نشرت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" تقريرًا يوثق الظروف الصعبة التي يعيشها المعتقلون السياسيون في السجون المصرية، وخاصةً في سجن بدر 3 الذي أُنشئ عام 2021.
ويستند التقرير إلى شهادات عائلات السجناء، كاشفًا واقعًا من التضييق والقسوة يمارَس على المعتقلين خلف الأبواب المغلقة، وسط ضغوط تمنعهم من التواصل مع العالم الخارجي.
 

حالة الزنازين
توضح الجبهة أن سجن بدر 3، مثل بقية السجون الحديثة، يعتمد نظام التحكم الإلكتروني.
وتوجد كاميرات مراقبة في كل زنزانة، إلى جانب مكبرات صوت تستخدمها إدارة السجن لإصدار الأوامر، ما يمنح الإدارة سيطرة كاملة على المعتقلين.
وأشار التقرير إلى وجود فتحتين فقط في باب الزنزانة، الأولى للنظر (وتبقى مغلقة دائمًا)، والثانية تُستخدم لتكبيل المعتقلين قبل خروجهم.
ولا يُسمح لهم بالخروج من زنازينهم دون تقييد، حتى أثناء حضور جلسات المحكمة، ما يعكس القيود الصارمة المفروضة عليهم.
تشير الشهادات إلى منع المعتقلين من ممارسة الرياضة أو زيارة مكتبة السجن، أو حتى الخروج إلى باحات اللعب أو الساحات الخارجية، مما يجعلهم في عزلة تامة عن بعضهم البعض وعن العالم الخارجي.
وحسب روايات أقارب السجناء، تتراوح الزنازين بين سعة تتسع لتسعة أفراد أو أربعة، لكن جميعها مزودة بشباك وحيد صغير يسمح بمرور ضوء الشمس، وتعد هذه التسهيلات "تحسنًا" مقارنة بسجن العقرب، وفقًا لإحدى الشهادات.
 

أزمة المياه
بحسب الجبهة، لا تصلح مياه الصنابير للشرب بسبب كثرة الشوائب، ويعتقد بعض السجناء أن هذه المياه مصدرها الصرف الصحي المعالج.
وبذلك يعتمد السجناء على شراء مياه الشرب من "كانتين" السجن بأسعار مرتفعة، ومع وجود تحديد صارم من قِبل إدارة السجن لعدد زجاجات المياه المتاحة لكل سجين، يصعب على الكثيرين الحصول على الكميات الكافية.
وقد أكدت شهادات ذوي السجناء أن الإدارة تسمح لكل معتقل بشراء زجاجتين من المياه يوميًا، لكن السعر وحجم الزجاجة غير معلنين.
 

رداءة الطعام
يحصل السجناء على وجبتين يوميًا، لكن الشهادات تؤكد أن الطعام المقدم رديء الجودة وقليل الكمية.
ومع منع زيارة الأهل في أغلب الأحيان، لا يتوفر للسجناء إلا شراء الطعام من الكانتين بأسعار مرتفعة، حيث لا يُسمح بإدخال طعام من خارج السجن.
يهدد القائمون على السجن السجناء الرافضين للطعام بالعقاب، مثل الحبس الانفرادي والتجريد.
 

الحرمان من الزيارات والتواصل
أفاد التقرير بأن زيارات السجناء محظورة بشكل شبه كامل، بينما يمنح "الأمن الوطني" الحق لبعض الأفراد بالزيارة بشكل استثنائي.
وقد أشارت الجبهة إلى أن جميع شهادات ذوي السجناء أكدت حرمانهم من رؤية أقربائهم، ما يعزلهم تمامًا عن العالم الخارجي ويزيد من حدة المعاناة النفسية.
 

جلسات الفيديو كونفرانس
منذ إصدار وزير العدل بحكومة الانقلاب قرارًا بالسماح بجلسات تجديد الحبس والمحاكمات عبر الفيديو كونفرانس، أصبحت لقاءات السجناء بالقضاة تجري دون التواصل المباشر.
يؤدي هذا النظام إلى حرمان المعتقلين من التواصل بفاعلية مع محاميهم أو تقديم شكواهم للقاضي، ووفقًا للتقرير، رفض بعض القضاة الاستماع إلى المعتقلين أثناء الجلسات، ما يمنعهم من نقل معاناتهم.
 

تدهور الرعاية الصحية
رغم الادعاءات بأن سجن بدر 3 يحتوي على مستشفى مجهز بالكامل، إلا أن التقرير يكشف عن رفض إدارة السجن طلبات السجناء بالحصول على الرعاية الصحية.
ووفق شهادات، واجه بعض السجناء ضربًا وتعذيبًا عند محاولتهم طلب العلاج، إضافةً إلى فرض قيود صارمة على إدخال الأدوية، حيث يُسمح لبعض المعتقلين بدخول بعض الأدوية بشكل انتقائي.

تثير هذه الانتهاكات المتواصلة في سجن بدر 3 قلق منظمات حقوق الإنسان، حيث تؤكد الجبهة المصرية أن ما يجري من إجراءات لا يتوافق مع القوانين أو اللائحة التنفيذية للسجون المصرية، داعيةً المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف هذه التجاوزات بحق المعتقلين السياسيين، الذين يعانون في صمت بعيدًا عن أي إشراف قانوني أو حقوقي يضمن سلامتهم وكرامتهم الإنسانية.