أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية كبيرة، قرارًا يرفض تغيير وضع القدس القانوني؛ ردًّا على القرار الأمريكي إعلان المدينة عاصمة للكيان الصهيوني.
وأيدت 128 دولة مشروع القرار، مقابل اعتراض 9 وامتناع 35 عن التصويت، وهو عدد مرتفع، فيما انسحبت مالي وأفغانستان عقب التهديدات الأمريكية.
وغادرت المندوبة الأمريكية الجلسة عقب كلمة المندوب الصهيوني الذي قال إن من يدعم مشروع القرار اليوم "مجرد دمى"، وفق زعمه.
ويؤكد مشروع القرار - الذي كانت واشنطن اعترضت عليه بمجلس الأمن - أن أي تغيير في وضع القدس ليس له فعالية قانونية، ويعد باطلاً ويدعو إلى التراجع عنه لسحب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اعتبار القدس المحتلة عاصمة للصهاينة.
ويؤكد القرار أن أي إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس لاغية وباطلة، كما يدعو جميع الدول الامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمدينة القدس.
وكانت واشنطن استخدمت الإثنين الماضي حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار تقدمت به مصر بناءً على طلب فلسطيني يدعو أيضًا إلى إبطال قرار ترمب، بينما أيده بقية أعضاء مجلس الأمن.
وهددت الإدارة الأمريكية الدول التي تنوي التصويت لصالح القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة بقطع المساعدات المالية.
وبدأت، مساء اليوم الخميس، جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند "متّحدون من أجل السلام"؛ للبت في مشروع قرار بشأن القدس إعلان الرئيس الأمريكي دونالد بشأن القدس.
وعقدت الجلسة الطارئة وفق القرار 377 لعام 1950 المعروف بقرار "الاتحاد من أجل السلام"، وعقدت الجمعية العامة عشر جلسات فقط من هذا النوع طوال تاريخها.
ونظرت الجلسة التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بناءً على طلب تركيا واليمن، تداعيات "إعلان ترمب"، ومشروع قرار يرفض أي تغيير على الوضع القانوني للقدس، خاصة بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، وأفشلت خلاله مشروع قرار يخص مدينة القدس.
وأعرب السفير خالد اليماني المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، ممثل المجموعة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مستهل الاجتماع عن الأسف لقيام الولايات المتحدة باستخدام حق النقض الدولي "الفيتو" ضد مشروع القرار الذي قدمته مصر نيابة عن المجموعة العربية لحماية مدينة القدس، ورفض أي محاولة لتغيير وضعها القانوني.
وقال: "نعرب عن استيائنا من نهج الولايات المتحدة في مواجهة 14 صوتًا في مجلس الأمن، كانت تمثل بشكل قاطع الاجتماع الدولي في مدينة القدس الشريف امتثالاً للقانون الدولي".
وأضاف: "قرار الإدارة الأمريكية بشأن مدينة القدس يعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وانتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، ولميثاق الأمم المتحدة الذي يقر بعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة".
وشدد على أن هذا القرار يهدد السلم والاستقرار بالمنطقة والعالم، ويقوّض فرص السلام، ويسهم في تعزيز العنف والتطرف.
وحيّا صمود الشعب الفلسطيني المدافع عن أرضه ومقدساته وتراثه وقوفًا في وجه الاحتلال الصهيوني.
من جانبه، قال وزير خارجية فلسطين رياض المالكي: إن طلب عقد الجلسة هو إعلاء لصوت المجتمع الدولي الذي جسّدته ردود فعل الشعوب ومواقف الحكومات في جميع شعوب العالم كما الأغلبية الساحقة في مجلس الأمن التي تطالب بثبات الوضع القانوني في القدس وبطلان كل المحاولات لتغيير هذا الوضع.
وشكر المجموعة العربية والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز بدعوتها لعقد هذه الجلسة الطارئة بعد أن عرقل "الفيتو" الأمريكي قدرة المجلس في حفظ الأمن والسلم الدوليين، مضيفًا: ومن هنا بات من صلاحية الجمعية العامة تحمل هذه المسئولية بموجب "متّحدون من أجل السلام".
وشدد المالكي على أن القرار الأمريكي لن يؤثر على وضع ومكانة المدينة المقدسة بأي شكل من الأشكال، بل يؤثر على مكانة الولايات المتحدة الأميريكية وسيطًا للسلام، وقال: هي فشلت في اختبار القدس رغم تحذيراتنا وتحذيرات العالم أجمع من التهاون بهذا القرار والمساهمة بتحويل صراع سياسي قابل للحل إلى حرب دينية لا حدود لها.
واستذكر ردات فعل الدول والتجمعات الإقليمية والبرلمانات، والأمين العام للأمم المتحدة، والمرجعيات الإسلامية والمسيحية، مضيفًا: ألا تسأل الولايات المتحدة نفسها لماذا تقف معزولة في موقفها هذا، ولماذا لم يستطع أقرب حلفائها غضّ النظر عن قرارها؟
أوغلو: لن نخذل القدس وفلسطين
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن للفلسطينيين الحق في العيش بحرية وأمان كما كل دول العالم، وهذا ما قلناه من على هذا المنبر مرارًا وتكرارًا، إلا أن كلماتنا لم تؤدِّ إلى أي تغيير، بل استمر الاحتلال غير القانوني، ولم يتمكن الفلسطينيون من التمتع بحقوقهم الأساسية، وأجيال من الفلسطينيين تتعرض لعنف ممنهج ولتمييز.
وبين أن التصويت اليوم ليتذكر الفلسطينيون أنهم ليسوا بمفردهم يواجهون الاحتلال.
وقال: إن الجمعية العامة يقع على عاتقها مسئولية إحقاق الحق والعدالة، وقبل هذا الاجتماع فإن دولة عضوًا في الأمم المتحدة هددتنا وطلبت منا أن نصوت بـ"لا" أو نواجه تداعيات أي قرار، وهذا سلوك غير مقبول، وهذا تنمُّر، وهذه القاعة لن تقبل التنمّر، فليس من الأخلاق إمرار تصويت دولي بـ"البيع".
وأضاف أن التصويت لمصلحة الشعب الفلسطيني سيضعنا في الجهة الصحيحة من التاريخ، وقد حدث ذلك عندما اعترفنا بفلسطين دولة عضوًا في الأمم المتحدة.
وأكد أن تركيا بوصفها رئيسًا لمنظمة التعاون الإسلامي شاركت في تقديم القرار هذا اليوم، ودعت للدورة الطارئة.
وقال: "نيابة عن الأمة التركية نؤكد أن تركيا لن تخذل القدس، والشعب الفلسطيني لن يكون وحده".
مندوب فنزويلا: العالم ليس للبيع
من جانبه، قال مندوب فنزيلا في الأمم المتحدة، في كلمته نيابة عن دول منظمة عدم الانحياز: إن دول المنظمة تعبر عن قلقها مما ترتكبه القوة المحتلة في الأراضي الفلسطينية، ومحاولات تغيير شخصية مدينة القدس وتركيبتها السكانية، وتدين كل انتهاك يحصل في تلك المدينة ومن يرتكبه.
وأضاف أن القرار الأخير بشأن مدينة القدس من الإدارة الأمريكية قرارٌ لاغٍ وباطل، ويشكل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، والتي تعدّ القدس جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية.
من جانبه، قال ممثل إندونيسيا لدى الأمم المتحدة: إن فشل مجلس الأمن في تنبي قرار لمصلحة القدس يشعرنا بالأسف، فنحن نؤكد أن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ"..." أمر مرفوض؛ لأنه يجرح مشاعر العالم ومؤيدي العدالة.
من جانبه، قال ممثل المالديف: إن احتلال الأرض الفلسطينية غير شرعي، وإن وضع مدينة القدس لا يتحدد إلا من خلال تسوية.
من جانبه، قال مندوب المالديف: إن احتلال الأرض الفلسطينية غير شرعي، وإن أي خطوة بخصوص القدس هي انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي.
بدوره، أكد مندوب بنجلاديش أن بلاده ترفض تغيير الطابع العربي والإسلامي لمدينة القدس، محذرًا من التداعيات الخطيرة لهذا القرار الذي من شأنه أن يزيد من العنف.
وقال مندوب إيران إن الكيان الصهيوني ارتكب الجرائم وقتل الفلسطينيين متمتعًا بحصانة من الولايات المتحدة التي دعمته بشكل متواصل، ودافعت عنه في مجلس الأمن الدولي ولدى المجتمع الدولي، وقد استخدمت حق النقض الدولي "الفيتو" للمرة الثالثة والأربعين لتوفير الحماية له وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني، خلافًا لإرادة أعضاء الأمم المتحدة بحل القضية الفلسطينية.
كما أكد ممثل جمهورية الصين أن القضية الفلسطينية تشكل محو اهتمام الأمم المتحدة، وأن وضع القدس مهم جدًا لما فيه من تعقيد وحساسية.
من جانبه، قال ممثل جنوب إفريقيا إن قرار الحكومة الأمريكية بنقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة، قرار مؤسف وغير بناء، وأن من الضروري احترام قرارات مجلس الأمن.
بدوره، قال ممثل ماليزيا إننا نضم صوتنا إلى صوت فنزويلا ودول عدم الانحياز، ونعبر عن قلقنا من اعتبار القدس عاصمة للكيان، فالصراع كلف الكثير للشعب الفلسطيني، والقرار الأخير يعتبر انتهاكًا لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، كما أنه شكل انتهاكًا لقرارات المجتمع الدولي.

