في تصريحاته الأخيرة، أشار زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى أن مصر بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تعيش ظروفًا تشابه تلك التي عاشتها البلاد بعد نكسة عام ١٩٦٧.
تأتي تلك التصريحات في ظل واقع سياسي واجتماعي معقد، مما يثير التساؤلات حول مغزى هذا التشبيه، وما قد يكون خلفه من أبعاد سياسية ورسائل ضمنية، وأثره المحتمل على الشعب المصري.

لقد استخدم السيسي أدواته الأمنية والإعلامية لتقييد الشعب المصري وإسكاته بعد انقلاب عام ٢٠١٣، فقد فُرض على المصريين حصار فكري وعقلي، حيث عملت أبواقه الإعلامية على نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق، سواءً باتهام أبناء الوطن أو بالتحريض عليهم أو بوعدهم بإنجازات خيالية.
وبهذا، استطاع السيسي مدعومًا بقبضة أمنية صارمة أن يسيطر على الشعب ويكبّله،
 ولعله أصبح مطمئنًا إلى هذا التحكم، مستمدًّا قوته من دعم إقليمي ودولي نظير مصالح استراتيجية تضمن تدفق الأموال مقابل بيع مقدرات مصر.

وبينما يواصل السيسي استغلال مقدرات الوطن، يجد المواطنون أنفسهم مثقلين بديون تتزايد عامًا بعد عام، مثل تكاليف العاصمة الإدارية والتوسعات الاقتصادية الوهمية التي تستنزف مدخرات الشعب، فأصبحت الأجيال القادمة مطالبة الآن بسداد ديون المشاريع التى قد لا تراها أو تستفيد منها، ليصبح المصريون مرتهنين في بلادهم تحت هيمنة القوى الاقتصادية الإقليمية.

لقد جعل السيسي من مقدرات البلد بأكملها سلعة يتاجر بها، حتى تاجر بأحلام الأجيال المستقبلية، ونزع الأمل من قلوب آبائهم وأمهاتهم في حياة كريمة.
واليوم، يظهر علينا بتشبيه أن مصر بعد انقلاب ٣٠ يونيو تعيش حالة مشابهة لما مرت به بعد نكسة ١٩٦٧؛ فهل كان انقلاب ٣ يوليو نكسة جديدة؟ نعم هو كذلك ليس فقط فى نتائجه بل فى جميع مكوناته التى شاركت فيه.

لكن السؤال الأهم:
هل يعكس هذا التشبيه شيئًا أخطر؟ هل هو تمهيد لتسليم سيناء أو تهيئة الرأي العام لتغييرات جوهرية في طبيعة السيادة على أراضٍ مصرية؟

من الممكن أن تكون هناك دلالات تشير إلى تمكين قوى أخرى من مناطق معينة، مثل تسليم سيناء بشكل مباشر لليهود أو بطرق أخرى غير مباشرة، من خلال سيطرة شركات معينة ومليشيات متنفذة كحال إمبراطورية العرجاني، التي يبدو أن نفوذها يتفوق على قوات الجيش الرسمية في سيناء.
لعل السيسي يسعى، من خلال هذه الأدوات، إلى تأمين مصالح تحالفه الاستراتيجي مع دول إقليمية وقوى خارجية، ويُقال إن دعم المليشيات وتوفير الحماية لها قد يكون جزءًا من هذه الخطة.

إن كان الوضع كذلك، فهذا بالفعل يمثل البعد الأخطر في تصريح السيسي الأخير.
ومع ذلك، فهل سيظل الشعب المصري مشغولًا بلقمة عيشه البسيطة ولا يدرك أبعاد هذا المشروع؟ أم أن الوطن سيجد من بين أبنائه من يقف في وجه هذا المخطط ويعيد الحق لأهله؟

حتماً سيأتي يوم ينهض فيه الشعب ليطالب بحقه ويضع حدًّا لهذه التجاوزات.


 

( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)