رصدت حملة "أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر"، التي أطلقتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، خلال النصف الأول من عام 2024، إصدار 282 حكمًا بالإعدام.
يأتي هذا الإحصاء في سياق تقرير جديد يحمل عنوان "الطريق إلى المشنقة 2"، وهو التقرير الثالث الذي تصدره الحملة ويستند إلى قاعدة بيانات موسعة حول أحكام الإعدام في مصر.
وتوزعت الأحكام على مراحل قضائية مختلفة، حيث شملت 48 إحالة إلى مفتي الديار المصرية على مستويي الدرجتين الأولى والثانية، و209 أحكام بالإعدام، و21 حكمًا بالإعدام أيدتها محكمة النقض، بالإضافة إلى تنفيذ 4 أحكام بالإعدام على أربعة مواطنين مصريين.
وتوضح هذه الأرقام، وفقًا للبيان الصادر من الحملة، تصاعدًا مقلقًا في تطبيق عقوبة الإعدام بمصر، الأمر الذي اعتبرته دلالة على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في النظام القضائي والتشريعي.
تحليل دوافع الجريمة وعلاقتها بأحكام الإعدام
يسلط التقرير الضوء على أن جريمة القتل العمد، خاصةً تلك التي ترتبط بدوافع الانتقام نتيجة مشاجرات أو ثأر، تشكل الدافع الأكثر شيوعًا وراء أحكام الإعدام في مصر.
وتأتي الدوافع المالية في المرتبة الثانية، وهو ترتيب يشير إلى تغير في طبيعة الجرائم مقارنة بالتقرير السابق "الطريق إلى المشنقة 1".
واعتبرت الحملة أن هذا التحول في الدوافع يعكس تحديات اجتماعية واقتصادية تتفاقم في المجتمع المصري، مما يبرز ارتباط الجريمة بشكل وثيق بالظروف المعيشية التي يعاني منها المواطنون.
دعوة لتقليص الإعدام ومعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للجريمة
أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن قلقها حيال تصاعد أحكام الإعدام، مؤكدة أن استخدام هذه العقوبة يجب أن يكون مقيدًا بالجرائم الأكثر خطورة وفقًا للمعايير الدولية.
وأضافت المفوضية أن الأعداد المتزايدة لأحكام الإعدام تعكس عدم توافق بين العقوبة والعدالة، وتكشف عن علاقة بين ارتفاع الجريمة وازدياد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
كما دعت الحملة إلى اتخاذ تدابير تحدّ من توسع تطبيق هذه العقوبة، ولا سيما في القضايا التي لا تشمل القتل العمد، كخطوة تتماشى مع المبادئ الحقوقية العالمية.
وطالبت الحملة حكومة الانقلاب المصرية بالتركيز على معالجة الأسباب الجذرية للجريمة من خلال تبني سياسات إصلاح اجتماعي واقتصادي، مثل تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص عمل للمواطنين، عوضًا عن الاستمرار في فرض العقوبات القصوى.
وترى الحملة أن معالجة الدوافع الاجتماعية والاقتصادية للجريمة هي خطوة أساسية نحو الحد من الجرائم، ومن ثم تقليص الحاجة إلى العقوبات المشددة كالتي ينطوي عليها حكم الإعدام.
ضرورة إصلاح القضاء وضمان المحاكمات العادلة
أوصت الحملة بضرورة إصلاح النظام القضائي وضمان حقوق المتهمين من خلال توفير محاكمات عادلة وشفافة تعزز مبدأ سيادة القانون.
وأكدت على أهمية مراجعة النظام القضائي لضمان التزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصةً فيما يتعلق بقضايا عقوبة الإعدام التي تتطلب مزيدًا من التحقق والتحقيقات العادلة.
في ظل هذا الارتفاع في أحكام الإعدام، تتزايد الأصوات الحقوقية التي تطالب بإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالعقوبات لضمان تحقيق العدالة ومواكبة المعايير الدولية.
وتعتبر الحملة أن ضمان محاكمات عادلة وشفافة وتطوير النظام القضائي أمر ضروري، ليس فقط للحد من أحكام الإعدام، بل لتحسين واقع حقوق الإنسان بشكل عام في مصر.