرتها وثباتها.
وقال البرغوثي: "لا تعجب من قولي واصبر علي، إن تحريرها كلها.. بدأ.. في حرب عام 2021 قلت إن تحريرها كلها ممكن، وممكن في هذا الجيل بمواجهة شاملة.. وممكن بين الكتلتين الديمغرافيتين في فلسطين التاريخية، وإن اشتباكا عاما في غزة والضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 بين أهل البلد وغزاتهم كفيل بأن يضغط على نظام الفصل العنصري الصهيوني حتى يسقط.. فلا تعود إسرائيل إسرائيل بعد، وإن البلد لن يكون قابلا لأن يُحكم وأكثر من نصف البشر القاطنين فيه يعصون حكامه".
وأضاف البرغوثي: "ما نشهده اليوم هو بداية هذا الاشتباك العام، وكل الاحتمالات مفتوحة، ولكن الأرجح أن إسرائيل، وهي تسعى لتغيير نظام المقاومة في غزة، قد تجد نفسها مضطرة إلى مواجهة تغيير نظام الحكم في تل أبيب".
وفيما يلي نص القصيدة الكاملة:
ألا كَمْ كَرِيمٍ عدَّهُ الدَّهْرُ مُجْرِمًا.. فَلَمَّا قَضَى صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَا
أبو القاسم المنفي عن دار أهله.. وموسى بن عمران وعيسى بن مريما
أتعرف دينا لم يسم جريمة.. إذا ضبط القاضي بها المرء أعدما
صليب وقتل في الفراش وعسكر.. بمصر وأخدود بنجران أضرما
وطفل وديع بين أحضان أمه.. يراوغ جيشا في البلاد عرمرما
وقل نبي لم تلاحقه شرطة.. وأشباهها في كل دهر تصرّما
فمن جوهر التوحيد نفي ألوهة.. الملوك لذا ما زال دينا محرما
ولم يؤمن الأملاك إلا تقية.. وفي الملك شرك يتعب المتكتما
وفرعون والنمرود لم يتغيرا.. بقرنين أو ربطات عنق تهندما
ونحن لعمري نحن منذ بداية.. الخليقة يا أحبابنا وهما هما
نعظم تاج الشوق في كل مرة.. ولسنا نرى تاجا سواه معظما
ونرضى مرارا أن ترضى عظامنا.. عطاشا ولا نرضى دعيا محكما
مسيرة في شرفة البيت صادفت.. جريحا وحيدا يكتسي شطره دما
قد انقطعت يمناه وارتض رأسه.. فشد ضمادا دونه وتعمما
وأمسك باليسرى عصا كي يردها.. فكانت ذبابا كلما ذب حوما
وما أرسلت إلا لأن كتيبة من الجند.. خافت نصف بيت مهدما
وقد وجدوه جالسا في انتظارهم أظنه.. ومن تأخيرهم متبرما
ولو صورت تحت اللثام لصورت.. فتى ساخرا رد العبوس تبسما
تلثم كي لا يعرفوه لأنهم.. إذا عرفوه فضلوا الأسر ربما
ولو أسروه قايضوه بعمره.. لذاك رأى خوض المنية أحزما
فلم يتلثم كي يصون حياته.. ولكن لزهد في الحياة تلثما
فقل في قناع لم يلث لسلامة.. ولكن شعارا في الحروب ومعلما
وقل في جموع أحجمت خوف واحد.. وفي جالس نحو المشاة تقدما
أتى كل شيء كي يسوء عدوه.. ولم يأت شيئا في الحياة ليسلما
رمى بالعصى جيش العدو وصية.. لمن عنده غير العصي وما رمى
رمى بالعصى لم يبق في اليد غيرها.. ومن في يديه العسكر المجر أحجما
غدا مضرب الأمثال منذ رمى بها.. لكل فتى يحمي سواه وما احتمى
جلوسا على الكرسي مثل خليفة.. يبايعه أهلوه في الأرض والسماء
فذلك عرش يرتضيه ذوو النهى.. وذاك إمام قبلة السعد يممى
هنا يصبح الإنسان دينا مجردا.. ويصبح دين الناس شخصا مجسما
أتعرف إن الموت راوية الفتى.. يقول لحق أم لباطل انتمى
يعيش الفتى مهما تكلم ساكتا.. فإن مات أفضى موته فتكلما
شاهد:
https://x.com/TamimBarghouti/status/1850109680724414726